مرّة أخرى يجد رئيس الحكومة يوسف الشاهد نفسه الابن غير المرضيّ عليه صلب نواته السياسية الأولى حزب نداء تونس، وفي أكثر من مناسبة يبرز الفتور والتوتر بين الشاهد وحزبه. وطالما شهدت العلاقة بين الشاهد والمدير التنفيذي لحزب "نداء تونس"حافظ قائد السبسي، والمسيّر الرمزي لكتلته النيابة، توترا غير مسبوق. وتعود أسباب هذه العلاقة المتوترة إلى قرارات اتخدها الشاهد دون العودة الى حزبه، اذ يرى الندائيون انّ الشاهد تمرّد على الحزب الذي قدّم له رئاسة الحكومة، فأصبح يتخذ القرارات والتعيينات دون الرجوع إليه. وتدعّم هذا الخلاف بحركة الولاة والمعتمدين الاخيرة، والتعديلين الوزاريين السابقين، الذين أعلن عنهم الشاهد حيث يطالبه حزبه بنصيب الأسد منها. وفي أكثر من مناسبة وجّهت الانتقادات اللاّذعة لحكومة الشاهد والدعوات الصّريحة الى تنحيته جانبا، مما جعله يتخّذ من حركة النهضة حزاما سياسيا له ولحكومته، ومن اتحاد الشغل حليفه، وقد برهن له عن ذلك في غرّة ماي 2017، عندما أقال وزير التربية ناجي جلول بعد تفاقم الازمة بين وزارته وجامعة التعليم الثانوي. هديّة الشاهد، كانت محلّ هدنة من اتحاد الشغل الذي سعى الى ضمان الاستقرار الاجتماعي إلى حين فقط. الفتور الذي ضرب بقيادت الحزب الواحد، زادت من حدّته الحملة التي أطلقها الشاهد مؤخرا على الفساد والتي أوقعت ب"مهندس" النداء شفيق جراية مموّل الحملة الانتخابية للحزب والذي كان وراء الانتدابات الأخيرة صلبه، وأبرزهم برهان بسيس، ضف الى ذلك قرار إيقاف اطارات أمنية في الدولة، وهو ما تأسّف عليه بسيس وقال: خيرة إطاراتنا في وزارة حسّاسة وممن كانوا في الصفوف الامامية في ملحنمة بن قردان وراء القضبان. هذه "الحرب" القديمة المتجدّدة غذاها قرار سجن جراية فأصبحت المعركة بين الشاهد وحزبه جليّة، وفي هذه المرة بالذات اختار الشاهد المواجهة وقال في كلمة القاها في البرلمان خلال جلسة حوار مع الحكومة، إنّه يعرف الاطراف التي تسعى الإطاحة بحكومة وتغذية التوتر السياسية والاجتماعية. وتساءل الشاهد وأجاب: "من يسعى الى عدم إجراء الانتخابات البلدية؟ ..أنا لي جزء من الاجابة، هناك من لا يرغب في إجراء الانتخابات البلدية في أوانها لانه قد يتعرض إلى ضربة قاسية في طموحاته السياسيّة، ومن يراهن على توتير العلاقة بين اتحاد الشغل والحكومة لانه يعتبر انّ الحرب على الفساد تقترب منه شيء وان حكومة الوحدة الوطنية خطر على الفساد". هذه التصريحات تأبى إلاّ أن تقول بأن ناطقها حمل تحدٍّ الى "متربّصييه وأراد أن يقول من خلالها انه يدرك جيدا أعداءه. ويبدو أنّ الشاهد مرّر رسائل مبطنة إلى حزبه، فرضية تتدعم خاصّة بما سبق وصرّح به المكلف بالشؤون السياسيّة بحركة نداء تونس، الذي صرّح بأنّ حزبه متوجّس من االاستحقاق البلدي المقبلة. وقال إنّ الحزب لايخف حيرته بشان الحكم المحلي ورهانته، وهو يقرّ بأنّ تجربة الحكم المحليّ تجربة غير محسوبة العواقب وقال: "نحن لسنا مع التردد ولكن مع التريث وتساءل هل سيشكل هذا الكيان الجديد تهديدا حقيقيا لوحدة الدولة؟ وأمام تسارع الأحداث يمكن القول ما أشبه اليوم بالامس، فالسيناريو الذي يمرّ به الشاهد سبق وأن عايشه المستقل الذي رشّحه النداء حينها وهو الحبيب الصيد، ولا ننسى تلك الصورة التي التقطها عيون المصورين ورئيس الحكومة السابق والحالي يتسارعان الخطى في حفل التسلّم والتسليم، لكن واقع طبقتنا السياسية يقول لهما منذ ذلك الحين انّكما على نفس الطريق سائران ونهايتكما محددة قبل بدايتكما.