تقف تونس عند جملة من التحديات الكبرى التي تنتظرها بعيد وضوح المشهد السياسي بصفة عامة وإرساء المؤسسات الدائمة لبناء الجمهورية الثانية . انتظارات وآمال معلقة تلامس مجالات وقطاعات نجهل عنها الكثير ونأمل أن يقع التعاطي معها بكل شفافية حتى يكون المواطن مواطنا و يمارس حقه بكل مسؤولية ويقوم بواجبه على أكمل الوجوه. ومن القطاعات التي رافقها جدل كبير وحامت حولها العديد من التساؤلات قطاع الطاقات الاستخراجية وما تشكله من ثقل سواء عند إعداد الميزانية السنوية أو لدى المواطن الذي أثقلته متطلبات الحياة وجعلت منه عنصرا مغيبا في هذه المعادلة ، معادلة الشفافية في مجال الطاقة مكتفيا بترديد ما يتم تداوله سواء عبر شبكات الانترنت أو الأصدقاء.الثروة الطبيعية من نفط وغاز ومناجم ومعادن وعقود ومدا خيل العقود ومع من تبرم هذه العقود ورخص الاستخراج النفطي وغيرها من الأسئلة المعلقة، وقد بقيت من المسائل المبهمة في أذهاننا نظرا لما تحمله من تساؤلات أحيانا نجد لها الجواب وأحيانا آخرى تبقى بعيدة عن إدراكنا لقصور في المعلومة ولكسل فينا حيث لا نقصد المؤسسات المختصة للحصول على المعلومة،مما فتح الباب على مصراعيه لتداول الإشاعات بخصوص هذا القطاع الحيوي والهام . فالبرغم من متانة مجتمعنا المدني وصلابته في تناول العديد من المسائل والضغط من اجل الدفع بها قدما فان دور المجتمع المدني لم يفعل بالشكل المطلوب في هذا القطاع وتونس التي أبدت موافقتها على الانخراط في مبادرة الشفافية وذلك سنة 2012 لم تفعل تلك المبادرة وذلك لانعدام الرؤية السياسية الواضحة بسبب الظروف الصعبة التي مرت بها البلاد وعدم وجود مؤسسات دائمة قادرة على اتخاذ القرار. المشهد العام في تونس ملامحه تبلورت كذلك الدستور التونسي باعتباره الوثيقة القانونية الأهم و الأقدر على تحديد شكل القوانين التي ستعتمد مستقبلا. الدستور الجديد ومن خلال الفصل الثالث عشر نص صراحة على أن "الثروات الطبيعية ملك للشعب التونسي تمارس الدولة السيادة عليها باسمه . تعرض عقود الاستثمار المتعلقة بها على اللجنة المتخصصة بمجلس نواب الشعب وتعرض الاتفاقات التي تبرم في شانها على المجلس للموافقة". فصل مهم أعاد الملكية للمواطن ومكنه من ممارسة هذا الحق من خلال ممثليه وهم نواب الشعب وهو أمر ايجابي وعلى المجتمع المدني ممارسة هذا الحق وذلك بالسعي إلى المطالبة بحقه في النفاذ إلى المعلومات وبالانخراط في المنظمات المحلية والدولية التي تدافع عن حقه في الاطلاع على التقارير وكذلك الاطلاع على العقود المبرمة بين البلاد التونسية وشركات الاستخراج. لمن تمنح هذه العقود ولماذا وما هي عائداته وفي ذلك تعزيز للنقاش بين الحكومة والمواطن حتى يكون على بينة بكل ما يهم حياته العامة وليمارس حقه كمواطن شريك في الوطن وفي الثروات.