"أتعبتنا اللقاءات الخاطفة خلال المؤتمرات..، لهذا قررنا الزواج" جملة بليغة لصحافية تونسية أحبت صحافيا من عراقيي كردستان. كل الأريجيات والأريجيين تابعوا بافتخار هذا الحب، الذي ترعرع بيننا في المؤتمرات.. كان حبا صامتا، خجولا بيننا، تعبر عنه نظرة أو ابتسامة، أو جلسة "أرجيلة" قصتهما التي توجت بالزواج تستحق أن تروى، تستحق التشجيع في درب الصحافة الإستقصائية في زمن صعب، حمل إلى تونس نسمات الربيع العربي.. مع زميلتنا حنان زبيس وزوجها دلوفان برواري تكتشفون قصة سيرويها تاريخ الصحافة الإستقصائية.
من تونس إلى العراق ومن العراق إلى تونس واللقاء تم بين رحاب اريج... كيف بدأت قصة حب في عز الربيع العربي وأجواء سياسية تخيم على المشهد العربي؟ جمعتنا الصحافة الاستقصائية التي لم يكن من الممكن القيام بها قبل تجربة الربيع العربي حيث انفتحت الآفاق للعمل الصحفي و امكانيات الوصول الى المعلومة. كلانا كان جزءا من منظمة اريج (اعلاميون من اجل صحافة استقصائية عربية). لقاؤنا كان بمناسبة المؤتمر السنوي الرابع لهذه المنظمة الذي انعقد بين 2 و 4 ديسمبر 2011. كانت اول مرة اشارك فيها في هذا المؤتمر، في حين ان دلوفان كان موجودا منذ الدورة السابقة، وقد حصل على الجائزة الاولى لتحقيقه حول الختان في كردستان. والغريب اننا لم نلتق، طيلة مدة المؤتمر، لا خلال الورشات أو خلال مدة الاستراحة ولا حتى في المطعم. متى تسنى لكما أن تعرفتما في هذه الحالة؟ لقاؤنا تم في آخر ليلة، خلال حفل توزيع الجوائز، تحديدا وقت الرقص، حيث وجدنا انفسنا دون تخطيط نرقص معا وسط مجموعة كبيرة من المشاركين بالمؤتمر. رقصنا طيلة الحفل، ولم نكن قد تعرفنا على بعضنا البعض... ثم بعد الحفل قررنا مع مجموعة من الاصدقاء ان نكمل السهرة خارج الفندق. ذهبنا الى مقهى و هناك تم التعارف. بسرعة شعرنا ان هناك توافقا فكريا كبيرا وانسجاما روحيا عاليا يجمعنا، وكأننا نتعارف منذ زمن طويل. تلامست ايدينا فأحسسنا ان روحينا تلامستا. لم يكن لدينا كثير من الوقت، لأن طائرتي كانت على الساعة السادسة صباحا، وكان عليّ ان أغادر الفندق على الساعة الرابعة صباحا، ولكن رغم ذلك، حاولنا ان نستغل كل دقيقة، حتى نتعرف اكثر ونكتشف بعضنا. كانت تجربة فريدة من نوعها، وضيق الوقت اعطاها رونقا خاصا. افترقنا وفي القلب حسرة كبيرة، لكن كان لدينا احساس انه لقاء اسطوري، لقاء روحي وانه سيتواصل، وهذا ما حدث فعلا عبر الانترنيت، ثم تمت لقاءات اخرى خلال مؤتمرات حول الصحافة الاستقصائية في بلدان عديدة.. هل يمكن القول أنه الحب من أول نظرة؟ لم يكن حبا من أول نظرة، وإنما لقاء روحيا كما قلت سابقا، فدون ان ندري وجدنا انفسنا نرقص مع بعضنا دون ان نتعارف، ولكن كان هناك تقارب عجيب، لا نستطيع إلى حد الآن تفسيره. وقد تأكد هذا التقارب عندما أخدنا نتبادل أطراف الحديث، اقتصر في البداية الكلام على العمل الصحفي بشكل عام، ثم تركز على الصحافة الاستقصائية. وبسرعة حصل تفاهم على مستوى الافكار، الذي دعم اصلا التقارب الروحي الموجود. وما علاقة هذا الحب بالصحافة الاستقصائية التي تجمع بينكما كولع مهني؟ كان دلوفان يستعد ليلة لقائنا للذهاب لبلجيكيا في اليوم الموالي للحصول على جائزة لورنزو ناتالي، من اجل تحقيقه الاستقصائي حول ختان البنات في كردستان. وانا كنت لازلت اتحسس طريقي في هذا المجال، فكنت انظر إليه باعجاب كبير، وأمني نفسي ان اقوم بتحقيق استقصائي يكون له نفس النجاح، فيحصل على جوائز، وفعلا كان لقائي به حافزا لي حتى أخصص اهتماما للصحافة الاستقصائية، والنتيجة انه بعد سنة، حصلت على الجائزة الثالثة لاريج، من اجل تحقيقي حول التعفنات الاستشفائية في تونس، وكان دلوفان الى جانبي وقت استلام الجائزة… شعرت بفخر كبير و كانه انجاز مشترك. بشكل عام نحن نتحدث كثيرا عن شغلنا، عن افكار جديدة لتحقيقاتنا وكيفية انجازها وتجاوز الصعوبات التي قد تعترضنا. نحن نتبادل المعلومات ايضا حول الملتقيات التي تنظم في العالم حول الصحافة الاستقصائية. نحن نقرأ ايضا تحقيقات بعضنا وننتقد بعضنا حتى نحسن عملنا. و قريبا سنبدأ بتحقيق مشترك حول قضية فساد في العراق. لاول مرة سنعمل معا وهي تجربة جديدة. نحن متحمسان لها جدا. هل يمكن القول إنه حب وزواج "اريجيان"، نسبة إلى "أريج"؟ الى حد ما. فأريج كانت السبب في لقائنا. نحن ندين لها بهذا الفضل، كما ندين لها انها دربتنا على الصحافة الإستقصائية. ولكن علاقتنا تطورت لأننا آمنا بها وقويناها وضحينا من اجلها. الآن وقد تزوجنا امامنا تجربة حياة، يجب ان ننجحها، يكون فيها التوافق على المستوى المهني احد اسسها. كيف تقبلت العائلة الثقافتين التونسيةوالعراقية الكردية؟ لم يكن هناك مشكل من الجهتين. عائلتي تقبلت بكل تفهم زوجي وثقافته التي لا تختلف كثيرا عن ثقافتنا. ونفس الشيء بالنسبة لدلوفان. عائلته تقبلتني بكل حرارة، رغم انني لا اتكلم الكردي. كلا العائلتين فهمتا طبيعة علاقتنا والتضحيات التي تستلزمها حتى تستمر بشكل جيد. وأين سيستقر الزوجان؟
حاليا في كردستان العراق، تحديدا في اربيل. كانت مسالة اختيار مكان الاستقرارعقبة كبيرة امام قرار الزواج، نتيجة اختلاف الثقافات وبيئة العمل، ولكن كان من اللازم ان يضحي أحدنا حتى نستطيع الاقتراب والعيش مع بعض، علما اننا قد تعبنا من اللقاءات الخاطفة، خلال المؤتمرات المتعلقة بالصحافة الاستقصائية. قد نفكر في الاستقرار في بلد آخر أو في تونس، حسب فرص الشغل التي تتوفر لنا. المهم ان نكون معا. المصدر: موقع فبراير المغربي