الخارجية الألمانية.. هجمات المستوطنين على مساعدات غزة وصمة عار    اكتشاف جديد قد يحل لغز بناء الأهرامات المصرية    رسميا.. سلوت يعلن توليه تدريب ليفربول خلفا لكلوب    قيس سعيد يُعجّل بتنقيح الفصل 411 المتعلق بأحكام الشيك دون رصيد.    سعيّد يأذن بتنقيح فصولا من المجلة التجارية    تضمّنت 7 تونسيين: قائمة ال101 الأكثر تأثيرًا في صناعة السينما العربية    تأجيل قضية اغتيال الشهيد محمد البراهمي    أب يرمي أولاده الأربعة في الشارع والأم ترفضهم    خلال لقائها ببودربالة...رئيسة مكتب مجلس أوروبا تقدّم برنامج تعاون لمكافحة الفساد    نحو 20 % من المصابين بارتفاع ضغط الدم يمكن علاجهم دون أدوية    القدرة الشرائية للمواكن محور لقاء وزير الداخلية برئيس منظمة الدفاع عن المستهلك    عاجل/ احتجاجات ليلية وحرق للعجلات في هذه الولاية..    وزير الفلاحة: المحتكرون وراء غلاء أسعار أضاحي العيد    دقاش: افتتاح فعاليات مهرجان تريتونيس الدولي الدورة 6    الديوانة تحجز سلعا مهربة فاقت قيمتها ال400 مليون    منوبة: إصدار بطاقتي إيداع في حق صاحب مجزرة ومساعده    خلال نصف ساعة.. نفاد تذاكر مباراة الأهلي والترجي في «نهائي إفريقيا»    Titre    الرئيس المدير العام للصيدلية المركزية: نسبة النفاذ للأدوية الجنيسة والبدائل الحيوية في تونس تناهز 55 %    معلم تاريخي يتحول إلى وكر للمنحرفين ما القصة ؟    القبض على عنصر إجرامي خطير مفتش عنه دوليا في هذه المنطقة    حاولوا سرقة متحف الحبيب بورقيبة الأثري...القبض على 5 متورطين    الكاف: مهرجان ميو يحتفي بفلسطين    عاجل/ بطاقة إيداع بالسجن ضد سعدية مصباح    وزارة الفلاحة تدعو الفلاحيين الى القيام بالمداواة الوقائية ضد مرض "الميلديو" باستعمال أحد المبيدات الفطرية المرخص بها    القيروان انقاذ طفل سقط في بئر    غدا..دخول المتاحف سيكون مجانا..    تقريرنقابة الصحفيين: ارتفاع وتيرة الاعتداءات على الصّحفيين في شهر أفريل    كلفة انجاز التّعداد العامّ للسّكان والسّكنى لسنة 2024 تناهز 89 مليون دينار – مدير عام معهد الإحصاء    القيروان: الاحتفاظ ب 8 أشخاص من دول افريقيا جنوب الصحراء دون وثائق ثبوت هويّة ويعملون بشركة فلاحيّة    570 مليون دينار لدعم الميزانيّة..البنوك تعوّض الخروج على السوق الماليّة للاقتراض    عاجل/ أمريكا تستثني هذه المناطق بتونس والمسافات من تحذير رعاياها    إتحاد الفلاحة: المعدل العام لسعر الأضاحي سيكون بين 800د و1200د.    اليوم.. حفل زياد غرسة بالمسرح البلدي    سوسة: وفاة شاب غرقا وانقاذ شابين اخرين    بن عروس: اندلاع حريق بمستودع    حجز 900 قرص مخدر نوع "ايريكا"..    بعد تسجيل الحالة الرابعة من نوعها.. مرض جديد يثير القلق    إسبانيا تمنع السفن المحملة بأسلحة للكيان الصهيوني من الرسو في موانئها    مباراة الكرة الطائرة بين الترجي و الافريقي : متى و أين و بكم أسعار التذاكر؟    قابس: تراجع عدد الأضاحي خلال هذه السنة    ذهاب نهائي رابطة ابطال افريقيا : الترجي يستضيف الاهلي برغبة تعبيد الطريق نحو الظفر باللقب    عاجل : ليفربول يعلن رحيل هذا اللاعب نهاية الموسم    كأس أوروبا 2024: كانتي يعود لتشكيلة المنتخب الفرنسي    البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية يدعم انتاج الطاقة الشمسية في تونس    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    خطبة الجمعة...الميراث في الإسلام    فرنسا: الشرطة تقتل مسلحا حاول إضرام النار بكنيس يهودي    محيط قرقنة اللجنة المالية تنشد الدعم ومنحة مُضاعفة لهزم «القناوية»    روعة التليلي تحصد الذهبية في بطولة العالم لألعاب القوى لذوي الاحتياجات الخاصة    التحدي القاتل.. رقاقة بطاطا حارة تقتل مراهقاً أميركياً    منها الشيا والبطيخ.. 5 بذور للتغلب على حرارة الطقس والوزن الزائد    التوقعات الجوية لهذا اليوم…    بمناسبة اليوم العالمي للمتاحف: الدخول للمتاحف والمواقع والمعالم الأثرية مجانا للتونسيين والأجانب المقيمين بتونس    باجة: باحثون في التراث يؤكدون ان التشريعات وحدها لا تكفي للمحافظة علي الموروث الاثري للجهة    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شريك إستراتيجي، أم قاعدة عسكرية متقدّمة؟
نشر في حقائق أون لاين يوم 14 - 12 - 2014

"يبعث هذا القانون برسالة واضحة مفادها أنّ عرى العلاقة التي تجمع الولايات المتحدة بإسرائيل، لا انفصام لها..أنا فخورة أن تصويت الكونغرس على مشروع قانون تصنيف إسرائيل شريكا استراتيجيا كان بالإجماع." عضو الكونغرس الأمريكي، بربارا بوكس، Barbara Boxer.
لم تمرّ سوى ساعات قليلة فقط على موافقة الجمعية العامة للأمم المتحدة، بأغلبية ساحقة، على مشروع قرار حمل اسم "خطر الإنتشار النووي في الشرق الأوسط، The Risk of Nuclear Proliferation in the Middle East"، طالب الكيان الصهيوني بالتخلّي عن أسلحته النووية ووضع مُنشآته تحت الرقابة الدولية وبالانضمام دون المزيد من الإبطاء، إلى مُعاهدة الحظر الدولية، حتى صوّت الكونغرس الأمريكي، بالإجماع كعادته، على مشروع قانون تصنيف الكيان "شريكا استراتيجيا للولايات المتحدة، Major Strategic Partner "! فهل يكون ذلك بمحض الصدفة؟؟
قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، وإن كان غير مُلزم ، قرار مهمّ، فهل يُعزّزه أصحاب المصلحة بالمراكمة أم سيسفّهه -كالعادة- من يصمّون الآذان بتنديدهم بنووي من ينعتونها ب"رأس الأفعى"، ويصمتون حدّ الخرس ليقبلوا بالتعايش مع المظلة النووية الصهيونية؟؟ كالعادة، وكما كان مُتوقّعا، انضمّت الولايات المتحدة، التي يُصوّت مجلس شيوخها على قانون "الشريك الإستراتيجي"، بمعية كلّ من كندا وبالو ومكرونيزيا، نعم مكرونيزيا، إلى الكيان في رفضه لمشروع القرار. ممثل الولايات المتحدة روبرت وود، Robert Wood ، برّر ذلك بقوله إنّ القرار "لم يكن عادلا ولا مُنصفا لأنه يستهدف دولة بمفردها، ولا يمكن أن يحلّ مشكلة الأسلحة النووية في الشرق الأوسط. "!!
الإصرار على استثناء الكيان من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، The Nuclear Non-Proliferation Treaty، وتعزيز قدراته بجعله مستودع أسلحة متقدّما، ومنحه مفخرة الصناعات الحربية الأمريكية، ليس مصادرة على مطلوب إخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل، فحسب، بل تعزيز مكشوف لنظريات الردع العسكري الصهيوني الشامل، وإستراتيجيات الهيمنة والعربدة بالمنطقة التي تتحلّل بفعل حرب الجيل الرابع والوكالة وأدوات الدمار الذاتي . إسرائيل شاحاك، البروفيسور الإسرائيلي المناهض للصهيونية كان خير من شرح الإستراتيجية الصهيونية في كتابه "إسرائيل إستراتيجية توسّعية مغلّفة بالسلام" حين أوجز فبلّغ: "إنّ إسرائيل لا يمكن أن تسمح لأي دولة في الشرق الأوسط بتطوير إمكانيات نووية، وتعطي لنفسها الحق في استخدام ما تراه مناسباً من وسائل لمنع مثل هذا الاحتمال حتى تظلّ في وضع احتكار السلاح النووي وامتلاك الرادع النووي دون منازع".
بتصويت كونغرس الولايات المتحدة، وبالإجماع، على مشروع قانون تصنيف الكيان"شريكا استراتيجيا كبيرا للولايات المتحدة، يأتي كما ورد في ديباجته "تعزيزا لعلاقات البلدين في مجالات إستراتيجية منها الدفاع والأمن والطاقة والأبحاث والتنمية والزراعة وإدارة الثروة المائية والتعليم والأعمال".
قاعدة واشنطن العسكرية المتقدّمة، سيمكّنها قانون الكونغرس هذا، من مضاعفة مخزون الأسلحة الأمريكية تسعة أضعاف! لتقفز قيمته من 200 مليون دولار، فقط سابقا، إلى الرقم الفلكي: 1.8 مليار دولار!!! أسلحة ليست لاستخدامات القوات الأمريكية المتعدّدة في مسارح أوانينا المستطرقة المستباحة والمكشوفة بالكامل، بل لاستخدامات جيش الكيان ما استحق لها ودون الإستشارة، كما فعل إبان عملية " الجرف الصامد" وعدوانه الأخير على غزة، ممّا اضطرّ وزارة الدفاع الأمريكية، البنتاغون، إلى تعويض النقص، صاغرة، وملء المخزون من جديد، وكأنّ شيئا لم يكن! كرم الكونغرس مُنقطع النّظير، فكلّ المتابعين لخصوصية العلاقة التي تجمع الكيان بالولايات المتحدة، يذكرون أنّه أمر بزيادة تمويلات قبة الكيان الحديدية ومنظومات دفاعه الصاروخية بنسبة النّصف، لتبلغ "المساعدات" الأمريكية المعتمدة لذلك مبلغ: 351 مليون دولار في 2015، بعد أن كانت 235 مليون دولار سنة 2014. مراجعة بسيطة لجداول ما يسمّى بال"مساعدات" العسكرية الأمريكية لكيان مدجّج بأشرس ترسانة، فضلا عن أسلحة الدمار الشامل، يكتشف بذهول أنّ حجم التبرّعات الأمريكية سيبلغ ما لا يقل عن 30 مليار دولار، فقط بين السنوات 2009 و2018! "تبرّعات" يسدّد فواتيرها أصحاب العائدات الرهينة والتي تُجمّد متى عنّ لمحتجزيها في بنوكهم، ودافع الضرائب الأمريكي المغلوب على أمره. ولا يزال، مع هذا وغيره، من يتحدّث عن "شريك" و"راع" و"وسيط" نزيه في عمليات طحن الماء التفاوضية!

لا يكتفي القانون بذلك، وهو خطير، بل يذهب إلى أبعد وأفظع، إذ بموجبه سيصبح لزاما على حكومات الولايات المتحدة، التي لا يتورّع حليفها المدلّل على اختراق منظومتها، وبيع أسلحتها المتطوّرة لأعدائها دون علمها ورضاها، وزرع عملائه داخل مؤسساتها الإستراتيجية، سيصبح لزاما عليها "التنسيق الإستخباراتي الكامل والتبادل، بصورة أكثر انتظاما وأكثر تفصيلا، لكافة المعلومات ذات العلاقة بمشاريع ومقتنيات ومستوى التطوّر الذي تبلغه المؤسسسات العسكرية التي تخصّ في الدول المحيطة بالكيان، إيران تحديدا، إذ البقية مجرّد سوق لصفقات أسلحة بأرقام فلكية، بدون فائدة تذكر!
قانون تصنيف الكيان "شريكا استراتيجيا" لا يُعمّق شراكة وتماهيا قائمين ومُتجذرين، أصلاً، و لا يُعزّز خصوصاً مخزون وترسانة الكيان من الأسلحة الأمريكية إلى تسعة أضعاف، فحسب، بل يُعيد للمرة الألف ولمن لا يزال يُراهن على حياد ونزاهة الولايات المتحدّدة، بمختلف إداراتها، أنّ أمله في فكّ "رباط مقدّس"، كما وصّفه "صاحب نوبل للسلام" وهلّلوا له ولا يزالون، منذ إعلانه رئيسا، محض وهم! لا تغرنّكم اعترافات هنا وهناك ب"الدويلة"، غير ملزمة أولا، ومشروطة بمزيد التفاوض، ثانيا!
أخيرا، هل يحتاج من تخونه ذاكرته، أو يمارس فقدانها متى شاء، أن نشحذ ذاكرته بصدى هذا الأوباما الصارخ صباح مساء: “أحد أهدافنا على المدى الطويل في هذه المنطقة هو أن نعمل بشكل لا يترجم فقط مدى الإلتزام المقدس من قبلنا تجاه أمن إسرائيل بتقديم القدرات العسكرية التي هي بحاجة لها، ولا بأن نؤمّن لها التفوّق العسكري الضّروري في منطقة خطرة جدا”. من صُمّت آذانهم فليطرقوا سمعا لقوله: “اسمعوا جيداً.. إذا كنتم تنتظرون من أمريكا أن تنأى بنفسها عن إسرائيل فأنتم واهمون واهمون! إن التزامنا والتزامي أنا شخصياً بأمن إسرائيل لا يقبل نقاشاً… إن اليهود وراء نجاحي في شيكاغو، إنّ لهم دوراً مركزياً في هذا النجاح، لهذا يتهمني السود بأنني أقرب إلى اليهود مني إلى السود”؟
إذا كان يبرّر لأوباما وغيره من رؤساء الولايات المتحدة، محاولاتهم خطب ود اللوبي الصهيوني والناخب اليهودي واليمين المتصهين الأمريكي، رهانهم على أصواتهم الانتخابية، فكيف يبرّر لنا أصحاب القضية، التي تكاد تُصفّى في عزّ “الربيع”، إصرارهم على رهان خاسر على إدارات أمريكية مرتهنة بالكامل للكيان والاحتكام لها رغم كل خيبات مُحترفي جلسات استحضار “سلام الشجعان”، ورغم تبديد الوقت وتسفيه نضالات أجيال متعاقبة وطعنة في ظهر المقاومة؟
هل يعقلون؟
*باحث في الفكر الإستراتيجي، جامعة باريس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.