وزيرة المرأة تدعو إلى مضاعفة الجهود لتكريس الدور الاجتماعي للدولة    غدا...الستاغ تشرع في قبول مطالب التمتع بتسهيل عمليات الخلاص    المغرب يستهل مشواره في كأس أمم إفريقيا بفوز على جزر القمر    فرنسا: ماكرون يُعلن تصنيع حاملة طائرات جديدة    يشغل حوالي نصف مليون تونسي: «معجون» الطماطم... قطاع على صفيح ساخن    تشريعات داعمة للاستثمار والتنمية    مع الشروق : بلا سقف... لكنهم يتمسّكون بالأرض    فضلات في كل مكان والبنية التحتية مهترئة في غياب الصيانة .. قُربة مملكة «الفراولة» والحرف اليدوية... مهملة    «شروق» على الملاعب العالمية ...مبابي يُعادل رقم رونالدو وغوارديولا يُثير «الرّعب»    أخبار النادي الافريقي .. فرع كرة السلّة يُعانق الابداع    افتتاح الشبّاك المُوحّد لإتمام الإجراءات لحجيج ولاية تونس    أولا وأخيرا: الولي الصالح سيدي المعلم    من قبلي إلى الأردن...الفنانة التونسية تتأهّل للدور النهائي لذي فويس    النوم الهادئ لا يبدأ من الدماغ.. بل من الأمعاء... كيف ذلك؟    وزيرة الأسرة تشرف على ندوة المديرين لتقييم ميزانية 2025 وعرض توجهات 2026    رسميا: المغرب يفتتح كأس أمم أفريقيا 2025    كان 2025.. تعرف على ملاعب كأس أمم أفريقيا في المغرب    الكرة الطائرة (الكاس الممتازة 2024-2025): الترجي الرياضي يفوز على النجم الساحلي 3-1 و يحرز اللقب    الليلة: أمطار والحرارة تتراوح بين 6 و9 درجات    عاجل/ وزارة المالية تعلن عن اجراء جديد لخلاص معلوم الجولان..    لتحسين الهضم والتحكم في الشهية.. تعرف على أفضل وقت لتناول التمر..    ستالينغراد الروسية أنهت الحرب العالمية الثانية و كالينينغراد قد تشعل حربا عالمية ثالثة ...    "أنقذتني الكتابة" لآمال مختار: محاولة في كتابة السيرة الذاتية والتشافي من آلام الماضي    بنزرت/ اكثر من 70 مؤسسة صغرى ومتوسطة تشارك في الدورة ال11لمعرض التسوق ببنزرت    القطاع التصديري لتونس يستعيد زخمه في ظل التطلع الى دعم مرتقب خلال سنة 2026    اكتشاف قد يوقف مرض السكري قبل بدايته    دراسة: أكثر من 80 بالمائة من الأمهات يرفضن تلقيح بناتهن ضد فيروس الورم الحليمي البشري    ''توكابر''...الزيت التونسي الأفضل عالميا: وين موجود ووقتاش يتم جنيه؟    اليوم: أقصر نهار في العام    عاجل: ممرضة تحترق داخل مستشفى بالرديف خلال مناوبة ليلية    مرصد المرور: ارتفاع قتلى الحوادث ب 6,27 بالمائة    تونس: وضعية السدود في خطر    قد يكون أخطر ممّا تتوقّع...أضرار تجفيف الملابس داخل المنزل    بلدية تونس تدخل عالم الرقمنة: منظومة GMAO باش تحافظ على العربات وتقلل الأعطاب    مهرجان المنصف بالحاج يحي لفنون العرائس ومسرح الطفل من 21 إلى 28 ديسمبر 2025    كاس امم افريقيا 2025 - مصر تبحث عن انطلاقة قوية امام زيمبابوي الاثنين    اليوم: التوانسة يعيشوا الإنقلاب الشتوي    الأرصاد تُحذّر: انخفاض حادّ في الحرارة وأمطار غزيرة على أجزاء من تونس    السواسي: يخرب جسد قريبه طعنا بسكين حتى الموت !    براكاج قاتل يودي بحياة سائق تاكسي بالقيروان    المنتخب التونسي لرفع الأثقال يتحول إلى الدوحة للمشاركة في البطولة العربية وكأس قطر الدولية    قابس/ آفاق واعدة لقطاع السياحة الاستشفائية بالحامة    فنزويلا تدين احتجاز ناقلة نفط جديدة وتعتبره "قرصنة دولية خطِرة"    القيروان؛ مقتل سائق تاكسي فردي في "براكاج"    ثلاثة فائزين في المسابقة الشّعرية المغاربية لبيت الشّعر بالقيروان    عاجل/ "براكاج" ينهي حياة سائق "تاكسي"..    تونس تخسر 5.2 مليار دينار سنويًا بسبب التهرب الضريبي!    مقتل 10 وإصابة 10 بإطلاق نار في جنوب افريقيا    المغرب يقرر إعادة هيكلة منظومة تسويق وتصدير القنب الهندي القانوني    اختتام الدورة 36 لأيام قرطاج السينمائية: الفيلم المصري "القِصص" يتوج بالتانيت الذهبي (الجائزة الكبرى)    خبراء أمريكيون: ترامب يخفف الرقابة على الماريجوانا لاستمالة الشباب    زيت زيتون "توكابر" يحصد الميدالية الذهبية الممتازة لأفضل زيت زيتون بيولوجي في العالم للمرة العاشرة على التوالي..    وداعًا وليد العلايلي.. النجم اللبناني يغادرنا عن 65 سنة    الليلة هذه أطول ليلة في العام.. شنوّة الحكاية؟    تيك توك تعمل كيان أمريكي مستقل بمشاركة هذه الدولة العربية    عاجل : وفاة الفنانة المصرية سمية الألفي    خطبة الجمعة ..طلب الرزق الحلال واجب على كل مسلم ومسلمة    برّ الوالدين ..طريق إلى الجنة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسرحية "لنڨار".. أو تونس بتفاصيلها المبكية المضحكة
نشر في حقائق أون لاين يوم 28 - 11 - 2020

أيام قليلة تفصل تونس عن عشرية الثورة وحالها لا يبارح مكانه، فقر وتهميش وبطالة وعطالة وصراعات سياسية وتجاذبات حزبية أنهكت الدولة وكتمت ما تبقى من أنفاسها، وفي الأثناء يحاول تونسيون أن يسرقوا بعضا من الحياة على تخوم اللادولة.
عشر سنوات تناسلت فيها تجليات الزيف والوعود الكاذبة وتعمقت فيها معاناة المفقرين والمهمشين وكأن قطار تونس توقّف في محطة واحدة لم يبارحها منذ سنة أحد عشر وألفين رغم كل محاولات الدفع من أفراد خزّنوا أنفاس الثورة في داخلهم.
ومن تفاصيل المحطّة وزخمها استلهم المخرج هيكل الرحالي نص مسرحيته "لنڨار"، نص نهل كلماته من اليومي التونسي في جوانبه المبكية والمضحكة من فرط تناقض أحداثه أو تكررها في هيئات مختلفة.
سينوغرافيا بسيطة تحملك إلى عالم "لنڨار" كما تصوّره المخرج، عالم يحاكي محطة القطارات من لافتات الارشادات المتناثرة في كل ثناياها والمقاعد وتلك الساعة الكبيرة التي تتربع على الحائط.
ومع صوت القطار إذ عانقت عجلاته السكّة الحديدية، تتماهى حالتك الذهنية والنفسية مع التفاصيل فوق الخشبة ومع كل إشارة أو رقم تستحضر ذكرى ما عن محطة القطار وعن سفراته وتتحرر من الزمان والمكان.
المتممات الركحية تثير فيك الحنين وتقحمك في تفاصيل المسرحية، وتتسع حدقتا عينيك وأنت تلاحق خطوات متسقة لأربعة نساء اقتحمن الركح وروت أجسادهن حكايات كثيرة بأسلوب متناغم حتى تخال أنهن يقتسمن روحا واحدة.
في الأثناء تتصاعد نغمات الموسيقى المتماهية مع حركات أجسادهن المتحررة من المكان، ويتحوّل ركح "التياترو" إلى فضاء رمزي تشرّح فيه مسرحية "لنڨار" الواقع التونسي بطريقة مضحكة موجعة في الآن ذاته.
أزياءهن وحركاتهن تقطع الطريق أمام سؤال "من هن؟"، هن عاملات نظافة في محطّة القطار، هن عينة من الفئات المهمّشة التي لم يتغيّر حالها كثيرا بعض الثورة، الفئات التي ترضى بالقليل حتى لا تُحرم منه إن هي احتجت.
من حكاياهن ومن تمثلاتهن للواقع، ينسج المخرج هيكل الرحالي تفاصيل تأويله المسرحي لحال البلاد ويخلق وضعيات كوميدية تحمل في باطنها الكثيرة من التراجيديا، وضعيات محبوكة بعفوية وصدق.
في أحاديث العاملات، إسقاطات سياسية واجتماعية واقتصادية يستدررن منها الضحك ويلقين الضوء على أمراض المجتمع التونسي، وفي علاقتهن برئيس المحطة محاكاة لعلاقة الحاكم والمحكوم والسلطة والشعب.
شد وجذب ومحاولات تحرر وانعتاق، أنفاس ثورية تتصاعد في الأثير لتخنقها أنفاس التزلّف والتلون فلا يتغيّر الوضع وإن بلغ شفا الانفجار ويظل على حاله رغم تواتر الصرخات.
علاقات متشابكة بين عاملات النظافة ورئيس المحطّة والمراقبة وقاطع التذاكر، تحاكي تعقيدات العلاقة بين الفرقاء السياسيين والشعب والمجتمع المدني، علاقات متذبذبة ومهتزة وغير واضحة في أغلبها ولكن الجلي أن كل جهة تحاول أن ترسم لنفسها مربّع أمان.
على إيقاع النص المسرحي ذو اللغة البسيطة المستقاة من اليومي المحكي والمزيّنة بإيحاءات تعكس سوريالية الواقع التونسي، تهادت حركات الضوء على الركح في تناغم مع الموسيقى التي كانت في أغلبها صاخبة.
وإيماءات الممثلين وحركاتهم وتعبيرات أجسادهم ونبرات أصواتهم لم تكن بمعزل عن التناغم الذي خلقه المخرج بين كل العناصر المسرحية ليبدو بنيان المسرحية مرصوصا.
أما أداء الممثلين سمر صمود، وأروى الرحالي، وإيناس بن موسى، وغزوة قلوب (عاملات النظافة)، وصابرين الغنودي (مراقبة)، واسكندر براهم (رئيس المحطة) وبلال سلاطنية (قاطع التذاكر) فقد كان متناغما فيما تملك كل منهم تفاصيل شخصيته وتمكن منها حتّى بدت حركاتهم على الركح عفوية وبسيطة دون مبالغة في الأداء.
وإن تغمرك فوضى المشاعر وأنت تتخطّى أثر النص المسرحي فيستبد بك الوجع وأنت تقهقه، فإنّ مسرحية "لنڨار" حمّالة أمل بين طياتها وهي الناقدة للواقع بأسلوب يجعلك تتفكر وتتأمل وتأول وتسائل ذاتك ومحيطك.
أما خاتمتها ففيها إحالة إلى زمن الجائحة إذ اجتمع كل الممثلين على الركح لمرة واحدة طيلة العرض مرتدين الكمامات ولكن أعينهم كانت تبرق أملا وتفاؤلا ورفضا للواقع الراهن الذي خنق الثقافة والفنون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.