الفسفاط شريان الحوض المنجمي وقلبه النابض، حيث تنتج تونس 8 ملايين طن سنويا ما جعلها تحتل المرتبة الخامسة عالميا، وشركة فسفاط قفصة من الشركات العريقة تم تأسيسها سنة 1897، وقبل 14 جانفي 2011 ساهم الفسفاط بنسبة 9% من إجمالي عائدات الصادرات التونسية. قطاع الفسفاط قطاع مهم وحيوي طاله جدل كبير بخصوص طاقته الإنتاجية كما رافقته تساؤلات عدة بخصوص العقود التي تبرمها شركة فسفاط قفصة مع الدول التي تصدر إليها الفسفاط والبالغ عددها 20 دولة. الجدل حول العقود لم يقتصر على العقود المبرمة مع الخارج وإنما تعداها الى العقود المبرمة مع الخواص قصد نقل الفسفاط عبر الشاحنات. عدنان الحاجي عضو لجنة الصناعة والطاقة والثروات الطبيعية والبنية الأساسية والبيئة اعتبر عقود نقل الفسفاط مع الخواص ظاهرة جديدة متسائلا عن المناقصات التي يتم من خلالها إبرام العقود لنقل الفسفاط، قائلا: "نحن لم نطلع على هذه العقود ولم يقع تعليقها ولا نعلم بالمقاييس المعتمدة في نقل الفسفاط عن طريق الشاحنات إلى كل من قابس والصخيرة وغيرها من مناطق التعامل مع خواص لنقل الفسفاط وذلك بدعوى عدم قدرة الشركة الوطنية التونسية للسكك الحديدية على نقل الفسفاط". تساؤلات معلقة في انتظار تفعيل قانون حق النفاذ إلى المعلومة ليكون الحكم الفيصل في مثل هذه الحالات، ذلك أن قطاع الفسفاط وكغيره من القطاعات الاستخراجية يكتنفه غياب المعلومة الدقيقة والتي تقطع مع الشكوك و الشبهات التي ترافقه كقطاع سواء قبل 14 جانفي أو بعده. فتطبيق مبدأ حق المواطن في النفاذ إلى المعلومة في مجال الطاقة، يكسي القطاع ملمسا شفافا وواضحا ويكرس مبدأ الديمقراطية ويقطع مع الممارسات البائدة، ويضع حدا للضبابية والغموض الذي رافق هذا القطاع طوال عقود عدة، مشهد دفع بعدنان الحاجي إلى القول بعدم توفر الوضوح والشفافية فيما يتعلق بمجال الطاقة الاستخراجية فليس هنالك أرقام دقيقة بخصوص مساهمة المواد الاستخراجية في الدخل الوطني الخام كما يكتنف الغموض كيفية تجديد العقود المبرمة مع الشركات الأجنبية و بخصوص الأرقام المتعلقة بالإنتاج ومصاريف الإنتاج وكذلك الكميات المنتجة من الفسفاط. موقف يعاضده فيه النائب عن الجبهة الشعبية بمجلس نواب الشعب عمار عمروسية الذي طالب باعتماد مبدأ الشفافية عند التعاطي مع الثروات الطبيعية قائلا: "إن المعطيات شحيحة بخصوص العقود في مجال الطاقة الاستخراجية هو صندوق اسود ويجب اطلاع النواب والإعلاميين والمواطنين بالمعطيات المتعلقة بالعقود وبنودها فالضبابية تكتنف العقود فيما يتعلق بالمداخيل والأسواق". لتتواصل المحاولات والمساعي الرامية إلى إيجاد أجوبة لأسئلة بقيت معلقة في ظل عدم وجود قوانين تمكن من الولوج إلى المعلومة. وقد حاولت منظمة "أنا يقظ" ومن خلال إطلاق موقع الواب "وينو الفسفاط" لتنزيل المعلومات التي تهم هذا القطاع، خطوة تفاعلت معها شركة فسفاط قفصة ووعدت القائمين على الموقع بتمكينهم من أجوبة لأسئلتهم بخصوص كميات الفسفاط المنتجة وبعائداته وبقيمة المبالغ التي تدعم بها الشركة الجهة وذلك على مستوى البنية التحتية والصحة والبيئة وغيرها. هي محاولات جانبية ومهما تعززت فهي غير قادرة على تحقيق ما يمكن تحقيقه قانون حق النفاذ إلى المعلومة فهو قادر على ضبط وتحديد شروط وحدود وطرق النفاذ إلى المعلومة فمشروع القانون عدد55 لسنة 2014 والمتكون من 10 أبواب موزعة على 66 فصلا والمتعلق بحق النفاذ إلى المعلومة أصبح من المشاريع ذات الأولوية وعلى لجنة الحقوق والحريات التي تم تركيزها مؤخرا الانطلاق في مناقشته وتمريره إلى الجلسة العامة بمجلس نواب الشعب. مشروع حق النفاذ إلى المعلومة كفيل بتكريس مبدأ الشفافية والحكم الرشيد، ويجعل من المواطن شريكا في الوطن وفي التمتع بثرواته ويفترض وعيا خاصا من المواطن وقدرة على ممارسة هذا بشكل فعلي من قبل الجميع وليغلق الباب وبشكل نهائي أمام الاتهامات الموجهة لقطاع الطاقة الاستخراجية بالمحاباة، خصوصا قطاع النفط والغاز، وحتى نعلم بمصير ثروة وطنية من حق الشعب التونسي مراقبتها والاطلاع على كل ما يتعلق بها.