صفاقس ولي يصفع معلما ويلوذ بالفرار    القنصل العام للجزائر في زيارة الجناح الجزائري بالصالون المتوسطي للفلاحة والصناعات الغذائية    سفيرة الامارات في زيارة لصالون الفلاحة والصناعات الغذائية بصفاقس    العاصمة: وقفة مساندة للرئيس قيس سعيد    الجمعية النسائية ببرقو تصنع الحدث    طقس الاحد: امطار غزيرة وتساقط البرد بهذه المناطق    غدا.. هبوب رياح قوية وانخفاض مدى الرؤية الأفقية بالجنوب    اليوم : انقطاع التيار الكهربائي بهذه المناطق    السيارات الإدارية : ارتفاع في المخالفات و هذه التفاصيل    نابل: اختتام شهر التراث بقرية القرشين تحت شعار "القرشين تاريخ وهوية" (صور+فيديو)    هيئة الانتخابات تشرع غدا في تحيين السجل الانتخابي    يهم مُربّيي الماشية: 30 مليون دينار لتمويل اقتناء الأعلاف    الأونروا: 800 ألف فروا من رفح يعيشون بالطرقات.. والمناطق الآمنة "ادعاء كاذب"    إطلاق نار واشتباكات قرب القصر الرئاسي في كينشاسا    صيف 2024: 50 درجة منتظرة و شبح الحرائق حاضر    علماء يكشفون : العالم مهدد بموجة أعاصير وكوارث طبيعية    إضراب بالمركب الفلاحي وضيعة رأس العين ومركب الدواجن    أخبار النادي الإفريقي .. البنزرتي «يثور» على اللاعبين واتّهامات للتحكيم    اليوم : وقفة احتجاجية للتنديد بالتدخل الاجنبي و بتوطين أفارقة جنوب الصحراء    نابل: تضرّر ما يقارب 1500 هكتار : «الترستيزا» مرض خفي يهدّد قطاع القوارص    طقس اليوم ...امطار مع تساقط البرد    بفضل صادرات زيت الزيتون والتّمور ومنتجات البحر; الميزان التجاري الغذائي يحقّق فائضا    في عيده ال84.. صور عادل إمام تتصدر مواقع التواصل    بغداد بونجاح يحسم وجهته المقبلة    الجمعية التونسية "المعالم والمواقع" تختتم تظاهرة شهر التراث الفلسطيني    اليوم العالمي لأطباء الطب العام والطب العائلي : طبيب الخط الأول يُعالج 80 بالمائة من مشاكل الصحة    قبل أسبوعين من مواجهة ريال مدريد.. ظهور صادم لمدافع دورتموند    بوسالم.. وفاة شاب غرقا في خزان مائي    المجلس المحلي بسكرة يحتجّ    منال عمارة: أمارس الفنّ من أجل المال    النجم الساحلي يمرّ بصعوبة الى الدور ربع النهائي    تمدد "إنتفاضة" إفريقيا ضد فرنسا..السينغال تُلّوح بإغلاق قواعد باريس العسكرية    كأس تونس : النجم الساحلي يلتحق بركب المتأهلين للدور ربع النهائي    القصرين: القبض على شخص صادرة في حقه 10 مناشير تفتيش    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    المهرجان الدولي للمشمش بحاجب العيون في دورته الثانية ...مسابقات وندوات وعروض فروسية وفنون شعبية    في إطار تظاهرة ثقافية كبيرة .. «عاد الفينيقيون» فعادت الحياة للموقع الأثري بأوتيك    القيمة التسويقية للترجي و الأهلي قبل موقعة رادس    وزيرة الصناعة: مشروع الربط الكهربائي بين تونس وإيطاليا فريد من نوعه    أبو عبيدة: استهدفنا 100 آلية عسكرية للاحتلال في 10 أيام    نهائي دوري ابطال إفريقيا: التشكيلة المتوقعة للترجي والنادي الاهلي    طقس اليوم: أمطار بالمناطق الغربية والشرقية وحرارة أربعينية بالجنوب    العثور على كلاشينكوف في غابة زيتون بهذه الجهة    5 أعشاب تعمل على تنشيط الدورة الدموية وتجنّب تجلّط الدم    وزير الصحة يؤكد على ضرورة تشجيع اللجوء الى الادوية الجنيسة لتمكين المرضى من النفاذ الى الادوية المبتكرة    السبت..ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة    ابرام اتفاق شراكة بين كونكت والجمعية التونسيّة لخرّيجي المدارس العليا الفرنسيّة    دار الثقافة بمعتمدية الرقاب تحتفي بشهرث الثراث    داء الكلب في تونس بالأرقام    بينهم طفلان..مقتل 5 أشخاص نتيجة قصف إسرائيلي على لبنان    حلوى مجهولة المصدر تتسبب في تسمم 11 تلميذا بالجديدة    نحو 20 % من المصابين بارتفاع ضغط الدم يمكن علاجهم دون أدوية    إرتفاع قيمة صادرات المواد الفلاحية البيولوجية ب 24.5 بالمائة    جندوبة : يوم إعلامي حول تأثير التغيرات المناخية على غراسات القوارص    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حميد الدين بوعلي.. من يتذكر صور الثورة؟!
نشر في حقائق أون لاين يوم 17 - 04 - 2013

"أستيقظ كل يوم وبين أضلعي تنهيدة جديدة..هي التي تعطي ليومي معناه ولصوري جمالها" هكذا يقوم المصور حميد الدين بوعلي كل صباح حاملا الة تصويره باحثا عن مشهدا ما يصوره لامتاع الاخرين.
حميد بوعلي مصور تونسي محترف لا يعرفه العامة ولكن شاهدوا بالتاكيد صوره التي دونت وقائع الثورة ووقفت عند اهم رموزها.
زرته في معرضه الذي اقامه مؤخرا بفضاء التياترو بتونس العاصمة بين لوحاته وقد كان يزفر احدى زفرات روحه المتمردة، فلقد بدا عصيا عن السؤال،شرسا في أجوبته كأنمايحاول أن يخرج من صدره احدى تنهيداته ليمنح لمقالتي عنه المعنى.
نبهني "حميد الدين بوعلي" وهو يعي أنه ملك بين لوحاته وصوره: "ليس المصور مطالبا بأن يتكلم".وأضاف:"لكنني تجاوزت صلوحياتي ونشرت على حائط المعرض صفحات معلقة من كتاب مفتوح في جولة على مستويات مختلفة."
كان فضاء التياترو،يحفل بالفعل بمجموعة من الصور الفوتوغرافية التي التقطتها عدسة المصور تجاورها لوحات كتابية خط عليها "بوعلي" بعضا من صوره التي تعمد الا يلتقطها لتبقى في عيني الزائر صورة شهية،مرغوبا فيها كتفاحة محرمة.
الحوار مع "حميد الدين بوعلي" كان رهين الكر والفر، فأسئلة كثيرة رفض الاجابة عنها أو التف حولها كامرأة لعوب تعرف أن اغراءها كله يكمن في المراوغة... "ماهو سر عشقك للتصوير الفوتوغرافي؟" يجيب "بوعلي" بابتسامة مخادعة "لاأعرف…ولن أجيب" ويضيف "لم تكن هناك بداية في رحلة معاقرتي للصورة.. المميز في حكايتي مع العدسة،هو استمراري في التصوير منذ ما يربو عن ثلاثين عاما".
لاتزال رؤية طفل صغير يلعب بالبالونة الملونة أو مشهد الغروب الحالم يثيران في "حميد الدين بوعلي" الفضول والدهشة...فبعد ثلاثين عاما من التصوير،لم تفقد عين المصور بكارتها..بل ظلت حبيسة طفولتها المليئة بالفضول و المفجآت.
منذ 1961, سنة أطل على الدنيا بعينين مغلقتين،لم تغمض عينا "بوعلي" عن الجمال في العالم فهو يلاحقه بكاميراه في تونس وسائر دول القارات الخمس..يلتقط ما التقطه من صور وتفلت منه أكثر المشاهد روعة..
"الصور التي أفلتت مني أكثر من تلك التي التقطتها، لكنني لا أشعر بالأسف لذلك..فلست أعاني فوبيا النجاح".
بالنسبة ل"رجل الصورة" كما يشتهي أن يسمي نفسه اقتداء برجل المسرح ورجل السينما، تختلف نشوة التقاط الصورة عند "بوعلي"،الذي يدرس التصوير الفوتوغرافي،عن نشوة الحصول على صورة جيدة... غير أن زائر معرضه، لابد أن يلتقط تلك النشوة العارمة التي تبعثها الصورة المعروضة على جدران "التياترو"...ففيها الثورة والسكون، والغضب والسعادة، والحب واللامبالاة، وفيها الماء والسماء،وفيها الطفل بعيني رجل كبير يسكنه طفل اخر مليء بالدهشة.
"اخترت عنوان "خارج عن الموضوع" لمعرضي، كي أقول أن ما تعيشه تونس اليوم من أحداث ومستجدات جميعها قد حادت عن مسار الثورة التي انتظرناها طويلا...وواقع الحريات الشخصية،أحداث العبدلية، أداء الصحافة والاعلام أيضا "خارج الموضوع".فالمعرض جرس إنذار أدقه لعلي أستنفر الهمم...".
اختار "حميد الدين بوعلي" عنوان مجموعة صوره قبل التقاطها بالفعل...ولم ير أن في ذلك تقييدا له، بل على العكس،أعطاه "الخروج عن الموضوع" مساحة أوفر لممارسة حريته في معانقة الكاميرا ومغازلة عدستها كي ينجب من صلب دهشته صورا عن الثورة التونسية وعن الجمال حيثما التقاه في رحيله وترحاله عبر العالم...لاتجد في المعرض ،صورا للثورة التونسية التي بها ذاع صيت "بوعلي"حيث سبق له أن عرضها في فضاءات بفرنسا وألمانيا وغيرها من أشهر دور العرض.. وفي المقابل،تلتقيك صور من مختلف البلدان التي زارها خلال العامين الماضيين ليمارس فيها نشوة المصور التونسي المقبل على العالم بعين ثائرة...
"كان يوم 12 جانفي 2011 ميلادا جديدا لي..ومنذ ذلك التاريخ، وأنا أحاول اضافة جمالية على الثورة التونسية، اعطاءها بعدا أعمق ..لكن الصورة وان كانت بيدي،فان الثورة بيد 11 مليون تونسي..بيدهم هم أن يجعلوا ثورتهم أجمل مما هي عليه".
لايشعر "حميد الدين بوعلي" بالخيبة لأن صوره أشهر منه،فالصورة حسب رأيه تعيش أكثر من صاحبها...وهو يرفض عبارة "فنان" حيث يراها مبتذلة ومستهلكة..كما يفند نظرية حمل الفن لرسالة:"المتلقي ليس حاضرا في ذهني لحظة التقاطي صورة ما…أنا لاأفكر في أحد حينها غير نفسي…ما يهمني في الصورة هو أن أحبها أنا قبل كل شيء..أما كيفية تلقي المتفرج لصوري فليس ذلك من مشمولاتي.." ويضيف "لست قنطرة يعبرها الناس للوصول الى هدف ما...".
يلتقط "حميد الدين بوعلي" صوره إذن دون أن يسكنه هاجس المديح أو الهجاء...بل لعله يغتبط أكثر لقراءة تعليق احدى الزائرات لمعرضه "الخروج عن الموضوع" خطته على الكتاب الذهبي،وجاء فيه "لقد أصبت بالخيبة"… يسرد "بوعلي" الحادثة دون أن تغادر البسمة شفتيته،كأنه خاض معركة مع شيطان في داخله مصاب بحب الظهور وتغلب عليه...
يدرّس "حميد الدين بوعلي" مادة "تاريخ وتقنيات التصوير الفوتوغرافي" في الجامعة،معتزا بتكوينه العصامي في المجال...فهو خريج لغة فرنسية،لكنه تدرب طيلة 30 عاما على التصوير الفوتوغرافي حتى حذقه وجعل يعلمه لأجيال متتالية من الشباب التونسي زارعا فيهم عقيدة مقدسة لديه مفادها أن " اتقان فن التصوير ليس هبة من السماء،بل هو دربة وتعلم واصرار على الوصل...وكل انسان بامكانه أن يكون مصورا جيدا".
"رجل الصورة الفوتوغرافية" الحاصل على عدة جوائز وطنية ودولية في التصوير الفوتوغرافي،يعترف بأنه الأقدر على اخفاء مشاعره فهو "لا يفرح كثيرا، ولا يحزن كثيرا" بل يبطن حالاته الانسانية الأكثر تميزا داخله كي تنفجر بعد حين في صورة تأتي كموعد حب مفاجئ.
"من الصعب أن أعرف من يؤثر فيّ من الفنانين،فكل انسان عبارة عن مجموعة من التأثيرات...لكنني أعرف سرّ ابداعي..".
يبقي "حميد الدين بوعلي" هوية مصدر ايحائه (Muse) طي الكتمان…فهو يعتبره سرّ ابداعه وكل جمهوره…ووحده ذلك الشخص المجهول من تعني 0راؤه الكثير بالنسبة لمصور الثورة التونسية الأكثر شهرة…
عندما زرت فضاء التياترو لأشاهد معرض "الخروج عن الموضوع" وأحاور صاحبه, كان "بوعلي" في حالة نشوة مميزة..بالكاد استطعت أن أروض الطفل المتمرد والرجل الشرس داخله للاجابة عن أسئلتي...لم يكن فنانا يسكن برجه العاجي وينقطع عن الناس كمسيح غريب بين أهله، لكنه كان أشبه بالفرس الجامحة التي رأت لتوها 0لهة تدعوها للافلات من عقالها…ربما كنت جلست بجانبه بعد أن غادره مصدر ايحائه للتو مخلفا فيه نشوة الجموح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.