سوسة: وزير السيّاحة يشرف على حملة تفقد لعدد من الوحدات الفندقية    دعوة الى تظاهرات تساند الشعب الفلسطيني    وزير الخارجية: تونس ترحب بالأفارقة القادمين اليها بغرض الدراسة أو العلاج أو السياحة أو الاستثمار    رئيس البرلمان يحذّر من مخاطر الذكاء الاصطناعي    تخص الحديقة الأثرية بروما وقصر الجم.. إمضاء اتفاقية توأمة بين وزارتي الثقافة التونسية و الايطالية    وزير السياحة يعلن الانطلاق في مشروع إصدار مجلة السياحة    عمار يطّلع على أنشطة شركتين تونسيتين في الكاميرون    الصحفي كمال السماري في ذمّة الله    رئيسة المفوضية الأوروبية تزورهذا البلد العربي الخميس    6 مليارات لتسوية ملفّات المنع من الانتداب…فهل هيئة المخلوفي قادرة على ذلك    سوسة: القبض على 5 أشخاص يشتبه في ارتكابهم جريمة قتل    صفاقس : خطأ عند الانتاج أم تحيل على المستهلك    وزير الثقافة الإيطالي: نريد بناء علاقات مثمرة مع تونس    تامر حسني يعتذر من فنانة    ملكة جمال ألمانيا تتعرض للتنمر لهذا السبب    بن عروس: حجز 214 كلغ من اللحوم الحمراء غير مطابقة لشروط حفظ الصحّة    مصر.. تصريحات أزهرية تثير غضبا حول الشاب وخطيبته وداعية يرد    التعاون والتبادل الثقافي محور لقاء سعيّد بوزير الثقافة الايطالي    رئيس الاتحاد المحلي للفلاحة ببوعرقوب يوجه نداء عاجل بسبب الحشرة القرمزية..    خط تمويل ب10 مليون دينار من البنك التونسي للتضامن لديوان الأعلاف    وزيرة الاقتصاد والتخطيط تترأس الوفد التونسي في الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية    صادم/ العثور على جثة كهل متحللة باحدى الضيعات الفلاحية..وهذه التفاصيل..    ملامحها "الفاتنة" أثارت الشكوك.. ستينيّة تفوز بلقب ملكة جمال    الرابطة الأولى: تشكيلة النادي البنزرتي في مواجهة نجم المتلوي    دورة اتحاد شمال افريقيا لمنتخبات مواليد 2007-2008- المنتخب المصري يتوج بالبطولة    فرنسا تعتزم المشاركة في مشروع مغربي للطاقة في الصحراء    استقرار نسبة الفائدة الرئيسية في تركيا في حدود 50%    القطب المالي ينظر في اكبر ملف تحيل على البنوك وهذه التفاصيل ..    سيدي حسين : قدم له يد المساعدة فاستل سكينا وسلبه !!    عاجل: هذا ما تقرر في حق الموقوفين في قضية الفولاذ..    دورة مدريد للماستارز: أنس جابر تواجه اليوم المصنفة 35 عالميا    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم السبت 27 أفريل    عاجل/ حماس تكشف آخر مستجدات محادثات وقف اطلاق النار في غزة..    المجلس المحلي بسيدي علي بن عون يطالب السلطات بحل نهائي لإشكالية انقطاع التيار الكهربائي    خبير تركي يتوقع زلازل مدمرة في إسطنبول    عاجل/ نحو إقرار تجريم كراء المنازل للأجانب..    هوغربيتس يحذر من زلزال قوي خلال 48 ساعة.. ويكشف عن مكانه    عاجل/ الحوثيون يطلقون صواريخ على سفينتين في البحر الأحمر..    طقس السبت: ضباب محلي ودواوير رملية بهذه المناطق    كيف نتعامل مع الضغوطات النفسية التي تظهر في فترة الامتحانات؟    مانشستر سيتي الانقليزي يهنّئ الترجي والأهلي    ابتكرتها د. إيمان التركي المهري .. تقنية تونسية جديدة لعلاج الذقن المزدوجة    الكاف..جرحى في حادث مرور..    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    طقس الليلة    عاجل/ ايقاف مباراة الترجي وصانداونز    تألق تونسي جديد في مجال البحث العلمي في اختصاص أمراض وجراحة الأذن والحنجرة والرّقبة    تونس تسعى لتسجيل مقدّمة ابن خلدون على لائحة 'ذاكرة العالم' لليونسكو    بطولة الرابطة 1 (مرحلة التتويج): حكام الجولة الخامسة    منظمات وجمعيات: مضمون الكتيب الذي وقع سحبه من معرض تونس الدولي للكتاب ازدراء لقانون البلاد وضرب لقيم المجتمع    الرابطة 1 ( تفادي النزول - الجولة الثامنة): مواجهات صعبة للنادي البنزرتي واتحاد تطاوين    أخصائي في أمراض الشيخوخة: النساء أكثر عُرضة للإصابة بالزهايمر    تُحذير من خطورة تفشي هذا المرض في تونس..    عاجل : القبض على منحرف خطير محل 8 مناشير تفتيش في أريانة    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد صالح بن عيسى (وزير العدل) ل«التونسية»:23 ألف سجين في تونس منهم 1000 إرهابي من 7 جنسيات
نشر في التونسية يوم 21 - 09 - 2015

ما ضمانات «صكوك التوبة والغفران» ما دام هناك تهميش وخصاصة ودمغجة؟
لدينا 600 سجينة منهنّ 30 إرهابيّة
لن أسمح بأية ضغوطات عليّ
روح قانون المخدّرات الجديد الوقاية والعلاج والعقاب
مازال البعض يظنّ أن «وزير العدل يحكم»
في استراتيجيتنا للإصلاح: دعم استقلالية القضاء، أخلاقيات المهنة وجودة المرفق
حاورته: سنية البرينصي
ما يفوق ال1000 إرهابي داخل سجوننا، منهم 30 إمرأة ومن بينهم جنسيات ألمانية وفرنسية وليبية...كما يوجد 6000 سجين مخدرات وحوالي 23 ألف سجين حق عام وغيرها من أرقام ومعطيات حصرية تنشر لأول مرة تضمنها حوار «التونسية» اليوم مع وزير العدل محمد صالح بن عيسى، تطرق فيه ضيفنا إلى أدق تفاصيل مختلف القضايا الحارقة والمتشعبة ذات مرجع النظر لوزارته وعلى رأسها ملفي الإرهاب والاغتيالات السياسية.
وزير العدل شخص كذلك أدران المنظومتين السجنية والقضائية، وعرض في المقابل استراتيجية عمل وزارته لإصلاح وتطوير هذين المرفقين، مشددا على ضرورة تكريس استقلالية السلطة القضائية وعلى أنه لن يقبل بأية ضغوطات من أي طرف كان لخدمة أجندات سياسية معينة، معلنا أنه يتشرف بأن يحسب على اليسار وعلى الاتحاد العام التونسي للشغل في حال توفرت هذه الشروط...
محمد صالح بن عيسى أعلن كذلك أن حوالي 30 قاضيا سيشرعون بداية من هذا الأسبوع في مباشرة مهامهم بالقطب القضائي الخاص بمكافحة الإرهاب. كما أقرّ بعدم وجود تنسيق بين وزارته ونظيرتها السورية بخصوص ملف الجهاديين، مؤكدا أن القانون يجب أن يطبق على هؤلاء وأنه لا مجال للحديث عن صكوك توبة لمن ثبت تورطه في إراقة الدماء.‍
تفاصيل الحوار في السطور التالية:
ما هي القرارات التي تم اتخاذها لهيكلة المنظومة السجنية ؟
في إطار الرؤية الإستراتيجية لإصلاح المنظومة القضائية والسجنية أعدت الوزارة برنامج عمل خماسي 2019-2015 للغرض، ومن بين محاور هذا البرنامج تحسين جودة الخدمات السجنية وحماية حقوق الموقوفين وذلك بمراجعة النصوص التشريعية والترتيبية، من ذلك: مراجعة مجلة الإجراءات الجزائية والتشريعات المتعلقة بالسجون ووضع طرق بديلة للسجن وإتخاذ إستراتيجية جديدة لإصلاح المساجين وإعادة إدماجهم.
وقد تم الشروع في بلورة الرؤية الإستراتيجية المتبعة في الغرض بأن وقع تنظيم ملتقى حول إصلاح المنظومة السجنية وتم خلاله عرض المخطط العملياتي الخماسي وتحديد الأنشطة المزمع إنجازها، ومن بين هذه الأنشطة العمل على إحداث مدونة أخلاقيات المهنة موجهة إلى أعوان وإطارات مؤسسة السجون والإصلاح وتكفلت المفوضية السامية لحقوق الإنسان ( مكتب تونس ) بوضع الخبرات والإمكانات البشرية والمادية على ذمة الإدارة العامة للسجون والإصلاح وإطاراتها لتحقيق هذا الهدف وسيقع الشروع قريبا في ذلك .
كما سيقع الشروع في النظر في كيفية تحقيق بقية الأهداف المتعلقة بإصلاح المنظومة السجنية وهي محاور الجودة والتواصل والشراكة إذ تم إحداث لجان على مستوى الإدارة العامة للسجون والإصلاح شرعت في تقديم التصورات للنهوض بالمنظومة السجنية مع شركائنا الفنيين والماليين .
كما أنه سيقع الشروع في مراجعة مختلف هياكل السجون والإصلاح وذلك بالتنسيق بين الوزارة والإدارة العامة للسجون والإصلاح قصد تطوير تلك الهيكلية بشكل يسمح بتحسين ظروف عمل إطارات وأعوان السجون وفتح الآفاق لهم في ما يتعلق بالترقيات وإسناد الخطط الوظيفية ، وبشكل يسمح أيضا بتحسين ظروف إقامة المودعين بالوحدات السجنية والإصلاحية وتحسين جودة الخدمات المسداة لهم .
وفي نفس التوجه تم إعداد مشروع لمراجعة التنظيم الهيكلي الحالي لمؤسسة السجون والإصلاح والمضبوطة بالأمر عدد 187 المؤرخ في 2010/06/29 وهو مشروع يتضمن إضافات اضطرارية لتحسين سير العمل ببعض الهياكل المركزية وتطوير أدائها وكذلك لتدعيم التنظيم اللامركزي لمؤسسة السجون والإصلاح . وكمثال عملي على ذلك تم تطوير قطاعي الانتداب والتكوين باعتبارهما قطاعين أساسيين وأضحى يشرف عليهما هيكل إداري مركزي بدرجة مصلحة مركزية .
إخلالات وتجاوزات بالجملة عاينتموها شخصيا خلال زياراتكم إلى عدد من الوحدات السجنية، فهل يكفي الردع لتجاوز هذه النقائص؟ أم أن المنظومة برمتها في حاجة إلى إصلاحات تشريعية وقانونية جذرية ؟
لابد من الإشارة هنا إلى أنه من خلال الزيارات الميدانية التي قمت بها إلى عدد من الوحدات السجنية لم أقف إلى حد الآن على إثباتات قاطعة على وجود تعذيب ممنهج، غير أنه من أهم المشاكل التي تمت ملاحظتها مشكل الاكتظاظ، الذي سعت الوزارة إلى معالجته على مستويين :
مستوى إصلاح المنظومة القضائية: حيث شكلت الوزارة لجانا مختصة متكونة من قضاة متخصصين ومحامين وغيرهم من الخبراء تعنى بمراجعة المجلة الجزائية ومجلة الإجراءات الجزائية ومكلفة كذلك بتقديم مقترحات تتعلق بتصور جديد للسياسة الجزائية والعقابية والسجنية.
كما يتولى السادة القضاة المشرفون على المحاكم تحسيس القضاة الراجعين لهم بالنظر بأن الإيقاف التحفظي هو وسيلة استثنائية كما نص على ذلك الفصل 84 من مجلة الإجراءات الجزائية والمجهود متواصل لتحسيس القضاة بتفعيل التدابير غير الاحتجازية التي من شأنها أن تساعد بقدر المستطاع على إبقاء المتهمين بحالة سراح مع ضمان حضورهم أمام قضاة التحقيق أو الدوائر الحكمية. وبصفة عامة هناك توجه نحو تدعيم العقوبات البديلة وإضافة عقوبات بديلة أخرى بالاستئناس بالقوانين المقارنة .
كما تجدر الإشارة إلى أن الوزارة سعت إلى تفعيل آليتي العفو والسراح الشرطي كحل أولي للحد من الاكتظاظ وتمتيع المساجين المحكوم عليهم بأحكام باتة بهذه الإجراءات كلما توفرت في وضعيتهم الجزائية المقاييس المعمول بها.
مستوى البنية التحتية : وهنا لا بد من التذكير في هذا الصدد أنه بمناسبة أحداث الثورة تم الإضرار بالعديد من السجون بالهدم والحرق وهي أسباب ساهمت في تزايد نسبة الاكتظاظ في العديد من السجون وقد سعت الوزارة بالتنسيق مع الإدارة العامة للسجون والإصلاح إلى إصلاح وترميم الغرف السجنية والأجنحة مع بناء أجنحة جديدة ببعض السجون على غرار سجون مرناق وبرج الرومي وصفاقس والمهدية وصواف وقفصة وقابس وبرج العامري والمنستير والمسعدين وسوسة. أما بالنسبة لأهم المشاريع المستقبلية المتعلقة بالبنية التحتية فيمكن الإشارة هنا بالخصوص إلى بناء وحدة سجنية جديدة بمنطقة بلي من ولاية نابل وبناء القسط الثالث من مشروع مركز تأهيل وتهيئة الإفراج بأوذنة وتقسيم سجن برج الرومي إلى وحدتين منفصلتين وبناء سجن جديد للمحكومين المشغلين .
هل أن إقالة بعض المسؤولين ببعض الوحدات السجنية تبقى واردة؟
نعم ، والإقالات هي جزاء، إما لعدم الكفاءة أو بسبب التورط في مخالفات أو جرائم خطيرة، ذلك دون تشف أو انتقام.
جدل كبير طبع المشهد السياسي والأمني خلال السنوات الأخيرة حول دمغجة واستقطاب للمساجين من طرف المجموعات الإرهابية داخل سجوننا وخاصة داخل سجن المرناقية، بماذا تجيبون؟ وهل من تدابير لمنع الجمع بين مساجين الحق العام ومساجين قضايا الإرهاب مستقبلا؟
نعم الجدل موجود ، ولكنه في رأيي مبالغ فيه ، لأن إدارة السجن على وعي تام بخطورة المسألة، ولذلك عمدت إلى ضبط خطة إجرائية وقائية كفيلة بالحيلولة دون الوقوع في هذا الاستقطاب ، وذلك من خلال إتباع أكثر من أسلوب وآلية عمل في التعامل مع المساجين لا فائدة من كشفها ومزيد التفصيل في الحديث عنها . وقد أثبتت عمليات التقييم الدورية لهذه الآليات والإجراءات الاحترازية نجاعتها في التعامل مع السجناء والموقوفين المتهمين في قضايا إرهابية.
أما في ما يتعلق بإمكانية عدم الجمع، فإن الاتجاه يتمثل في السعي إلى ألّا يؤدي هذا الجمع إلى منح فرصة للعناصر المتشددة لاستقطاب مجرمي الحق العام.
كم عدد الإرهابيين خاصة المصنفين ب «الخطيرين» داخل السجون ؟ وهل هناك جنسيات أجنبية في صفوفهم ؟ وكيف يتم التعامل مع هذه القنابل الموقوتة التي يرى متابعون أن خطرها قائم حتى وهي داخل الزنزانات ؟ ( المقصود قيامهم باستقطاب مساجين الحق العام أو الموقوفين في قضايا عادية لزعزعة الأمن العام ).
يفوق عدد المساجين الإرهابيين المتواجدين بالسجون التونسية الألف، جزء منهم مصنف خطير، أما عن جنسياتهم فتتوزع على 07 جنسيات ( تونسية وجزائرية ومغربية وليبية وفرنسية وألمانية وبرتغالية). أما من حيث التعامل مع هذه الفئة، فإن إدارة السجن تحاول قدر الإمكان فصلهم عن بقية المساجين وفي صورة تعذر الفصل بين الفئتين فإن إدارة السجن وبالتنسيق مع الإدارة العامة للسجون والإصلاح ، تتبع إجراءات أمنية يقع تحديدها مسبقا ، بما في ذلك الإجراءات المتعلقة بالجانب الاستعلامي ، مع التأكيد أن هؤلاء المساجين هم محل متابعة أمنية ومراقبة من قبل إدارة السجن وذلك لتجنب استقطاب مساجين آخرين أو أعوان سجون ، وفي كل الأحوال فإنهم يتمتعون بنفس الحقوق المكفولة لجميع المساجين التي يضمنها القانون المنظم للسجون .
كم عدد مساجين الحق العام ؟
بين 22 ألف و23 ألف والرقم متغير بصفة يومية حسب الوافدين والمغادرين .
هل من إجراءات في الأفق لمراجعة منظومة العفو والسراح الشرطي التي أثبتت الوقائع عدم جدواها باعتبار أن المشمولين بها تورطوا بعد إطلاق سراحهم في قضايا إرهابية وكذلك في جرائم قتل مع الإشارة إلى أن البعض يرى أنه تم سن هذه المنظومة بغاية إشاعة الفوضى والإرهاب في البلاد، كما يصنفها آخرون بأنها أصل البلاء ومفرخة الإرهاب الذي شهدته البلاد خلال السنوات الأخيرة؟
يخضع العفو والسراح الشرطي إلى مقاييس ومعايير موضوعية يراعى فيها البعد الإنساني والبعد الردعي ، ووزارة العدل حريصة على أن تتم معاملة الجميع على قدم المساواة دون تمييز أو تفضيل ، علما أن المسجونين في قضايا إرهابية غير مشمولين بالعفو والسراح الشرطي.
هل من إجراءات لوضع حدّ لمقولة: «الداخلية تشد والقضاء يسيّب»؟
لقد سبق أن فندت هذه الاتهامات لأن قضاتنا على درجة من النزاهة ويصعب معها اتهامهم بالتواطؤ مع الإرهاب ودعمه. أما في خصوص مقولة «الداخلية تشد والقضاء يسيب»، فيجدر التذكير مرة أخرى بأنّ عمل كل جهة مستقل بذاته وتتخذ القرار الذي تراه مناسبا على ضوء قراءة المعطيات المتوفرة، كما أن قرارات الضابطة العدلية في ما يتعلق بممارسة حق الاحتفاظ بذي الشبهة لا يقيّد الجهة القضائية التي تتعهد بمحضر البحث والبتّ بكل استقلالية فيه على ضوء مظروفات الملف وكل المؤيدات المتوفرة به.
هذا فضلا عن أن المشرّع مكّن الضابطة العدلية من الاحتفاظ بذي الشبهة في جميع الحالات التي تقتضيها ضرورة البحث، في حين اشترط لإصدار بطاقة الإيداع ضد ذي الشبهة من طرف الجهات القضائية المختصة توفر حالة التلبس أو ظهور قرائن قوية تستلزم الإيقاف الذي يرجع تقديره لسلطة تلك الجهة وبالتالي واعتبارا لعمومية مؤسسة الاحتفاظ وخصوصية الإيقاف والإيقاف التحفظي فإنه لا يمكن أن يؤدي بالضرورة كل احتفاظ إلى إيقاف، مع التذكير بأن قاضي التحقيق يتمتع باستقلالية تامة في أداء مهامه.
منذ توليكم حقيبة العدل، لوحظت إرادة واضحة لهيكلة وتطوير المنظومة السجنية، في المقابل وصف أداؤكم ب«الضعيف» أو «السلبي» بالنسبة لملف الإرهاب، ما ردّكم؟
نحن نتحرك في مجال السجون وأيضا على المستوى القضائي، يبقى التقييم السلبي أو الإيجابي ينم عن عدم الإحاطة الكافية بوزارة العدل من طرف البعض بخصوص ملف الإرهاب. العملية تتمثل في أن الأمن يقوم بعمله والنيابة تقوم بعمله‍ا. الأمن يقوم بعمله الذي يؤدي الى الاحتفاظ بزيد أو عمر أو استنطاقه ثم إحالته على النيابة العمومية التي تأذن بفتح تحقيق، أين الإشكال إذن؟ ربما الإشكال على مستوى التحقيق، ممكن، هناك بطء أو طول إجرءات وهذا الأمر صحيح ولا ننكره لأن التحقيق في القضايا الإرهابية متشعب وعمل مضن ويستغرق وقتا. كذلك قضاة التحقيق وإلى حد صدور قانون الإرهاب ومنع غسيل الأموال كانوا يباشرون التحقيق في كل القضايا: الفساد والحق العام والإرهاب وغيرها، ولكن بعد صدور قانون الإرهاب أصبح القضاة نيابة وتحقيقا واتهاما متفرغين للقضايا الإرهابية وهذا سيمكن من تحسين مردودية وظروف العمل القضائي في هذا الخصوص. كذلك الوزير لا يتدخل في عمل قضاة التحقيق بل له ملاحظات فقط.وبالتالي اعتبار أدائي ضعيفا أو سلبيا بالنسبة لملف الإرهاب مبني على عدم إلمام كاف بواقع الأشياء. هناك من الناس من يعتقد أن وزير العدل هو من يحكم! ولكن هذا الأمر كان يحدث في عهد بن علي وانتهى بعد الثورة وخاصة بعد إرساء الهيئة الوقتية للقضاء العدلي.
أحد الموقوفين في قضية إرهابية اعترف بتواصله مع تنظيم «داعش» في العراق، وفق ما صرحت به بشرى بن حميدة منذ فترة، والنيابة العمومية لا تحرك ساكنا، فهل يعني ذلك اختراق القضاء من طرف المجموعات الإرهابية مثلما اعتبرت بعض الجهات؟
في البداية أشير إلى أن غياب إصلاح جذري وعميق على مستوى منظومتنا القضائية بعد الثورة وارد ولكن أجزم أن قضاءنا في جانب كبير منه سليم ولم تصل به الحالة إلى أن يصبح مخترقا من قبل المجموعات الإرهابية، ولكن الحديث عن الاختراق من الصعب إثباته بصفة قطعية .وفي المقابل من الثابت أن قضاءنا تعوزه الإمكانيات والظروف المادية المناسبة التي تساعده على حسن الأداء والفصل في الملفات بالأريحية المطلوبة وفي آجال معقولة.
أما بخصوص تحرك النيابة العمومية من عدمه فتجدر الإشارة إلى أن إثارة الدعوى العمومية لا تتوقف على وجود شكاية وذلك على معنى الفصل الثالث من مجلة الاجراءات الجزائية ويعني ذلك أن النيابة العمومية تثير الدعوى العمومية كلما بلغ إلى علمها وجود شبهة أفعال يعاقب عليها القانون الجزائي، وسواء كان بلوغ العلم بواسطة وسائل الإعلام بمختلف أصنافها أو بواسطة إعلام أو إخبار من أي شخص أو أية جهة كانت أو بواسطة التشكي مباشرة لدى النيابة العمومية أو لدى مأموري الضابطة العدلية المخوّل لهم قانونا تلقي الشكايات على معنى الفصل 10 من مجلة الإجراءات الجزائية فإن النيابة العمومية لا تتوانى عن إثارة الدعوى العمومية وممارستها سواء بصورة تلقائية أو كلما بلغتها معلومة ضد كل من يدعو إلى العنف والجهاد أو حرّض أو أشاد بجريمة إرهابية تطبيقا لما نص عليه القانون الأساسي المتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال المصادق عليه من قبل مجلس نواب الشعب في ذكرى عيد الجمهورية يوم 25 جويلية 2015، والمأمول مستقبلا أن ينخرط عمل النيابة في إطار تحديد دقيق للتوجهات الكبرى للسياسة الجزائية للدولة .
ما ردّكم عمّا حدث من تسريبات لمحاضر تحقيق في بعض القضايا الإرهابية؟
يجدر التأكيد على خطورة هذه الأفعال إن ثبتت صحتها، علما أن النيابة العمومية لا تتوانى في التحرك كلما تثار مثل هذه المسائل وقد أذنت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس بإجراء أكثر من بحث تحقيقي في الموضوع ولا زالت الأبحاث جارية بشأن بعض تلك الادعاءات وهناك قضية لا تزال محل متابعة من قبل الجهات القضائية المعنية. مع العلم وأن تسريب الوثائق التي لها علاقة بالتحقيق ممنوع أيضا حتى في المرسوم 115 على الصحفيين قبل الجلسات الحكمية.
هل من تطورات قضائية بخصوص هجومي باردو وسوسة؟
الأبحاث جارية، وكلا القضيتين قيد التحقيق وسرية التحقيقات تمنع علينا تقديم أية معطيات متعلقة بهما.
ملف الاغتيالات السياسية يرواح مكانه والبعض يذهب إلى القول إن الوزارة غائبة أمام هذا الملف ...ماذا يقول وزير العدل؟
في الحقيقة الواقع يثبت عكس ذلك، لأن إجراءات التحقيق والتعهد بقضيتي اغتيال الشهيدين بلعيد والبراهمي ماضية في مسارها الطبيعي والقانوني، والوزارة تتابع ذلك عن قرب وفق ما هو متاح لها من صلاحيات. وبخصوص الإجراءات أقول إن النيابة العمومية أذنت منذ اغتيال الشهيد شكري بلعيد بفتح بحث تحقيقي ضد كل من سيكشف عنه البحث، وتولى قاضي التحقيق التوجه إلى مكان الواقعة وقام بالمعاينات اللازمة وحضر عملية التشريح، كما تولى سماع عديد الشهود وأذن بإجراء الاختبارات الفنيةالتي اعتبرها لازمة. كما أسند قاضي التحقيق إنابة قضائية للوحدة الوطنية للأبحاث في جرائم الإرهاب وقد احتضنت المحكمة الابتدائية بتونس يوم 30 جوان الفارط أولى جلسات محاكمة قتلة الشهيد شكري بلعيد وتم تأخير المحاكمة إلى جلسة ثانية في موفى أكتوبر القادم.
و لعلّي أضيف في هذا الموضع أن هذه القضية عرفت بعض البطء في سير التحقيق وهذا يعزى إلى تشعب القضية ودقة الكشف عن مختلف جوانبها. علما أن الوزارة تلقت بخصوص هذه القضية تظلما في هذا الصدد، وهي حاليا بصدد النظر فيه والعمل على إضفاء المزيد من النجاعة على سير التحقيق في هذه القضية، مع التذكير مجددا أن قضاة التحقيق يتمتعون باستقلالية تامة.
أما في ما يتعلق بقضية اغتيال عضو المجلس الوطني التأسيسي الشهيد محمد البراهمي فقد أذنت النيابة العمومية كذلك منذ حصول الواقعة بفتح بحث تحقيقي ضد كل من سيكشف عنه البحث وقام قاضي التحقيق بكل الأعمال المستوجبة وأسند إنابة قضائية للوحدة الوطنية للأبحاث في جرائم الارهاب. كما أصدر قاضي التحقيق قرارا في ختم البحث يقضي بإحالة 23 متهما على الحالة التي هم عليها صحبة ملف القضية والمحجوز على دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس من أجل الجرائم الإرهابية المنسوبة إليهم مع الإضافة بأن دائرة الاتهام قررت في جلسة يوم 23 / 04 / 2015 إحالة المتهمين على الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بتونس من أجل الجرائم المنسوبة إليهم وقررت رفض مطالب الإفراج.
وبالتالي فالتحقيق جار بشكل طبيعي في قضية اغتيال الشهيد البراهمي وليس هناك أي غياب للوزارة في متابعة هذا الملف وهي بصفتها تشرف على النيابة العمومية تبقى حريصة في نفس الوقت على احترام استقلالية القضاء وسلامة إجراءات التحقيق ولا تملك إلا تقديم طلباتها طبقا لأحكام مجلة الإجراءات الجزائية.
هل تعرضتم إلى ضغوطات سياسية أو ما شابه حتى لا يتقدم التحقيق في قضيتي الاغتيال؟
لا أبدا، لم ولن أسمح بأن تمارس علي أية ضغوطات مهما كان شكلها أو مصدرها سواء كنت وزيرا أو شخصا عاديا. فأنا رجل مبدئي، ولي مبادئ مؤمن بها وملتزم باحترامها ما حييت، واعتبر أن وجودي على رأس وزارة العدل أمانة ومسؤولية جسيمة أتحملها بكل تفان وإخلاص، لا أخدم فيها أي طرف سياسي، مع التزامي بمبدإ التضامن الحكومي.وليس لوزارة العدل سلطة على قضاة التحقيق الذين يعملون باستقلالية تامة وليس لوزير العدل بصفته رئيس النيابة إلا أن يقدم ملحوظاته وطلباته لا غير، مع التأكيد على أن وزارة العدل بواسطة التفقدية العامة يمكنها التثبت والتحقيق في الحالات التي يتبين فيها إخلال واضح بما يوجبه القانون.
هل من جديد في ملف القضاة المعفيين؟
ملف القضاة المعفيين في طريقه إلى الحل النهائي باعتبار أن الهيئة الوقتية للإشراف على القضاء العدلي تعهدت بالنظر في ملفاتهم، كل ملف على حدة وحالة بحالة والتأكد من جدية الدواعي لاتخاذ هذا الإجراء في شأنهم. ووفق ما ستفضي إليه قرارات هيئة القضاء العدلي ستُحدد وضعياتهم القانونية.
هل أنتم مع دعاة عودة الجهاديين ومنحهم «صكوك التوبة والغفران»؟
أنا لا أؤمن بمقولة «منح صكوك التوبة». أنا أؤمن بمعالجة الأسباب، أي أسباب التحاق شبابنا بما يسمى «الجهاد» وأسباب قبولهم بهذه المغامرة. عندما نعالج الأسباب يمكننا فهم النتائج وإذا عالجت السبب بطل العجب كما يقال. كذلك ما ضمانات هذه التوبة ما دام هناك تهميش وخصاصة ودمغجة وغسل دماغ وما دام هناك أزمة انتماء ووجود لدى هؤلاء لأن كيانهم الروحي والوجداني مفقود؟.
القانون اليوم يعاقب كل من تحول إلى أرض أجنبية للقتال، هذا الأمرمجرّم ومن يأتيه يطبق عليه القانون، تطبيق القانون ضروري.
التعامل مع ملف الجهاديين من دور الأجهزة الأمنية التي من مشمولاتها تحديد هوياتهم وتموقعهم وأعدادهم وكذلك متابعتهم وعندما تتم إحالتهم على القضاء وتثبت إدانتهم يطبق عليهم القانون.
هل يوجد تنسيق بين وزارة العدل التونسية ونظيرتها السورية بخصوص ملف الجهاديين؟
نظرا للظروف الإستثنائية وتداعيات الحرب الدائرة في سوريا لم يتسن للوزارتين في البلدين إرساء تعاون وتنسيق في المجال.
كم عدد السجينات في قضايا الحق العام والإرهاب ؟
يبلغ عدد النساء السجينات حوالي 600 سجينة موزّعات على ثمانية سجون ومنهنّ ما يقارب الثلاثين متورطات في قضايا إرهابية.
سجينات تونسيات يقبعن في السجون الليبية، هل من إجراءات لإطلاق سراحهن؟
للأسف ليست هناك نتائج ملموسة في هذا الملف.
هل ستفتح وزارتكم تحقيقا في ملف تسليم البغدادي المحمودي؟
لا توجد لدى وزارة العدل أية نية لفتح تحقيق .
ما هي أهم التنقيحات التي أجريت على قانون المخدرات ؟ وكم عدد المساجين الموقوفين والمحكومين من أجل قضايا المخدرات ؟
لقد أنهت الوزارة كل أطوار صياغة مشروع القانون المنقح لما يعرف بقانون عدد 52 المتعلق باستهلاك المخدرات، والمشروع اليوم معروض على الاستشارة للعموم في بوابة التشريع التابعة لبوابة الحكومة التونسية وقد أصبحت تسمية التشريع الجديد «مشروع قانون يتعلق بالوقاية من المخدرات وعلاج مستهلكيها وزجر التعامل غير المشروع بها» في انتظار عرضه على مجلس الوزراء في الفترة القريبة القادمة.
أما بالنسبة لأهم مميزات هذا المشروع فتتمثل أساسا في اعتماد مفاهيم جديدة في التشريع قائمة على مبدأي الوقاية والعلاج في مكافحة تعاطي المخدرات، لا سيما أن المقاربة القديمة القائمة على الشدة والصرامة في العقاب لم تحل دون تنامي ظاهرة انتشار المخدرات، لذلك سيعتمد المشروع الجديد مقاربة صحية واجتماعية إزاء مستهلكي المواد المخدرة تتمثل أساسا في اعتبارهم مرضى من جهة يستحقون العلاج والإحاطة الاجتماعية والنفسية دون إعفائهم من تحمل المسؤولية الجزائية عند الاقتضاء من جهة أخرى مع إمكانية تطبيق الفصل 53 من المجلة الجزائية بالنسبة للعقوبات التي تفرض على المستهلكين المبتدئين.
كما سيحدث مشروع القانون الجديد هيئة وطنية ولجانا جهوية للتعهد والإحاطة بمستهلكي المخدرات تشرف على تنفيذ العلاج والمراقبة الطبية، فضلا عن تقنين التحاليل البيولوجية في مجال استهلاك المخدرات إلى جانب التنصيص على إحداث مرصد وطنيّ للإحصاء والإعلام والتوثيق والدراسات والبحوث في مجال المخدرات والإدمان تتمثل مهمته الأساسية في تجميع المعطيات المتعلقة بالمخدرات والإدمان وتحليلها وتقييمها ووضعها خاصة على ذمة كافة الأطراف المتدخلة في المجال لتكون قاعدة بيانات متكاملة تساعد على اتخاذ القرار للحد من انتشار هذه الظاهرة والقضاء عليها في مجتمعنا.
وبخصوص عدد المودعين بالسجون من أجل جرائم المخدرات فيبلغ عددهم ما يناهز الستة ألاف سجين منهم ما يقارب النصف موقوفين غير محكومين.
ما هي الإستراتيجية التي ستتبعها الوزارة خلال الخماسية المقبلة لإصلاح المرفق القضائي؟
عملت وزارة العدل على ضبط مخطط عمل استراتيجي للخماسية المقبلة 2015 - 2019 انبثق عن استشارة وطنية موسعة شملت أغلب مكونات المشهد القضائي لمدة ناهزت السنة أفضت إلى تحرير وثيقة تم نشرها عن طريق بوابة الوزارة وعرضها للمناقشة في ملتقى وطني نظم للغرض وذلك بهدف تشريك الفاعلين في المنظومة وانفتاح وزارة العدل على محيطها القضائي والحقوقي لضمان بلوغ الأهداف والنتائج التي تم ضبطها.
ومن ابرز محاور هذه الإستراتيجية :
دعم استقلالية السلطة القضائية:
تنفيذا لأحكام الباب الخامس من الدستور التونسي الجديد قامت وزارة العدل بإحداث لجنة من المتخصصين مهمتها إعداد وصياغة مشروع القانون المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء الذي هو الآن معروض من جديد على أنظار مجلس نواب الشعب بعد الطعن فيه بعدم الدستورية، وتشكيل لجنة لإعداد مشروع قانون يتعلق بإحداث المحكمة الدستورية . وتعمل الوزارة بالتعاون مع بعض الشركاء الدوليين على دعم عمل
الهيئة الوقتية للإشراف على القضاء العدلي من خلال إحداث تطبيقة إعلامية خاصة بإعداد الحركة القضائية لضمان الشفافية في إعداد الحركة القضائية واحترام الضمانات التي نص عليها الدستور.
واعتبارا إلى أن استقلالية السلطة القضائية لا يمكن أن تتحقق دون مراجعة بقية الأطر التشريعية التي هي على صلة باستقلالية السلطة القضائية قامت الوزارة بإدراج مراجعة النصوص المنظمة لها وللمؤسسات الملحقة بها على غرار المعهد الأعلى للقضاء، والإدارة العامة للسجون ضمن أولويات المرحلة المقبلة وقد تم تكوين فرق عمل للغرض سيتم تدعيمها ببعض الخبرات الدولية بهدف تحقيق اكبر قدر من التناسق مع أحكام الدستور والمعايير الدولية وهو ما يقطع حتما مع تفرّد وزارة العدل بالتصرف في المسار المهني للقضاة ويجعل من استقلالية القضاء وحياده شأنا عاما تشترك فيه كافة مكونات المنظومة القضائية بما فيها المواطن.
كذلك واعتبارا لكون العنصر البشري هو محور كل إصلاح، بحيث لا يتسنى تنفيذ البرامج والمخططات دون تأهيل الموارد البشرية للمرفق القضائي عملت الوزارة على ضبط برامج توأمة خاصة بالإدارة القضائية والمعهد الأعلى للقضاء والمؤسسة السجنية تهدف جميعها إلى تكوين ورسكلة الإطارات وصياغة أدلة إجراءات تضبط واجبات ووظائف الكوادر القضائية والمصالح الراجعين لها بالنظر، وقد تم للغرض اختيار شركاء من فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا للمساعدة على تنفيذ هذا البرنامج الطموح بكلفة جملية تناهز 5 ملايين أورو يقدمها الإتحاد الأوروبي في شكل هبة لفائدة الوزارة طيلة السنوات الثلاث القادمة .
إيلاء أخلاقيات المهن القضائية العناية اللازمة:
يقوم القضاء في جوهره على الأخلاق: أخلاق القضاة ومساعدي القضاء، لكن للأسف باستثناء بعض الأحكام القانونية المتناثرة هنا وهناك لم تتم صياغة مدونات سلوك خاصة بالقضاة، والكتبة، وأعوان السجون أو المستشارين القانونيين وهو ما اقتضى تخصيص استراتيجية الإصلاح بمحور يتعلق بتحفيز القضاة ومساعديهم على الشروع في إعداد مدونات سلوك تنبع منهم وتكون مرجعا وضابطا للسلوك والأخلاقيات القضائية وذلك بالتعاون مع الهيئات والجمعيات ذات الصلة بهذا الموضوع. ونأمل حقا أن تكون سنة 2016 سنة المدونات السلوكية.
لكن تجدر الإشارة إلى أن الوزارة لن تقتصر على دعم صياغة ونشر مدونات السلوك بل ستعمل أيضا على تنظيم الندوات والملتقيات وورشات التكوين الخاصة بالأخلاقيات القضائية لتنمية الوعي بأهميتها وتجذيرها في السلوك اليومي للمنتفعين بها. ففي مجال السجون مثلا تعتبر مدونات السلوك وسيلة هامة في القطع مع التعذيب، وفي مجال القضاء تعتبر أداة تقي الجهاز القضائي من الفساد والرشوة وغيرها من الظواهر المرضية.
جودة المرفق القضائي:
يعتبر هذا المحور من أهم المحاور التي تركز عليها استراتيجية الإصلاح باعتبار أن استقلالية السلطة القضائية وتحقيق قضاء عادل وناجز قريب من المواطن لا تتحقق فقط بقضاء مستقل على أخلاق عالية وإنما أيضا بتوفير مقومات العمل القضائي اللائق من حيث البنية التحتية ومن حيث تجهيزات وأدوات العمل وخاصة منها الإعلامية والإنترنات. لذا ستعمل الوزارة على تأهيل وبناء محاكم وسجون يتم تمويلها عبر موازنة الدولة أوعبر آليات أخرى ومنها برنامج دعم إصلاح القضاء،نذكر على سبيل الذكر بناء وتأهيل المحاكم الابتدائية بكل من قابس وصفاقس ونابل التي شرع فيها ومحكمة تونس الابتدائية التي سيتم تنفيذها بداية من السنة المقبلة بإذن الله إلى جانب تأهيل سجني قابس والمسعدين والشروع قريبا في بناء سجن بلي وسجن الهوارب ومركز ملاحظة الأحداث بقمرت ومركز الاحتفاظ ببوشوشة.
أما في مجال الإعلامية فستواصل الوزارة، عبر شبكة التدفق العالي التي تم تركيزها مؤخرا، تنفيذ برنامج الأرشيف الإلكتروني لرقمنة الأحكام كما سيتم العمل على مراجعة التطبيقات الإعلامية الجاري بها العمل حاليا لكي تكون أكثر نجاعة وفاعلية في توفير المعلومة لطالبيها والمضي قدما باتجاه إحداث منظومة إعلامية مندمجة يمكن لمختلف مكوناتها التواصل في ما بينها بيسر لا سيما مع السجل العدلي والكتابة الجزائية للسجون فضلا عن مصلحة العفو والسراح الشرطي .
ونظرا لما للأمن القضائي من أهمية ستواصل الوزارة تنفيذ برنامج المراقبة الإلكترونية لمختلف المحاكم والسجون والمقرات القضائية بالاعتماد على موازنة الدولة ودعم بعض الشركاء الدوليين حيث سيتم استكمال تركيز قاعة مركزية للعمليات كما سيتم تركيز كاميرات مراقبة بالأماكن الحساسة لتفادي سرقة أو اتلاف الملفات القضائية والتصدي لمختلف التهديدات التي قد تمس أمن المنشآت والأفراد.
إلى جانب كل ذلك ستعمل الوزارة على مراجعة منظومة الإجراءات المدنية والجزائية بهدف ضمان سرعة البت في القضايا والحد من ظاهرة العود وتخفيف العبء على المحاكم والسجون كما ستعمل الوزارة بالتعاون مع الجهات الحكومية ذات الصلة على عقلنة إجراءات الاحتفاظ والإيقاف بالتزامن مع تفعيل دور قاضي تنفيذ العقوبات وتفعيل منظومة العقوبات البديلة وبدائل فض النزاعات عبر الاستئناس بأفضل التجارب الناجحة في هذا المجال، ونأمل أن تتم المصادقة على النصوص التشريعية في أحسن الآجال باعتبار أن كل إصلاح يجب أن يكون له أساس قانوني يؤطره.
النفاذ للمرفق القضائي:
بغض النظر عن ضرورة مراجعة منظومة الإعانة العدلية وما لتبسيط إجراءات التقاضي من أهمية في النفاذ للخدمات القضائية، وأخذا بعين الاعتبار حق المواطن في الحصول على المعلومة في آجالها وما للمعلومة من أهمية في نجاعة فصل النزاعات ومن أهمية في تحفيز النشاط الاقتصادي وضبط المخططات والمؤشرات المتعلقة بمكافحة الظاهرة الإجرامية، ستعمل وزارة العدل على إعادة هيكلة الإدارة العامة للإعلامية ومصلحة الإحصاء بهدف تطوير أساليب ومناهج جمع البيانات وأرشفتها وتحليلها ووضعها على ذمة طالبيها ومن ضمنها الإدارات والمصالح المعنية ، كما ستعمل الوزارة على التعريف بنشاطها ونشاط الإدارات الملحقة بها عبر صيانة وإحداث البوابات القضائية كبوابة العدل وبوابة الدراسات القانونية والقضائية وبوابة المعهد الأعلى للقضاء وبوابة السجون والإصلاح، كما ستعمل على انجاز بوابات خاصة بالمجلس الأعلى للقضاء ومحكمة التعقيب ومحكمة الاستئناف بتونس وذلك بالتعاون مع خبراء برنامج دعم إصلاح القضاء الممول من طرف الاتحاد الأوروبي.
الشراكة والتواصل مع مكونات المشهد القضائي:
يعتبر المجتمع المدني ووسائل الإعلام وغيرهم من شركاء المنظومة القضائية المرآة العاكسة لحقيقة الوضع القضائي والسجني لذا تولت الوزارة إدراج هذا المحور ضمن استراتيجيتها المستقبلية ربط علاقات وطيدة وبناءة تهدف إلى تشريكهم في مختلف مسارات الإصلاح التشريعية منها وغير التشريعية كتشريكهم في الندوات وتنظيم التظاهرات التي تنظمها الوزارة، كما تم الاتفاق مع بعض المانحين الأجانب على غرار الاتحاد الأوروبي على تمويل عديد الأنشطة المتعلقة بدعم الجمعيات الناشطة في المجال الحقوقي والقضائي ومن ضمنها الهيئة الوطنية للمحامين وجمعية القضاة ونقابة القضاة، غير أن تعقد الإجراءات الخاصة بالانتفاع بمثل هذا الدعم من جهة وبطئه من جهة أخرى فضلا عن مركزية اتخاذ القرار لدى بعض المانحين قد لا يساعد على تسريع نسق الانتفاع بهذا الدعم في الآجال المحددة وهو ما دفعنا لاقتراح تيسير إجراءات الدعم الخاص بهذا الصنف من البرامج وهو ما تفاعل معه بعض الشركاء على غرار الاتحاد الأوروبي الذي سيتولى خلال السنوات القادمة دعم نشاط هذا الصنف من الجمعيات لتمكينها من مواكبة مسار الإصلاح والانخراط فيه والتفاعل معه.
أنتم من الوزراء المستقلين ولكن من المحسوبين على اليسار والاتحاد وفق ما يراه البعض؟
أنا محسوب على كل من يضع مصلحة تونس فوق كل اعتبار وكل من يضع نصب أعينه مبدأ الدفاع عن دولة القانون والمؤسسات والحريات وحقوق الإنسان وإن كان هذا هو اليسار والاتحاد فأنا أتشرف بأن أحسب عليهما.
متى ينطلق عمل القطب القضائي الخاص بالقضايا الإرهابية؟
تم الشروع في تركيز ونقل الملفات وتهيئة المكاتب، وهذا الأسبوع سينطلق القضاة في مباشرة أعمالهم، وهم في حدود 30 قاضيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.