صادم/ 86% من نساء تونس تعرّضن للعنف ولو لمرة واحدة..#خبر_عاجل    أوكرانيا توافق على اتفاق السلام الأمريكي    تونس/اتحاد أوروبي: إطلاق مرحلة ثالثة من طلب مقترحات لتمويل مشاريع فلاحية وصيد بحري وتربية الاحياء المائية    القصرين: تواصل حملات مراقبة معاصر زيت الزيتون لضمان الجودة وشفافية المعاملات    رابطة أبطال أوروبا: مشاكل دفاعية متفاقمة لريال مدريد قبل مواجهة أولمبياكوس    واعظ ديني يتحيّل على مواطنين من خلال "جمع التبرّعات"!!    عاجل : أخبار سارة لفلاحة تونس    دراسة تكشف: حوالي نصف شباب تونس يسألون الانترنات عن صحتهم الجنسية والانجابية    إيداع 5 متهمين السجن في قضية تحيّل إلكتروني بقيمة 3 ملايين دينار    محرز الغنوشي: الشمال الغربي يستقبل أولى التقلّبات الجوّية    بطولة كرة اليد: برنامج مباريات الجولة الخامسة إيابا    سامي الطرابلسي: استمرار قيادتي للمنتخب مرتبطة بتحقيق هذه الأهداف..#خبر_عاجل    عاجل: مستجدات في سرقة متحف اللوفر...ايقافات جديدة    عدد زوّار تونس يزيدة ب10،3٪ إلى حدود 20 نوفمبر    سامي الطرابلسي: الاصابة حالت دون دعوة لاعب النادي الإفريقي.. ولايمكن الإستغناء عن هؤلاء مقابل دعوة الجزيري    عاجل/ العثور على جثة كهل في غابة بهذه الجهة..    وصفها بال"مؤامرة": مرافق ياسر عرفات يكشف لأول مرة تفاصيلا صادمة عن وفاته..#خبر_عاجل    مواجهات وسماع إطلاق نار خلال اعتصامات في اللاذقية بسوريا    للتوانسة المعنيين بالتجنيد: هذه آخر آجال التسجيل    بالصور: عودة يوسف المساكني الى تمارين الترجي    علاش ما نَعطسُوش وقت النوم؟ الحقيقة اللي ما تعرفهاش    عاجل: الإفراط في الفرجة على الانستغرام والتيك توك يسبب ''تعفن الدماغ''    الصالون الدولي للانتقال الطاقي: اكبر تجمع مهني يجمع مختلف المتدخلين في القطاع الطاقي بتونس (الكنزاري)    نجوم الكورة يكتبو أسماء زوجاتهم على المريول... شنوة الحكاية؟    "سينيماد" تظاهرة جديدة في تونس تقدم لعشاق السينما أحدث الأفلام العالمية    بيونة في ذمة الله: الوداع الأخير للممثلة الجزائرية    تصدر الترند: مسلسل "ورد وشوكولاتة" يثير جدلا كبيرا: هل غيّر المسلسل قصة مقتل الإعلامية شيماء جمال..؟    يوم 04 ديسمبر: مسيرة نقابية بمناسبة إحياء الذكرى 73 لاغتيال الزعيم فرحات حشاد    المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك تدعو للتصدي لخطر الهندسة الاجتماعية الرقمية    لقاو نسخة نادرة من سوبرمان وبعوها في المزاد العلني بثمن خيالي!    نجمة الكوميديا الجزائرية 'بيونة' في ذمّة الله    كأس العرب: المنتخب الوطني يتعرف اليوم على منافسيه في دور المجموعات    وزير الصحة يعلن عن إجراءات عملية لتطوير طبّ الإنعاش في تونس    تزامنا مع موجة البرد: نداء هام للمواطنيين وموزعي قوارير الغاز المنزلي..#خبر_عاجل    يوم دراسي بصفاقس حول المكتبات في واقع الذكاء الاصطناعي ... الفرص والتحديات" يوم الاربعاء 26 نوفمبر    من هو اليهودي؟    عاجل: هذا موعد ميلاد هلال شهر رجب وأول أيامه فلكياً    جائزة عربية مرموقة للفاضل الجعايبي في 2025    عاجل: وزير التكنولوجيا تكشف آخر المستجدّات على'' البنك البريدي'' والموزعات الالية    عاجل/ رئيس الجمهورية يتوعد: "الدولة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هؤلاء"..    طقس الييوم: أمطار غزيرة والحرارة بين 14 و23 درجة    سيدي حسين: مداهمات أمنية تطيح ب"قطعون" وإيزي" والنقار" و"المهبول "كبار مروجي المخدرات    مشروع ميزانية 2026: ارتفاع نفقات التشغيل والتكوين المهني بنسبة 5 بالمائة    التوقعات الجوية لهذا اليوم..أمطار بهذه المناطق..    بعد تماثله للشفاء... الفنان أحمد سعد يكشف كواليس ما بعد حادث السيارة    شركات طيران تُلغي رحلاتها بعد ثوران بركان في إثيوبيا    عاجل: أمطار رعدية وسيول محتملة في 7 دول عربية... تحت تأثير الطقس المتقلب    الصين تكشف عن مسيرة ثورية تصطاد الغواصات المختبئة في الأعماق    "اسم فنزويلا أكبر من أن يخرج من فمك".. كاراكاس ترد على مزاعم وزير الخارجية الإسرائيلي    ترامب يطلق إجراءات لتصنيف فروع للإخوان "منظمات إرهابية    تركيا تكشف تهريب 52 مليار دولار بسبب الرهانات غير القانونية    أثارت جدلا سياسيا وتشريعيا.. نهاية "وزارة ماسك"    الفتاوى الشاذة والهجوم على صحيح البخاري    مخاطر الانحراف بالفتوى    في ندوة «الشروق الفكرية» «الفتوى في التاريخ الإسلامي بين الاجتهاد والتأويل»    يوم علمي تكويني حول مرض السكري في القدم يوم الاربعاء 26 نوفمبر بمدرسة علوم التمريض بتونس    سينما المغرب العربي تتألّق في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي 2025    اليوم السبت فاتح الشهر الهجري الجديد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسرحية "لنڨار".. أو تونس بتفاصيلها المبكية المضحكة
نشر في حقائق أون لاين يوم 28 - 11 - 2020

أيام قليلة تفصل تونس عن عشرية الثورة وحالها لا يبارح مكانه، فقر وتهميش وبطالة وعطالة وصراعات سياسية وتجاذبات حزبية أنهكت الدولة وكتمت ما تبقى من أنفاسها، وفي الأثناء يحاول تونسيون أن يسرقوا بعضا من الحياة على تخوم اللادولة.
عشر سنوات تناسلت فيها تجليات الزيف والوعود الكاذبة وتعمقت فيها معاناة المفقرين والمهمشين وكأن قطار تونس توقّف في محطة واحدة لم يبارحها منذ سنة أحد عشر وألفين رغم كل محاولات الدفع من أفراد خزّنوا أنفاس الثورة في داخلهم.
ومن تفاصيل المحطّة وزخمها استلهم المخرج هيكل الرحالي نص مسرحيته "لنڨار"، نص نهل كلماته من اليومي التونسي في جوانبه المبكية والمضحكة من فرط تناقض أحداثه أو تكررها في هيئات مختلفة.
سينوغرافيا بسيطة تحملك إلى عالم "لنڨار" كما تصوّره المخرج، عالم يحاكي محطة القطارات من لافتات الارشادات المتناثرة في كل ثناياها والمقاعد وتلك الساعة الكبيرة التي تتربع على الحائط.
ومع صوت القطار إذ عانقت عجلاته السكّة الحديدية، تتماهى حالتك الذهنية والنفسية مع التفاصيل فوق الخشبة ومع كل إشارة أو رقم تستحضر ذكرى ما عن محطة القطار وعن سفراته وتتحرر من الزمان والمكان.
المتممات الركحية تثير فيك الحنين وتقحمك في تفاصيل المسرحية، وتتسع حدقتا عينيك وأنت تلاحق خطوات متسقة لأربعة نساء اقتحمن الركح وروت أجسادهن حكايات كثيرة بأسلوب متناغم حتى تخال أنهن يقتسمن روحا واحدة.
في الأثناء تتصاعد نغمات الموسيقى المتماهية مع حركات أجسادهن المتحررة من المكان، ويتحوّل ركح "التياترو" إلى فضاء رمزي تشرّح فيه مسرحية "لنڨار" الواقع التونسي بطريقة مضحكة موجعة في الآن ذاته.
أزياءهن وحركاتهن تقطع الطريق أمام سؤال "من هن؟"، هن عاملات نظافة في محطّة القطار، هن عينة من الفئات المهمّشة التي لم يتغيّر حالها كثيرا بعض الثورة، الفئات التي ترضى بالقليل حتى لا تُحرم منه إن هي احتجت.
من حكاياهن ومن تمثلاتهن للواقع، ينسج المخرج هيكل الرحالي تفاصيل تأويله المسرحي لحال البلاد ويخلق وضعيات كوميدية تحمل في باطنها الكثيرة من التراجيديا، وضعيات محبوكة بعفوية وصدق.
في أحاديث العاملات، إسقاطات سياسية واجتماعية واقتصادية يستدررن منها الضحك ويلقين الضوء على أمراض المجتمع التونسي، وفي علاقتهن برئيس المحطة محاكاة لعلاقة الحاكم والمحكوم والسلطة والشعب.
شد وجذب ومحاولات تحرر وانعتاق، أنفاس ثورية تتصاعد في الأثير لتخنقها أنفاس التزلّف والتلون فلا يتغيّر الوضع وإن بلغ شفا الانفجار ويظل على حاله رغم تواتر الصرخات.
علاقات متشابكة بين عاملات النظافة ورئيس المحطّة والمراقبة وقاطع التذاكر، تحاكي تعقيدات العلاقة بين الفرقاء السياسيين والشعب والمجتمع المدني، علاقات متذبذبة ومهتزة وغير واضحة في أغلبها ولكن الجلي أن كل جهة تحاول أن ترسم لنفسها مربّع أمان.
على إيقاع النص المسرحي ذو اللغة البسيطة المستقاة من اليومي المحكي والمزيّنة بإيحاءات تعكس سوريالية الواقع التونسي، تهادت حركات الضوء على الركح في تناغم مع الموسيقى التي كانت في أغلبها صاخبة.
وإيماءات الممثلين وحركاتهم وتعبيرات أجسادهم ونبرات أصواتهم لم تكن بمعزل عن التناغم الذي خلقه المخرج بين كل العناصر المسرحية ليبدو بنيان المسرحية مرصوصا.
أما أداء الممثلين سمر صمود، وأروى الرحالي، وإيناس بن موسى، وغزوة قلوب (عاملات النظافة)، وصابرين الغنودي (مراقبة)، واسكندر براهم (رئيس المحطة) وبلال سلاطنية (قاطع التذاكر) فقد كان متناغما فيما تملك كل منهم تفاصيل شخصيته وتمكن منها حتّى بدت حركاتهم على الركح عفوية وبسيطة دون مبالغة في الأداء.
وإن تغمرك فوضى المشاعر وأنت تتخطّى أثر النص المسرحي فيستبد بك الوجع وأنت تقهقه، فإنّ مسرحية "لنڨار" حمّالة أمل بين طياتها وهي الناقدة للواقع بأسلوب يجعلك تتفكر وتتأمل وتأول وتسائل ذاتك ومحيطك.
أما خاتمتها ففيها إحالة إلى زمن الجائحة إذ اجتمع كل الممثلين على الركح لمرة واحدة طيلة العرض مرتدين الكمامات ولكن أعينهم كانت تبرق أملا وتفاؤلا ورفضا للواقع الراهن الذي خنق الثقافة والفنون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.