كثيرة هي الأمراض التي تنهش أجساد المصابين بها بعيدا عن الأعين، كثيرة هي الأمراض غير المعروفة لدى فئات واسعة ولكنها احتلت حياة المصابين بها دون إيذان، كثيرة هي الأمراض التي نقف أمامها عاجزين عن استيعاب مدى قوة الاشخاص الذين تحملوها.. من هذه الأمراض مرض التصلب اللويحي أو التصلب العصبي هذا المرض الذي يهاجم أعضاء مختلفة في الجسم ويخلف حالة من الإعاقة الوقتية والتي قد تكون سريعة أو ممتدة في الزمن، هذا المرض الذي لم أكن لأسمع عنه لولا مشاهدتي لمرحلة بعنوان "وردة الرمال" لرضا بوقديدة وهي تطرح تأويلا فنيا لهذا المرض. المختلف في هذه التجربة التي يتماهى فيها الإنساني والفني، الابطال الخمسة ممثلون هواة جمعهم الركح ومرض التصلّب، من أعراض المرض ومن تجارب المصابين به نسجوا تفاصيل المسرحية التي نبشت في مرض حينما تطلع على ما يخلفه في الجسد تنحني للمصابين به. الكثير يعاني من هذا المرض الذي يختزل معنى الصراع اليومي من أجل الحياة، من أجل التغلب على أعراض تتبدل وتتغير لتتخذ في كل مرة هيئة جديدة لا تنفع معها "المسكنات"، هذه المعاناة الجسدية التي ترافقها معاناة نفسية صورها مسلسل "حرقة" للمخرج الاسعد الوسلاتي في جزئه الثاني من خلال شخصية "رياض". "رياض"، أحد النزلاء في سجن "باليرمو" انطلقت معه أعراض التصلب اللويحي بتنميل في يده حتى تصلب كل جسده وعجزت أطرافه عن الاستجابة له ولرغبته في الوقوف والتحرك، كل هذه التفاصيل أجاد الممثل تجسيدها خاصة في مشهد الذي يحاول فيه نكران التصلب الذي طال يده ولكنها لا تستجيب ويرتسم الوجع في عينيه. تنميل وضعف في أحد الأطراف، وأحاسيس شبيهة بالصدمات الكهربائية وانحناءات في الرقبة ورعاش وانعدام التوازن وفقدان جزئي أو كلي للرؤية وتداخل في الكلام وتأتأة وإرهاق ودوار ووخز يسري في كل الجسم وغيرها، بعض من أعراض هذا المرض. والتصلب اللويحي هو مرض مناعة ذاتية إذ يقوم جهاز المناعة بمهاجمة نفسه، وهي عملية تؤدي إلى إتلاف طبقة الميالين وهي المادة الدهنية التي تغلف الألياف العصبية في الدماغ والعمود الفقري وتقوم بحمايتها. وأعراضه مختلفة ومتنوعة حسب الأعصاب المصابة وشدّة الإصابة، في الحالات الصعبة يفقد المصابون به القدرة على المشي أو التكلم، ومن الصعب جدا تشخيص المرض في مراحله على اعتبار أن أعراضه غير دائمة. وهذا المرض الذي مازال لم سبحان بكل أسراره قد يظهر في أي عُمْر وكنه في العادة يبدأ بالتطور في عمر ما بين 20 - 40 عامًا، وفق بعض الدراسات التي أشارت أيضا إلى أنه يصيب النساء بشكل أكبر من الرجال.
