تنطلق بداية من الإثنين القادم، تجربة محاكمة الموقوفين عن بعد وبواسطة وسائل الاتصال الحديث وآلية الربط المباشر والتخاطب عن بعد وهي تجربة نموذجية أولية بين المحكمة الابتدائية بتونس والسجن المدني بالمرناقية، ستعمم لاحقا على 28 محكمة ابتدائية و16 محكمة استئناف و27 وحدة سجنية، وذلك في عملية مستجدة وسابقة في تاريخ القضاء التونسي والمنظومة الجزائية. وفي هذا الإطار احتضن سجن المرناقية اليوم السبت، تجربة محاكاة لوقائع جلسة قضائية، للوقوف على مدى استعداد كافة الأطراف المتدخلة وجاهزيتها لإنجاح انطلاق التجربة، وذلك من إحدى القاعتين التي تم تجهيزها وتأثيثها، في تطابق تام مع فضاء قاعة الجلسات بالمحكمة. وسيكون سجن المرناقية النواة السجنية الأولى المؤهلة لانطلاق مشروع المحاكمة عن بعد، عبر تأمين التخاطب عن بعد مع المحكمة الابتدائية بتونس، من قاعتي الجلسات 5 و6 بها والمجهزتين بكاميرات عالية الجودة وشاشات تلفزيون ومصادح صوت ووسائل اتصال سمعي بصري فائقة الجودة وشبكة انترنات داخلية ذات تدفق عال. وتندرج هذه التجربة في إطار مشروع العدالة الرقمية الذي يجري إعداده بكلفة جملية تقدر ب 5 ملايين دينار. وقد ارتأت وزارة العدل، التسريع في تنفيذه، في إطار الترتيبات الخاصة، توقيا من تفشي فيروس كورونا. كما اقتضت ذلك إجراءات الحجر الصحي وشروط التباعد الجسدي وتفيعل المرسوم عدد 12 لسنة 2020 المتعلق بإتمام مجلة الاجراءات الجزائية، حسب ما أكدته وزيرة العدل، ثريا الجريبي، في كلمتها الافتتاحية من مقر المحكمة الإبتدائية بتونس. ولاحظت الوزيرة في ربط مباشر مع سجن المرناقية، أن المحاكمة عن بعد ستعتمد على وسائل تقنية فائقة الجودة وذات تدفق عال وستتوفر لها الاحتياطات والإجراءات والتدابير التقنية واللوجيستية اللازمة، مع ضمان كافة مقومات المحاكمة العادلة وحماية المعطيات الشخصية. كما ستُحترم فيها الإجراءات ذاتها المعمول بها في الأوضاع العادية أي حضور المتهم في قاعة الجلسة وستترتب عنها الآثار القانونية ذاتها. من جانبه استعرض مدعي عام الشؤون الجزائية، جمال سحابة، من مقر السجن، أهداف مشروع المحاكمة عن بعد الذي اعتبره "خطوة هامة ستمكّن مبدئيا من تأمين الجلسات في هذا الظرف الوبائي الإستثنائي ودون استشارة الموقوف وذلك بحضور الشهود والمحامين والخبراء بقاعة المحكمة، على أن تصبح في الوضع العادي بإذن من النيابة العمومية وبموافقة الموقوف. وأشار إلى أن هذا الإجراء سيمكّن من التقليص في آجال التقاضي والتقليل من تنقل المودعين الخطرين والتقليص من نفقات النقل إلى المحاكم وتخفيف العبء على أعوان السجون والأمن وتطوير وتحسين مرافق العدالة. وقد تم اختيار سجن المرناقية للشروع في تنفيذ مشروع محاكمة الموقوفين عن بعد، حسب تصريح الناطق الرسمي باسم الهيئة العامة للسجون والإصلاح، سفيان مزغيش، باعتباره الوحدة الأكثر ارتفاعا من حيث طاقة الاستيعاب على المستوى الوطني، إذ يضم ثلث الموقوفين في البلاد (بأكثر من 4 الاف سجين، من جملة 10 الاف سجين بكامل الوحدات السجنية). كما وقع الاختيار على الانطلاق من المحكمة الإبتدائية بتونس بصفتها تضم نحو 53% من القضايا المنشورة بكامل تراب الجمهورية. وأضاف أن هذه التجربة ستعمم على جميع الفضاءات السجينة وذلك بعد تجهيز قاعات الجلسات، بمعدل قاعة جلسة لكل وحدة سجنية، وستكون جاهزة خلال ظرف شهرين ونصف وذلك بالموازاة مع تحضير قاعات المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف. المصدر: وات