اعتبر الباحث في الجماعات الاسلامية عبد اللطيف الحناشي، في تصريح لحقائق أون لاين، اليوم، أن مصادر ومنابع تمويل الإرهاب "عديدة وتبدو معقدة، بعضها داخلي وبعضها خارجي، كما أن بعضها يقف ورائه دول ومنظمات وجماعات ذات أهداف سياسية محددة وبعضها يقف ورائها أفراد أو تجار أو مؤسسات تجارية تؤمن بنفس أفكار الجماعات الإرهابية التي تدعمها وتشترك معها في أهدافها"، مضيفا أنه قد يشترك الأفراد في التمويل على حسن نية، أي أنهم يقدمون المال (الصدقات والتبرعات ومال الزكاة والأعمال الخيرية والإنسانية) دون ان يعرفوا مصيرها الحقيقي. وبالنسبة لدور الدول في تقديم المال للمجموعات الإرهابية، قال الحناشي إنها لا تتورّط في ذلك، عادة، بشكل مباشر، بل تعتمد على أفراد أو جمعيات خيرية، مؤكدا أن الشكل الأخطر لمصادر التمويل هو التحالف بين المنظمات الإرهابية ومافيا التهريب وتبييض الأموال رغم الفوارق بين الطرق التي يستخدمها الطرفان. وتابع بالقول: "المنظمات الإرهابية تعتمد إخفاء مصادرها المالية في معرض نشاطها لنقله من الحيز المحلي إلى الحيز الدولي، وهو الفرق بينها وبين العصابات التي تقوم بعملية غسيل الأموال، اذ ان المنظمات الإرهابية تعتمد على منظمات خيرية وشركات ومؤسسات واستثمارات وهمية لخلق غطاء قانوني وهمي لعملياتها وعلى عصابات التهريب أيضا وهو امر يؤكده حرص تلك المنظمات على تواجدها وانتشارها في المناطق الحدودية...". كما تحدث المؤرخ عبد اللطيف الحناشي عن عملية الاحتطاب كمصدر تمويل للجماعات الارهابية، قائلا: "لا شك ان سيطرة داعش والنصرة على مواقع موارد الطاقة في سوريا والعراق نقلة نوعية في تمويل نشاطات تلك المجموعات التي لا تتردد في ارسال جزء منه للمنظمات الشبيهة او الحليفة ان احتاجت لذلك. كما تشير بعض المصادر الى وجود خيوط واضحة لواشنطن والموساد وربما تركيا مع و/في "داعش" و"النصرة" اللتين لم تعلنا العداء لتلك الدول ولم تعتديان على أي من مصالحها، مما يعني ان تمويلها من قبل بعض أنظمة الخليج العربي ومخابرات أميركا وإسرائيل مؤكد من اجل الأمان الأمني والعسكري مقابل هذا الدعم بما في ذلك حفظ امن النفط في ليبيا والعراق ودول الخليج، مقابل تأمين آبار نفط لداعش وهذا ما يحصل اليوم في بعض آبار سوريا والعراق". أما عن الخطط التي يجب اتباعها لتجفيف مصادر التمويل هذه وقطع الطريق ماديا أمام هذه الجماعات، التي بدأت تتغول ماليا وهو ما يساعدها اليوم على التقدم في عدة دول عربية (خاصة بالنسبة ل"داعش" التي وصلت إلى ليبيا وهي تقريبا على أبواب تونس وفق عديد التحاليل)، فبين محدثنا أنه يجب تقسيم وسائل منع هذا التمويل قانونيا وتشريعيا، من ذلك إصدار أو مراجعة العديد من التنظيمات والقوانين لتضييق الخناق على الأطراف التي تضخ الأموال لتلك المجموعات، وتتبع مصادره ومحاسبة المتورطين فيه. ولنجاح العملية، يرى الأستاذ الجامعي عبد اللطيف الحناشي أنه لابد من التعاون الأمني الدولي لتعقب الممولين والكشف عنهم من خلال تتبع حركة نقل الأموال بين الأجهزة المصرفية العالمية، مؤكدا ان من أهم الوسائل التي تحد من تمويل الإرهاب هو العناية بضبط ومراقبة ممارسات منظمات المجتمع المدني عامة والمنظمات التي تهتم ب"العمل الخيري" خاصة، حتى لا يُساء استغلال تديّن الناس ورغبتهم في الخير، من خلال أشخاص تابعين لهذه الجهات الإرهابية، حسب تعبيره. يُذكر أن الجزائر استضافت، اليوم الاثنين 23 فيفري 2015، اجتماعا دوليا بمشاركة خبراء من عدة دول لبحث سبل تجفيف منابع تمويل الإرهاب وتجريم الفدية، تزامنا مع عقد اجتماع بقاعدة اميركية في الكويت مع قادة عسكريين ودبلوماسيين بهدف البحث في مستجدات الحرب على المتطرفين، وبعد حوالي أسبوع من القمة العالمية الأولى، حول مكافحة التطرف العنيف، التي عقدت الأسبوع الماضي في واشنطن.