ما صدر عن وزارة الخارجية التونسية ازاء ثورة الشعب المصري على حكم الاخوان مثير للاستغراب ويبعث شكوكا حقيقية حول ادعاءات الاستقلالية التي وصم بها عثمان الجرندي الذي لم يمض على تقلده لمنصبه كوزير اكثر من خمسة أشهر. جاء موقف وزارة الخارجية التونسية متحيزا ومناصرا بلا تحفظ لموقف التنظيم العالمي للاخوان المسلمين في مناصرة الرئيس المخلوع محمد مرسي ومعاديا لرغبة الملايين من المصريين الذين خرجوا يوم 30 جوان من أجل خلع الرئيس الاخواني. من الواضح بالنسبة لكل المراقبين ان موقف وزير الخارجية عثمان الجرندي مرهون وتابع بلا تمايز لموقفي شيخ مونبليزير من جهة ولموقف ساكن قرطاج المحاصر باللوبي الاخواني من جهة ثانية. وزير الخارجية الذي التزم صمتا القبور ولم يصدر منه اي موقف ملفت للنظر طوال الاشهر الاخيرة منذ توليه مسؤلياته اتحفنا بموقف عنتري يذكرنا بعنتريات حمقاء وورطات سابقة جرت علينا البلاء وحشرت دبلوماسيتنا في مازق سياسية ما زلنا نعاني من تبعاتها الى اليوم. نسي الجرندي كل التقاليد الديبلوماسية التونسية المتميزة بالتحفظ والتوازن وعدم جر البلاد الى معارك وهمية خارجية. اصطف الجرندي بتبعية وراء مواقف شيخ مونبليزير و وعنتريات سجين قرطاج. لم تشفع للجرندي خبرته الديبولماسية التي بدأ مشوراها سنة 1979 واصدر موقفا أقل ما يقال فيه انه يفتقد الى الخبرة الدبلوماسية ومخالف لكل تقاليد السياسة التونسية الخارجية التي تميزت دائما بالتحفظ وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الشقيقة و الصديقة . لم يتفطن الجرندي الى أن موقف التبعية لموقف مكتب الارشاد الاخواني الذي اتخذه زايد فيه على مواقف كل الدول الديمقراطية وكل المواقف العربية. ورطة الجرندي التي من المرجح انها فرضت عليه من قبل من عينوه دفعته الى القيام باتصالات حثيثة من أجل اقناع الاتحاد الافريقي بتجميد عضوية مصر وهي المساعي التي تفطنت لها القاهرة ودفعتها الى استدعاء السفير التونسي في مصر وايصال رسالة قوية له بان يحترم ارادة الشعب المصري في خلع الرئيس الاخواني الفاشل . ردت الخارجية التونسية على القاهرة بعبارة غريبة تقول فيها ان موقف تونس من التغيير السياسي في مصر هو "سيادي ومبدئي" وكأننا بالجرندي يدافع عن تغيير وعمدة او وال في ققصة او بنقردان او حفوز. يا سيدي الوزير: مصر دولة مستقلة شقيقة وتعتبر في التاريخ العربي الحديث مركز الثقل السياسي والثقافي للمنطقة العربية بأكملها . هل كان الجرندي ملزما بان يسير في ركب التبعية لمواقف سياسوية وطائفية ضيقة وان يساند بلا تحفظ مواقف التنظيمات الاخوانية؟! من المؤكد أننا أمام أول امتحان لعثمان الجرندي في وزارة الخارجيةو قد فشل فيه .. فشل الجرندي في الامتحان المصري في ان يؤكد لنا انه فعلا مستقل كما يقولون .