تمر الايام رتيبة في تونس دون حل جذري للازمة التي تعيشها البلاد. أزمة سياسية برداء اقتصادي او هي اقتصادية بغطاء سياسوي. لا يهم.لا أحد ينكر وجود الأزمة ولا أحد في صالحه ان تتواصل. لان تواصلها يعني سير البلاد نحو المجهول الذي لن تستفيد منه الا قوى الردة والفوضى والذين يأملون ان تلتحق تونس بالبلدان التي تعيش على وقع المليشيات والاضطرابات اليومية. ما أبًد الازمة السياسية،حتى الان، شيئان على الاقل: غياب بدائل ضغط حقيقية للمعارضة و وصول اعتصام الرحيل الى منتهاه تقريبا . والسبب الثاني يرتبط بالاول ويتعلق باحساس قيادات النهضة، الطرف الاقوى في الترويكا، ان جبهة الانقاذ مجتمعة لم تستطع تغيير المعادلة سياسيا حتى الان في اتجاه يدفعها الى مغادرة الحكم طوعا أو كرها. هناك اقرار ضمني داخل الحزب الاقوى في الترويكا ان عامل الزمن يسير لصالحها ، وانه كلما طالت الازمة كلما تقلص هامش مناورات المعارضة و تجذرت أكثر حالة التطبيع مع الوضع القائم. من الواضح ان المشاورات التي تجري خارج الوطن، سواء في الجزائر او في عواصم اخرى، تدفع في اتجاه القول بأن المأزق الداخلي وانسداد الحلول السياسية دفع بالاطراف المتنازعة الى محاولة ايجاد اوراق اخرى لحلحلة الازمة الداخلية. الم تكن اللقاءات التي جرت في باريس ومؤخرا في الجزائر تدويلا للازمة الداخلية؟! سؤال مسكوت عنه في أروقة المعارضة كما في صفوف الترويكا! مخاطر تدويل الازمة الداخلية مآلاتها واضحة . و الاستقواء بالقوى الاقليمية والدولية نتيجته الفعلية ارتهان القرار الوطني للاملاءات الخارجية مع كل ما يستتبع ذلك من نتائج يعلمها الجميع. لقد وصلنا الى أقاصي النفق. و مطلوب من جميع الاطراف ان تصل الى حل ينهي الازمة داخليا بعيدا عن التدخلات الخارجية ويضع حدا لحالة الشلل التي تصيب الاقتصاد والتي من نتائجها المباشرة تردد المستثمرين المحليين والاجانب ومغادرة بعضهم للاستثمار في مناطق أخرى أكثر استقرارا ووضوحا اقتصاديا. ماذا ينتظر الفاعلون السياسيون عندنا؟ هل تنتظر النهضة، الطرف الاقوى في الترويكا،من المعارضة تصعيدا في الشارع مع العودة المدرسية والجامعية لحلحلة الوضع ؟! وهل تراهن المعارضة على انحراف نهضوي عنيف في التعامل مع الاحتجاجات من اجل كسر شوكة استعصائها؟! وضع الانحباس السياسي الحالي يدفعنا الى القول بان المعارضة ، كما الترويكا، تترقب او تراهن على حدوث كارثة جديدة، أو وصول الوضع الاقتصادي الى وضعية الانهيار الكامل، حتى يحصل الوعي بدقة وحساسية المرحلة التي تمر بها البلاد. بالتأكيد لا نتمنى حدوث كارثة جديدة للخروج من أزمتنا السياسية التي أضحت كنفق بلا نهاية، فهل من صحوة ضمير؟