تعيش ليبيا منذ سقوط نظام القذافي حالة من الفوضى والاقتتال الداخلي التي اشتدت في الأيام الأخيرة خصوصاً مع إعلان اللواء السابق خليفة حفتر عن حملة تطهير ضدّ المسلحين الإسلاميين الذين يسيطرون على البلاد. ونظراً إلى طبيعة العلاقات التونسية الليبية، فإن ما يحصل سينعكس بشكل مباشر أو غير مباشر على تونس. وفي هذا الإطار أجرت حقائق أون لاين حواراً مع الخبير الاستراتيجي في الشؤون الأمنية مازن الشريف الذي عير عن رؤيته للوضع في ليبيا وحذّر من انعكاساته السلبية على تونس. كيف تقرأ الوضع في ليبيا؟ وهل تعتبر أنه انقلاب على الشرعية أم إعادة الثورة الليبية إلى مسارها؟ الوضع في ليبيا خطير جدا، وكنت قد بينت في دراسات سابقة أنه وضع قابل للانفجار، وارى ان كل العناصر الموضوعية اجتمعت لاشتعال نزاع حتمي بين قوتين مختلفتين من حيث المرجعية والتوجه، فهنالك من لا يقبل أن تتحول ليبيا إلى أكبر وكر للإرهاب والجماعات الارهابية في العالم. ولا أميل للتفسير الايديولوجي لتحركات اللواء حفتر، رغم وجود صراع فعلي بين تنظيم الاخوان المسلمين العالمي وبين من يرفض وجوده ويستشعر خطره، ولكن الامر يتجاوز مسالة الشرعية إلى انقاذ ليبيا من الجماعات الارهابية، اما الثورة فمسارها قد اختل حين تحولت الى حرب دموية، وهي عندما انتصرت على القذافي لم تنتصر للدولة الديمقراطية بل انتقلت ليبيا الى حكم الميليشيات، ولم يكن المؤتمر الوطني بالقوة والاستراتيجيا والذكاء الذي مكنه من تجاوز ذلك مما أزم الاوضاع اكثر. أيمكن القول بأن أطرافاً أجنبية تقف وراء ما تشهده ليبيا؟ اللاعب الدولي له وجود قوي في ما يحدث في سوريا ومصر واليمن وليبيا وتونس والغرب الافريقي، وهي صراعات مصالح وقوى، وطبيعي أن هنالك من يقف خلف كل حركة بشكل مباشر او غير مباشر. هل يقوم اللواء حفتر بلعب دور تمّ إسناده إليه في ظل التغيرات الإقليمية؟ هنالك من اشار الى لجوء حفتر لسنوات في الولاياتالمتحدة وانه قد يكون من جنودها ويتحرك بامرها، لكن الظاهر الجلي أن التحرك جاء بعد تواتر العمليات الارهابية وحراك تنظيم انصار الشريعة في جند التوحيد في درنة واتخاذها امارة ثم اغتيال ضابط المخابرات السنوسي في بنغازي مباشرة بعد تصريح لقناة ليبية يبين وجود مخطط برعاية دول بعينها لضرب استقرار ليبيا ومصر. هل سيكون لما يحصل في ليبيا انعكاسات سلبية على تونس؟ طبيعي جدا فما يحدث في ليبيا يمكن ان يؤثر على دول بعيدة فكيف بتونس المجاورة لها. من أي نواحي يمكن أن تتأثر تونس بهذه الأوضاع؟ نواح كثيرة منها الاقتصادي واحتمال نزوح ليبيين الى تونس في وضعها الاقتصادي السيئ جدا، وايضا المعاملات التجارية، وعلى الصعيد الامني اذ يمكن ان تشارك مجموعات من انصار الشريعة في تونس او ان تتسلل وتفر مجموعات من ليبيا الى تونس والامر قابل لاحتمالات كثيرة. كيف تقرأ موقف رئيس الجمهورية مما يحصل في ليبيا؟ المرزوقي متسرع دائما، ليس لديه استراتيجيا بل يجمع الكثير من المراقبين انه لا يتكلم باسم رئيس الدولة التونسية بل باملاءات تعبر عن مواقف دول بعينها وهذا تم تفصيله من قبل اعلاميين وخبراء كثر. انا اراه يتسرع كما فعل في الملف السوري والمصري والمغربي الجزائري وغيره، مما ادى الى مشاكل ديبلوماسية كثيرة مع دول عديدة منها الامارات ومصر.وهو يمثل بمواقفه المتسرعة والتي تعبر في اعتقادي واعتقاد الكثيرين عن سياسة دولة اخرى ونهجها، يمثل اشكالا حقيقيا للديبلوماسية التونسية. حركة النهضة أصدرت بياناً اعتبرت فيه ان ما يحصل انقلاب، ما هو رأيك من موقفها وتفسيرك له؟ هو موقف ايديولوجي بحت، لان الامر لا يُنظر اليه من باب خطر التنظيمات الارهابية على المنطقة ككل، بل من باب خطر اي حراك على تنظيم الاخوان المسلمين. هل ان نجاح اللواء حفتر يعني سقوط الإسلام السياسي في المنطقة ولهذا ترفضه النهضة؟ ربما يعني ذلك، او يشكل عنصرا منه، رغم ان المشروع الاخواني فشل من داخله لعجزه عن تحقيق اهداف اي ثورة حكم بعدها، وعجزه عن فهم الواقع وبناء الدولة. في حال سقوط النظام الليبي الحالي وانتقال السلطة إلى حفتر، ما هي تأثيرات ذلك على تونس؟ لن يكون الامر بهذه البساطة، لكن اذا تم سيكون له تاثيرات عميقة على تونس وقد تتحول تونس الى وكر بديل لتنظيم انصار الشريعة وتنظيم القاعدة او جبهة اخرى للقتال.