Titre    عاجل: حمى غرب النيل تصل تونس: 80٪ من المصابين لا يظهر عليهم أي أعراض    بعد اصابة ثانية في زغوان: تعرف على أعراض حمى غرب النيل    مباراة ودية: الملعب التونسي يواجه اليوم نادي لوبوبو الأنغولي    تونس: ارتفاع قتلى حوادث الطرقات ب8,39% خلال الأشهر الثمانية الأولى من 2025    تصفيات كاس العالم 2026: المنتخب التونسي من اجل قطع خطوة اضافية نحو التاهل للمونديال    نهضة بركان يتعاقد مع اللاعب التونسي أسامة الحدادي    ارتفاع متوسط سعر المتر المربع للشقق السكنية ب4%..    تأجيل موعد انطلاق أسطول الصمود المغاربي لكسر الحصار عن غزة من تونس    زغوان: تسجيل إصابة ثانية بمرض "حمّى غرب النيل" منذ اوت المنقضي    هام/ كميّات الأمطار المسجّلة بعدد من مناطق البلاد..    ماتش حاسم في رادس: كيفاش تسابقت المنتخبات التونسية ضد ليبيريا؟    نابل: أكثر من 397 نشاط ديني احتفاء بذكرى المولد النبوي الشريف    عاجل/ حادثة مقتل تونسي على يد الشرطة في مرسيليا..فتح تحقيق اداري وندوة صحفية مساء اليوم..    شيرين تعتذر من ياسر قنطوش    مفتي الجمهورية: الإحتفال بالمولد النبوي حلال    عاجل/ نتائج الحملة الوطنية المشتركة لمراقبة المستلزمات المدرسية..    اسرائيل تعلن اعتراض صاروخ أُطلِقَ من اليمن..#خبر_عاجل    عاجل: وزير الداخلية الفرنسي يُؤكد على الطبيعة الفردية للحادث...التفاصيل    النادي الإفريقي: محمد الشافعي يكشف عن ملف فساد جديد    تأمينات BIAT والترا ميراج الجريد اشعاع رياضي وثقافي وشراكة مجتمعيّة فعّالة    عاجل/ ارتفاع حصيلة ضحايا التجويع في غزة الى 367 شهيدا..    الحماية المدنية: 472 تدخلا من بينها 91 لإطفاء الحرائق خلال ال24 ساعة الماضية    اليوم: أمطار متفرقة في المناطق هذه...وين؟    الديوانة تحذر: ''الزطلة'' والكوكايين تغزو تونس! أرقام صادمة تكشف الخطر الحقيقي    اليوم: فتح الممر تحت الجسر على الطريق بين جبل الجلود ولاكانيا    عاجل: الدخول ''بلاش'' غدوة للمتاحف والمعالم الأثرية...شوف الشروط    ''الاعتماد الوطني'': 170 مخبراً في خدمة التونسيين، وثلثاها من القطاع الخاص    المولد النبوي: مِشْ كان احتفال، تعرف على السيرة النبوية...منهج حياة ودروس خالدة    الكرملين يرد على ترامب: بوتين لا يتآمر مع شي وكيم ضد أمريكا    أول تعليق من ترامب على إشاعة وفاته..وصورة اليد تنتشر ثانية..#خبر_عاجل    بطولة كرة اليد: برنامج مباريات اليوم من الجولة الثالثة ذهابا    هيئة الصيادلة: الأدوية الخاصة بهذه الأمراض ستكون متوفّرة خلال الأسبوع المقبل    بن عمر: نطالب بمراجعة التعاون الذي ينص على إعادة قبول المهاجرين..    الزهروني: مداهمات أمنية تطيح بمجرمين خطيرين محل 17 منشور تفتيش    تظاهرة "سينما الحنايا" يوما 6 و7سبتمبر الجا ري    عاجل: الاعلان عن برنامج الحملة الوطنية للتلقيح ضد داء الكلب في هذه الولاية    صدور الامر المتعلق بإدماج الأعوان المكلفين بتأطير ومرافقة التلاميذ بالمدارس الإعدادية والمعاهد    صيف 2025 الأكثر حرّا على الإطلاق في هذه الدولة    قفصة: حجز 40 كلغ من الحلويات المستعملة في عصيدة الزقوقو    وزارة الصناعة: اجتماع لجنة قيادة دراسة الجدوى للمشروع المندمج للنقل الهيدروليكي للفسفاط    أسرة الفقيد الشاذلي القليبي تهب مكتبته الخاصة لدار الكتب الوطنية    الجامعة المتوسطية للعلوم التقنية تتحصل على خمس علامات جودة وتعلن عن تعليم مجاني في السنة الأولى    مسرحية "سلطة سيزار": صرخة فنية من قلب معاناة ذوي الهمم في تونس    عثر عليه بقنال مجردة ..التحقيق في ملابسات وفاة الصحفي مروان الهدواجي    قصر النجمة الزهراء يحتضن الملتقى الدولي للفنون من 5 إلى 8 سبتمبر    أسرة الشاذلي القليبي تهب مكتبته لدار الكتب الوطنية    هام/ فتح هذه الطريق بداية من الغد..    توننداكس يتراجع الثلاثاء عند الاغلاق بنسبة 34ر0 بالمائة في ظل تداولات هامة سجلتها سوق البورصة    وزارة الصناعة والمناجم والطاقة تحدد سعر شراء الكهرباء المنتحة من الغاز الحيوي    العالم يشهد خسوف كلي للقمر..وهذا موعده..#خبر_عاجل    90 بالمائة منها ليس لديها بديل: نقص حاد في هذه الأدوية..# خبر_عاجل    خزندار: إيقاف منحرف خطير محل 14 منشور تفتيش    الإفتاء المصرية تحسم الجدل: صيام يوم المولد يجوز شرعًا    انطلاق عملية بيع تذاكر "عرض السيرك الخيري"    عاجل/ نشرة متابعة للوضع الجوي..    هيئة السلامة الصحية: حجز وإتلاف 15 طنا من "الزقوقو" والفواكه الجافة غير الآمنة    صيف المبدعين ..الشّاعرة لطيفة الشامخي .. الكُتّاب ،سيدي المؤدّب وأوّل حِبْر عرفته    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"قربان" نجيب بلقاضي.. دراما سيكولوجية مطرزة بتفاصيل الحجر الصحّي
نشر في حقائق أون لاين يوم 11 - 12 - 2021


يسرى الشيخاوي- جدّة/ السعودية
من رحم الجائحة، ومن تفاصيل الحجر الصحي، والوقع النفسي للإغلاق الذي طال كل شيء عقب تفشي فيروس كورونا وتغلغله في اليومي، نسج المخرج نجيب بلقاضي أحداث فيلمه الروائي الطويل "قربان".

وهذا الفيلم يراود ذاكرتك ويدغدغ خاناتها التي اختزنت مواقف كثيرة فرضتها المتغيرات الصحية التي طرأت دون إيذان، ويقحمك في تجربة نفسية مربكة، وفكرة هذا العمل السينمائي الذي يروي الجائحة على طريقته بزغت ساعة الحجر الصحي والتأمت ملامحها وأدرّت السيناريو الذي جاء محبوكا ومنسابا ومشحونا بالمشاعر.

في الفترة ذاتها، انطلق تصوير الفيلم الذي تجري كل أحداثه تقريبا في منزل نجيب بلقاضي، مشاهد أغلبها داخلية تعمق تلقّيك للحالات النفسية للشخصيات، وعلى إيقاع حياة الزوجين "قيس" و"سارة" أثناء الحجر، يثير الفيلم أكثر من قضية منها الصحة النفسية ووقع الحجر في الدواخل والرفق بالحيوان وحماية البيئة ووضع اللاجئين والعنف الزوجي ونقص الأدوية والبطالة القصرية.

تفاصيل كثيرة اقتبسها نجيب بلقاضي من اليومي في فترة كورونا، ورسم منها ملامح دراما سيكولوجية تراقصك على إيقاع أبعاد اقتصادية واجتماعية واقتصادية وصحية وبيئية.

وفيما تعمل "سارة (سهير بن عمارة) عن بعد وتحاول أن تجد حلولا لفئات أرهقتها الجائحة وعمقتها مشاكلها، يصارع "قيس" (نجيب بلقاضي) حالة الذهان، على إيقاع أخبار الفيروس.

على إيقاع أحداث لا تحتكم إلى نسق خطي وتراوح بين الواقعي الفعلي والمتخيل الكامن في ذهن "قيس"، تجول الكاميرا في تفاصيل مختلفة من المنزل وتحول دونك والملل.

وأسلوب التصوير في الفيلم يجعلك تتأرجح بين عالمين، أحدهما رحب ممتد لا يعترف بالجدران والآخر ضيق تعانق فيه الجدران بعضها البعض، أسلوب يتناغم مع الحالة النفسية ل"قيس".

أما المؤثرات الصوتية، على قلّتها، فإنها تغوص بك في حرب نفسية وتستحضر معها تلقّيك لتفشي كورونا في تونس، وأنباء الحجر الصحي، والهوس بالكمامة والمعقم وتعمق إحساس الخوف كلما أصيب شخص مقرب بهذا الفيروس.

وطيلة الفيلم، تتغير زوايا التصوير وتتبدّل القضايا وتتقلب الشخصيات بين الانفعالات والحالات النفسية والذهنية، إلا الإحالات إلى كورونا تظل صامدة لا تتلاشى، ومع تدفق المشاهد التي جاءت بالأبيض والأسود، يسري فيك توتر "قيس" ويسري بك في عوالم سيكولوجية ارتسمت ملامحها بوضوح في الفيلم الذي اعتنى بالتفاصيل جيّدا.

وفي أسلوبه الإخراجي يستنطق نجيب بلقاضي الصمت، ويترجم نظرات القط "باقيرا"، ويحوّل كل الجماد إلى شخصيات مستقلة بذاتها ويصنع من التحام الضوء والعتمة حدثا يتأجج على أعتابه الصراع النفسي.

وعلى نسق الأيام المتشابهة بشكل يفتح الطريق أمام الروتين والرتابة، تتحرك الكاميرا في اتجهات مختلفة وتلامس جوانب قد تبدو للبعض غير ذات جدوى ولكنها محرار إنسانية، جوانب موغلة في العاطفة لم تأخذ حيزا كبيرا من التصوير ولكنها لم تمر مرور الكرام.

واللافت في الفيلم، أن المخرج وكاتب السيناريو نجيب بلقاضي يجيد التنقل بسلاسة بين المواضيع الكثيرة التي عايشها التونسيون خلال الحجر الصحي، حتى أنك تستشعر لوهلة أن المشاهد مقتطفة من ذاكرتك.

وفي بعض المشاهد التي تطرأ دون إيذان لتورطك في الصراع النفسي ل"قيس"، يتبدّى لك المغزى من عنوان الفيلم "قربان"، الكلمة التي تحيل إلى أن لكل شيء مقابلا وألا شيء يأتي صدفة.

ظرفية ولادة الفيلم، تشكل ملامحه زمن الحجر الصحي، تصويره بأقل فريق ومعدات، اختزال الشخصيات، واستبطان كل تلك المشاعر المتولدة عن الجائحة، عناصر وشحت الفيلم بكثير من الصدق عمقته البساطة التي طالت كل شيء فيه.

البساطة في "قربان" تأتي رديفة للعمق الذي يخاطب في الإنسان إنسانيته ويفتح عينيه على تفاصيل من يومه قد يمر عليها دون أن يلقي لها بالا، تفاصيل قد تفضي به إلى أن يكون قربانا.

وفي العرض الثاني للفيلم في مهرجان البحر الاحمر السينمائي الدولي حيث يشارك في المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة، صدحت اللهجة التونسية في قاعة العرض واستدرت تفاعلات مشاهدين سعوديين وشرّعت باب النقاش بخصوص أسلوب التصوير.

وبعيدا عن الإخراج الذي ولّد فيه فضاءات كثيرة داخل فضاء واحد، والسيناريو الذي كتبه بطريقة مكثفة ومحبوكة، نجح نجيب بلقاضي كممثل في تقمص شخصية "قيس" بكل تفاصيلها.

والمتامل في أدائه، سيلاحظ تمكنه من مفاصل الشخصية عبر حركاته وسكناته وسيل الكلام والصمت المباغت والإيماءات والانفعالات، وعبر تقلبه بين حالات متناقضة دون ان يقطع عليك حالة الانغماس مع الشخصية.

وليس من السهل على الممثل أن يجاري البناء السيكودرامي للشخصية إذ لا يتعلق الأمر بما يبديه الجسد من خطاب ولا بالتفاعل الخارجي، بل بما تحمله الشخصية في داخلها وتعكسه عبر قنوات مختلفة كما فعل بالقاضي.

وما يحسب لصاحب فيلم "قربان" اختياره للممثلة سهير بن عمارة لتشاركه هذه الرحلة التي تلتبس فيها المشاعر وتختلط على إيقاع تناغم واتساق بين الممثلين اللذين سخّرا جسديهما وروحيهما ليشحنا الشخصيات بمشاعر مشحونة بالصدق.

وفي دور "سارة" برهنت سهير بن عمارة مرة اخرى انها ممثلة لا تكرر نفسها وأنها تبعث حيوات مختلفة في شخصياتها وتتقلب بين تفاصيل الشخصية بصدق وعمق وسلاسة.

دون مبالغة في الأداء، انتقلت من حالة إلى أخرى واستبطنت معاناة المقربين ممن يعانون أمراضا نفسية، ليكون حضورها طاغيا وسط مراوحة بين تعبيرات مختلفة تترجمها نظراتها في كل مرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.