هذا ما دار في اجتماع سعيد بالزنزري ووزيري المالية والاقتصاد    ماكرون.. صفقة ترامب مع الاتحاد الأوروبي أفقدت أوروبا هيبتها    العثور على جثة البطلة الأولمبية الالمانية بعد حادث تسلق مأساوي    بقلم مرشد السماوي : جماهير و مسؤولين سابقين منقسمين بين مؤيد و معارض لقرارات الهيئة التسييرية الحالية للنادي الصفاقسي    همس الموج: شاطئ «الباجية» بطبرقة.. متعة المياه الهادئة    فتحي بن علي ينفي إقامة حفل في الكيان المحتل ملتزم بالقضية الفلسطينية وبموقف تونس الثابت إزاء الاحتلال الغاشم    في ليلة لا تنسى .. الشامي «يُشعل» ركح الحمامات    تأجيل اضراب بطاحات جزيرة جربة إلى أيام 10 و11 و12 اوت المقبل    سهرة فلكية بمدينة العلوم    طبرقة - عين دراهم : وجهة فريدة تجمع بين سياحة الاستجمام وصقل المواهب الرياضية    باجة: اندلاع حريق في جبل عين جمال    النادي الافريقي يتعاقد مع الليبي اسامة الشريمي الى غاية جوان 2027    عاجل/ فاجعة في الطريق الرابطة بين القصرين وسيدي بوزيد..وهذه حصيلة الضحايا..    الشيا: الحبة الصغيرة التي قد تحارب الكوليسترول وضغط الدم    عاجل: البنك المركزي يُبقي على نسبة الفائدة الرئيسية دون تغيير    وزيرة الصناعة تدعو الى مزيد التنسيق لتنفيذ مشروع المدنية الذكية للسيارات في ظل تزايد طلبات الاستثمار في هذا القطاع    بنزرت: حجز 48 ألف قارورة مياه معدنية مخزنة في ظروف غير صحيّة بضيعة فلاحية بأوتيك    سيدي بوزيد: وفاة 5 أشخاص واصابة 4 آخرين في حادث مرور    احتجاز الناشط التونسي حاتم العويني ورفاقه في سفينة "حنظلة": نقابة الصحفيين تدعو الى فرض عقوبات دولية على الكيان الصهيوني..    هام/ توفير كميات من لحوم الضأن بأسعار تفاضلية بهذه الولاية..    البنك المركزي يبقي على نسبة الفائدة في مستوى 7,50 بالمائة    سليانة: المصادقة على المخطط الجهوي للتنمية 2026 - 2030    عاجل/ السجن لمحاسب بشركة استولى على أموال عمومية..وهذه التفاصيل..    هذه الدولة تحظر استخدام ''يوتيوب'' لهذه الفئة العمرية    مهرجان مكثر الدولي: تسع سهرات فنية من 10 إلى 17 أوت القادم    المنستير: خمسة عروض فنية متنوعة في الدورة 38 لمهرجان سيدي سالم ببني حسان    قريب يتحل الطريق... شنوّة صاير في المدخل الجنوبي للعاصمة؟    باجة: صابة هامة من الاعلاف الخشنة ودعوة للمحافظة على المخزونات تحسبا من التغيرات المناخية    عاجل/ من بينهم التونسي حاتم العويني: هذا ما قرره الاحتلال في حق نشطاء سفينة "حنظلة"..    15 سنة سجناً لمروّج مخدرات بجهة البحر الأزرق    الترجي الرياضي: الثنائي البرازيلي يلتحق بالمجموعة .. وأهولو يحزم حقائبه    مونديال الكرة الطائرة: المنتخب الوطني ينقاد إلى هزيمة جديدة    بايرن ميونيخ يتعاقد مع الكولومبي لويس دياز حتى 2029    اضراب جامعة النقل...شلل تام في جميع المحطات    أعوان شركة السكك الحديدية يُهدّدون بالإضراب    بريطانيا ترد على اتهامها ب"مكافأة" حماس    باحثة تونسية تُكرَّم على منصّتها الذكية لمواجهة العوامل الممرضة    من هو ''الشامي'' اللّي عامل حالة في تونس؟    يا توانسة: طقس الويكاند موش كيف العادة!    محرز الغنوشي: ''السباحة ممكنة بالسواحل الشرقية ولا ننصح بها بالشمال''    أحلام تُخاطب التونسيين: قرطاج بوابة مروري الفني...انتظروني بكل حبّ وشوق    بشرى لمرضى الزهايمر...تعرف عليها    في بالك فما علامة أثناء النوم تنذر بخطر صحي...دراسة تكشف    عاجل: تمديد إعلان المنطقة الحدودية العازلة لسنة إضافية ابتداءً من 29 أوت!    بطولة العالم للسباحة سنغافورة: أحمد الجوادي ينافس اليوم على ذهبية سباق 800 متر سباحة حرة    مبابي يرتدي القميص رقم 10 في ريال مدريد بعد رحيل مودريتش    وفاة الفنان المصري لطفي لبيب    "الشامي" يشعل ركح مهرجان الحمامات في أول ظهور له بتونس    عاجل: انطلاق خدمة التوجيه الجامعي عبر ال SMS بداية من اليوم    تنبيه/ رياح قوية وبحر مضطرب اليوم..#خبر_عاجل    عاجل/ زلزال قوي يضرب هذه المنطقة..ودول تعلن حالة الطوارئ وتتأهّب لتسونامي..    بعد فرنسا وبريطانيا.. دول جديدة تمضي نحو الاعتراف بدولة فلسطين    التونسي اليوم...بلاش وسيلة نقل    تاريخ الخيانات السياسية (30)...تمرّد المبرقع اليماني بفلسطين    تحذير: الحزن الشديد قد يؤدي إلى الوفاة المبكرة..    تاريخ الخيانات السياسية (29) خيانة القائد أفشين للمعتصم    عاجل/ التحقيق مع أستاذة في الفقه بعد اصدار فتوى "إباحة الحشيش"..    يوم غد السبت مفتتح شهر صفر 1447 هجري (مفتي الجمهورية)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حميد الدين بوعلي.. من يتذكر صور الثورة؟!
نشر في حقائق أون لاين يوم 17 - 04 - 2013

"أستيقظ كل يوم وبين أضلعي تنهيدة جديدة..هي التي تعطي ليومي معناه ولصوري جمالها" هكذا يقوم المصور حميد الدين بوعلي كل صباح حاملا الة تصويره باحثا عن مشهدا ما يصوره لامتاع الاخرين.
حميد بوعلي مصور تونسي محترف لا يعرفه العامة ولكن شاهدوا بالتاكيد صوره التي دونت وقائع الثورة ووقفت عند اهم رموزها.
زرته في معرضه الذي اقامه مؤخرا بفضاء التياترو بتونس العاصمة بين لوحاته وقد كان يزفر احدى زفرات روحه المتمردة، فلقد بدا عصيا عن السؤال،شرسا في أجوبته كأنمايحاول أن يخرج من صدره احدى تنهيداته ليمنح لمقالتي عنه المعنى.
نبهني "حميد الدين بوعلي" وهو يعي أنه ملك بين لوحاته وصوره: "ليس المصور مطالبا بأن يتكلم".وأضاف:"لكنني تجاوزت صلوحياتي ونشرت على حائط المعرض صفحات معلقة من كتاب مفتوح في جولة على مستويات مختلفة."
كان فضاء التياترو،يحفل بالفعل بمجموعة من الصور الفوتوغرافية التي التقطتها عدسة المصور تجاورها لوحات كتابية خط عليها "بوعلي" بعضا من صوره التي تعمد الا يلتقطها لتبقى في عيني الزائر صورة شهية،مرغوبا فيها كتفاحة محرمة.
الحوار مع "حميد الدين بوعلي" كان رهين الكر والفر، فأسئلة كثيرة رفض الاجابة عنها أو التف حولها كامرأة لعوب تعرف أن اغراءها كله يكمن في المراوغة... "ماهو سر عشقك للتصوير الفوتوغرافي؟" يجيب "بوعلي" بابتسامة مخادعة "لاأعرف…ولن أجيب" ويضيف "لم تكن هناك بداية في رحلة معاقرتي للصورة.. المميز في حكايتي مع العدسة،هو استمراري في التصوير منذ ما يربو عن ثلاثين عاما".
لاتزال رؤية طفل صغير يلعب بالبالونة الملونة أو مشهد الغروب الحالم يثيران في "حميد الدين بوعلي" الفضول والدهشة...فبعد ثلاثين عاما من التصوير،لم تفقد عين المصور بكارتها..بل ظلت حبيسة طفولتها المليئة بالفضول و المفجآت.
منذ 1961, سنة أطل على الدنيا بعينين مغلقتين،لم تغمض عينا "بوعلي" عن الجمال في العالم فهو يلاحقه بكاميراه في تونس وسائر دول القارات الخمس..يلتقط ما التقطه من صور وتفلت منه أكثر المشاهد روعة..
"الصور التي أفلتت مني أكثر من تلك التي التقطتها، لكنني لا أشعر بالأسف لذلك..فلست أعاني فوبيا النجاح".
بالنسبة ل"رجل الصورة" كما يشتهي أن يسمي نفسه اقتداء برجل المسرح ورجل السينما، تختلف نشوة التقاط الصورة عند "بوعلي"،الذي يدرس التصوير الفوتوغرافي،عن نشوة الحصول على صورة جيدة... غير أن زائر معرضه، لابد أن يلتقط تلك النشوة العارمة التي تبعثها الصورة المعروضة على جدران "التياترو"...ففيها الثورة والسكون، والغضب والسعادة، والحب واللامبالاة، وفيها الماء والسماء،وفيها الطفل بعيني رجل كبير يسكنه طفل اخر مليء بالدهشة.
"اخترت عنوان "خارج عن الموضوع" لمعرضي، كي أقول أن ما تعيشه تونس اليوم من أحداث ومستجدات جميعها قد حادت عن مسار الثورة التي انتظرناها طويلا...وواقع الحريات الشخصية،أحداث العبدلية، أداء الصحافة والاعلام أيضا "خارج الموضوع".فالمعرض جرس إنذار أدقه لعلي أستنفر الهمم...".
اختار "حميد الدين بوعلي" عنوان مجموعة صوره قبل التقاطها بالفعل...ولم ير أن في ذلك تقييدا له، بل على العكس،أعطاه "الخروج عن الموضوع" مساحة أوفر لممارسة حريته في معانقة الكاميرا ومغازلة عدستها كي ينجب من صلب دهشته صورا عن الثورة التونسية وعن الجمال حيثما التقاه في رحيله وترحاله عبر العالم...لاتجد في المعرض ،صورا للثورة التونسية التي بها ذاع صيت "بوعلي"حيث سبق له أن عرضها في فضاءات بفرنسا وألمانيا وغيرها من أشهر دور العرض.. وفي المقابل،تلتقيك صور من مختلف البلدان التي زارها خلال العامين الماضيين ليمارس فيها نشوة المصور التونسي المقبل على العالم بعين ثائرة...
"كان يوم 12 جانفي 2011 ميلادا جديدا لي..ومنذ ذلك التاريخ، وأنا أحاول اضافة جمالية على الثورة التونسية، اعطاءها بعدا أعمق ..لكن الصورة وان كانت بيدي،فان الثورة بيد 11 مليون تونسي..بيدهم هم أن يجعلوا ثورتهم أجمل مما هي عليه".
لايشعر "حميد الدين بوعلي" بالخيبة لأن صوره أشهر منه،فالصورة حسب رأيه تعيش أكثر من صاحبها...وهو يرفض عبارة "فنان" حيث يراها مبتذلة ومستهلكة..كما يفند نظرية حمل الفن لرسالة:"المتلقي ليس حاضرا في ذهني لحظة التقاطي صورة ما…أنا لاأفكر في أحد حينها غير نفسي…ما يهمني في الصورة هو أن أحبها أنا قبل كل شيء..أما كيفية تلقي المتفرج لصوري فليس ذلك من مشمولاتي.." ويضيف "لست قنطرة يعبرها الناس للوصول الى هدف ما...".
يلتقط "حميد الدين بوعلي" صوره إذن دون أن يسكنه هاجس المديح أو الهجاء...بل لعله يغتبط أكثر لقراءة تعليق احدى الزائرات لمعرضه "الخروج عن الموضوع" خطته على الكتاب الذهبي،وجاء فيه "لقد أصبت بالخيبة"… يسرد "بوعلي" الحادثة دون أن تغادر البسمة شفتيته،كأنه خاض معركة مع شيطان في داخله مصاب بحب الظهور وتغلب عليه...
يدرّس "حميد الدين بوعلي" مادة "تاريخ وتقنيات التصوير الفوتوغرافي" في الجامعة،معتزا بتكوينه العصامي في المجال...فهو خريج لغة فرنسية،لكنه تدرب طيلة 30 عاما على التصوير الفوتوغرافي حتى حذقه وجعل يعلمه لأجيال متتالية من الشباب التونسي زارعا فيهم عقيدة مقدسة لديه مفادها أن " اتقان فن التصوير ليس هبة من السماء،بل هو دربة وتعلم واصرار على الوصل...وكل انسان بامكانه أن يكون مصورا جيدا".
"رجل الصورة الفوتوغرافية" الحاصل على عدة جوائز وطنية ودولية في التصوير الفوتوغرافي،يعترف بأنه الأقدر على اخفاء مشاعره فهو "لا يفرح كثيرا، ولا يحزن كثيرا" بل يبطن حالاته الانسانية الأكثر تميزا داخله كي تنفجر بعد حين في صورة تأتي كموعد حب مفاجئ.
"من الصعب أن أعرف من يؤثر فيّ من الفنانين،فكل انسان عبارة عن مجموعة من التأثيرات...لكنني أعرف سرّ ابداعي..".
يبقي "حميد الدين بوعلي" هوية مصدر ايحائه (Muse) طي الكتمان…فهو يعتبره سرّ ابداعه وكل جمهوره…ووحده ذلك الشخص المجهول من تعني 0راؤه الكثير بالنسبة لمصور الثورة التونسية الأكثر شهرة…
عندما زرت فضاء التياترو لأشاهد معرض "الخروج عن الموضوع" وأحاور صاحبه, كان "بوعلي" في حالة نشوة مميزة..بالكاد استطعت أن أروض الطفل المتمرد والرجل الشرس داخله للاجابة عن أسئلتي...لم يكن فنانا يسكن برجه العاجي وينقطع عن الناس كمسيح غريب بين أهله، لكنه كان أشبه بالفرس الجامحة التي رأت لتوها 0لهة تدعوها للافلات من عقالها…ربما كنت جلست بجانبه بعد أن غادره مصدر ايحائه للتو مخلفا فيه نشوة الجموح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.