أقرّ البنك المركزي بوجود عملية اختلاس أموال داخله قدّرت بحوالي مليون ومائتي ألف دينار تونسي، وذلك على اثر عملية تدقيق داخلي قامت به مصالحه في شهر ديسمبر 2019. وتفطّن البنك المركزي إلى أن عددا من لفافات الأوراق النقدية الأجنبية لا تحتوي على كامل عدد الأوراق النقدية المسجلة بها، وتولى بتاريخ 27 ديسمبر 2019 إعلام السلط القضائية بالموضوع التي تعهدت بالبحث، كما أذنت بالاحتفاظ بالموظف المظنون فيه.
إلى ذلك اعتبر الخبير الاقتصادي ووزير المالية الأسبق حسين الديماسي أن البنك المركزي مؤسسة عمومية كغيره من المؤسسات معرّض لكلّ الأخطاء والمخالفات والتجاوزات، وأن الكثير من عمليات التدقيق داخل المؤسسات العمومية كشفت عمليات اختلاس أموال وأشياء أخرى غير عادية.
وعبّر حسين الديماسي في تصريح لحقائق أون لاين، اليوم الخميس 2 جانفي 2020 عن أسفه لما يحدث داخل البنك المركزي وجل المؤسسات العمومية، مبينا أن عمليات المراقبة والتدقيق المستمر والجدية وتطبيق القانون على الجميع من شأنها أن تحدّ من الفساد لكن لن تقضي عليه نهائيّا.
وبخصوص إن كان من مؤيدي الدّعوة إلى إلغاء قانون استقلالية البنك المركزي، قال حسين الديماسي: "هذه قضية وطنية كُبرى وكنت ومازلت غير موافق تماما على قانون 2016، الذي يضبط النظام الأساسي للبنك المركزي التونسي وينص على استقلاليته المالية، وأنا أعتبر أن البنك المركزي والحكومة ووزير المالية مسؤولين عن مسار البلاد ولا بد من أن تكون آراؤهم مشتركة وأن لا تكون قراراتهم منفردة".
ولفت إلى أن البنك المركزي واجه معظلة التضخّم التي تسببت بها الحكومة بالترفيع في نسبة الفائدة وهو تصرف ينم عن عدم تنسيق وفهم وأن كل مؤسسة تعمل بمعزل عن الأخرى ولا وجود لتنسيق وتفاهمات في ما بينهم، فلا بد للبنك المركزي ووزير المالية ورئيس الحكومة أن تكون قراراتهم متناسقة.
وفي ما يتعلق بشبهة فساد بودادية أعوان البنك المركزي والتي تتمثل في دعمها بمبالغ مالية هامة دون تحديد سقف ثابت ودون رقابة قانونية، اعتبر حسين الديماسي أن هذا تصرف مجحف وغير مقبول ولا بدّ من وضع سقف للأموال التي يتم دعم الجمعية بها والحدّ من الاسراف داخلها.
وقال الديماسي: "أنا أستغرب هذه التصرفات ولا بدّ لمجلس ادارة البنك المركزي أن يتخذ اجراءات ادارية وأن يحاسب المتجاوزين وأن يطبق القانون".
وكانت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، كشفت في تقريرها السنوي 2018 الصادر مؤخرا، أن البنك المركزي يدعم الجمعية (ودادية أعوان البنك المركزي) بمبالغ مالية هامة دون تحديد سقف ثابت ودون رقابة قانونية وفق الصيغ والاجراءات الوجوبية المنطبقة.
وأمام خطورة هذه الأفعال وجديتها أحالت الهيئة الملف إلى وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس للتعهد وقد أحيلت القضية إلى القطب القضائي الاقتصادي والمالي بتاريخ 25 فيفري 2019.