اعتبر الديبلوماسي السابق والمحلّل السياسي عبد الله العبيدي ان إعلان حركة النهضة نيتها البحث عن مرشح توافقي للرئاسة يعدّ ورقة مناورة، موضحاً ان النهضة تريد ربح الانتخابات التشريعية باعتبار ان السلطة الحقيقية ستكون بيد الحكومة التي ستكون الفاعل الرئيسي في إدارة الشأن العام الأمر الذي يدفعها إلى الاستغناء عن الرئاسة، على حدّ قوله. وأضاف العبيدي ، في حوار خصّ به حقائق أون لاين اليوم الاربعاء 18 جوان 2014، ان النهضة حالياً في حالة تركيز على المشهد السياسي مبيناً انها حققت مكاسب من خلال الترويكا على الصعيدين، الشخصي حيث ردّت الاعتبار لمناضليها وقيادييها ، والسياسي بالنسبة للحزب ككلّ، وهي تريد الحفاظ على هذه المكاسب. وأشار إلى وجود اقتناع لدى كافة مكونات المشهد السياسي بأنه لا أحد يستطيع قيادة البلاد بمفرده ، واصفاً هذه الحالة ب "التعددية المشرذمة" وقائلاً ان هناك حكمة ناشئة لدى حركة النهضة وغيرها من الأحزاب تجعلهم يدركون أن حجم المشاكل في البلاد أكبر من أن يستطيع طرف واحد السيطرة على زمام الأمور. واعتبر محدثنا ان الأحزاب تريد تقاسم الضربات ومجابهة الرأي العام لافتاً النظر في الوقت نفسه إلى ان دعوة النهضة إلى التوافق حول شخصية وطنية لتولّي رئاسة الجمهورية يدخل في صميم سياسة الحركة لتأخذ مكانها في المشهد السياسي. على صعيد آخر، أكد العبيدي ان الخريطة السياسية بعد الانتخابات لا تزال غامضة مشيراً إلى ان التونسي بطبعه تنطبق عليه مقولة "التواتر يفيد اليقين إلا عند أهل تونس" ومضيفاً ان المواطن لا يعرف بعد لمن سيصوّت من الأحزاب وكذلك لا يعرف دور مؤسسات سبر الآراء ولا كيفية التعامل معها. وأكد في هذا السياق ان نتائج استطلاعات الرأي لا تعكس فعلاً الواقع التونسي. وعبّر عن أمله في ان تكون النتائج التي ستحرزها الأحزاب في الانتخابات المقبلة متقاربة من أجل ضمان التوازن ولكي لا تكون السلطة بين يدي طرف واحد مستدركاً بالقول ان هناك غياباً للخطاب السياسي القائم على البرامج الانتخابية والأولويات ومفيداً بأن ما نسمعه اليوم هو مناورات سياسوية تريد الوصول إلى الكرسي. وأعرب الديبلوماسي السابق عن اعتقاده بأن جميع الأحزاب يجب ان تلتقي في خطابها السياسي بنسبة 90% حول المطالب الأساسية والأولويات الضرورية والثابتة للنهوض بالبلاد على ان يكون اختلافها في اللمسة الخاصة التي يحملها كلّ حزب من ناحية التركيز على جانب أكثر من الآخر. وقال ان التونسي لا يملك القدرة بعد على التمييز بين القول والفعل وانه عندما يصبح قادراً على ذلك سيمنح صوته للحزب الذي يختار عن يقين وهذا الأمر يتطلب سنوات من التراكمات والممارسة. من جهة أخرى، أكد عبد الله العبيدي ان قرار نداء تونس الدخول إلى الانتخابات بقوائم خاصة أمر مدروس جيداً من قبل قيادة الحزب ،مضيفاً ان النداء ليس جمعية خيرية وان حساباته جعلته يدرك ان حظوظه أوفر إذا دخل منفرداً. وبيّن العبيدي انه من الصعب بالأساس إعداد قوائم من مناضلي الحزب وقيادييه والدخول مع أحزاب أخرى سيزيد من الأمر صعوبة معتبراً ان نداء تونس قام بما يساعده على التقدم بعد الدراسات اللازمة لاتخاذ هذه الخطوة.