هي بضع دقائق حتى تقع في شرك وكالة أسفار لا تتقن سوى التلاعب بعقول الراغبين في التمتع بحجّ من فئة ال5 نجوم.. هي بعض الصور المركبة لإقامات فخمة وخدمات مثالية في البقاع المقدسة مرفوقة بكلمات مؤثرة عن الحج والعمرة تكفي للانقضاض على فريسة دسمة.. إنه وجه مختلف من أوجه التحيّل الذي أصبح يعاني منه قطاع وكالات الأسفار في تونس، والذي حذّرت منه مؤخرا الجامعة التونسية لوكالات الأسفار والسياحة. ولئن حذرت الجامعة المواطنين من مزودين وهميين لا يملكون أي ترخيص رسمي لممارسة مهنة وكيل الأسفار، إلا أنه يبدو أن هناك من الوكالات المعتمدة والمرخص لها من يتحيل على التونسيين دون حسيب أو رقيب، حيث تلقت حقائق أون لاين اتصالا من مواطن عبر عن تذمره واستنكاره لعملية تحيل تعرض لها مؤخرا من إحدى وكالات الأسفار كلفته ما يزيد عن ال80 الف دينار من أجل تمتيع والدته وشقيقه بخدمات حج استثنائية لم ينعما بها البتة. وتعود أطوار القصة إلى شهر أفريل الفارط، عندما توجه محدثنا إلى وكالة أسفار تأكد من اعتمادها من قبل الديوان الوطني للسياحة التونسية وجامعة وكالات الأسفار، لإتمام إجراءات سفر وإقامة والدته وشقيقه إلى البقاع المقدسة لآداء مناسك الحج. وقام المعني بتسليم القائمين على الوكالة دفعة أولية ب30 ألف دينار قصد الحصول على إقامة فخمة وخدمات مميزة إضافة إلى مصاريف التأشيرة والعبور، قبل أن يقوم يومين قبل سفر الوالدة والاخ الأكبر وتحديدا يوم 2 جوان 2019، بدفع بقية المبلغ المتفق عليه والمقدر ب44 ألف دينار. 77 ألف دينار هو كلفة حج لشخصين، قد تبدو مكلفة مقارنة بأسعار الحج المعتمدة من قبل الدولة، إلا أنها قد تبدو منطقية عندما يتعلق الأمر بوكالة أسفار خاصة ومدة إقامة طويلة بالبقاع المقدسة خاصة وأن المنتفعين بها ميسوري الحال، إلا ان هناك نقاط استفهام كثيرة تحيط بالامتيازات التي أكدت وكالة الاسفار الحصول عليها ولكن الواقع كان مغايرا تماما للوعود المقدمة. كان التاريخ يوافق ال4 من جوان 2019، عندما وصلت الأم والابن إلى البقاع المقدسة ليتفاجآ في المطار بأنهما مطالبان بدفع مبلغ يقدر ب600 أورو لكل منهما كمعاليم "دخولية" أو عبور والتي من المفترض انها دفعت مسبقا عن طريق وكالة الأسفار المعنية، قبل أن ينتقلا إلى فندق لا يمت إلى الفخامة التي حدثتهم عنها الوكالة بصلة، مما أجبرهم على مغادرته نحو فندق ثان في نفس اليوم بإضافة 10 آلاف دينار على نفقتهما الخاصة، ليتجاوز سعر حجهما إلى مكة ال80 ألف دينار. محاولات حثيثة قام بها الابن محدثنا، لاسترجاع المبلغ المتبقي من سعر التأشيرة والبطاقات والذي يقدر تقريبا ب60 الف دينار من وكالة الأسفار المعنية لكن دون جدوى في انتظار عودة المتضررين من البقاع المقدسة لتقديم شكوى لا يخول القانون لسويهما تقديمها، إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه قبل ذلك من الذي يقف وراء بقاء مثل هذه الوكالات بعيدا عن المحاسبة والرقابة، فتكون بمثل هذه الجرأة في التحيل على الآخرين خاصة في رحلات من هذا النوع؟