نظمت وكالة تونس إفريقيا للأنباء، امس الجمعة 01 ماي 2015، لقاء مع الكاتب الروائي شكري المبخوت الفائز بجائزة الكومار الذهبي عن روايته "الطلياني" المرشحة لنيل الجائزة العالمية للرواية العربية "البوكر" لسنة 2015. ومثل هذا اللقاء الذي حضره عدد من الكتاب والروائيين والجامعيين والصحفيين، فرصة لمناقشة الباحث الجامعي شكري المبخوت حول روايته البكر، وما حملته من أوجاع وتناقضات لواقع أليم عاشه جزء من التونسيين في أواخر الثمانينات وبداية التسعينات، قدمها الكاتب بطريقة سردية تخييلية، تأملية كشفت عن تمكن المبخوت الباحث الاكاديمي وإتقانه كذلك لفنيات السرد. انطلاقا من قصة عبد الناصر الملقب بالطلياني وحبيبته زينة طالبة الفلسفة الثائرة والمتمردة الطموحة، طرحت الرواية مجموعة من القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية منها العلاقة بين اليساريين والإسلاميين والعنف السياسي، فضلا عن العلاقات خارج إطار الزواج والخيانة الزوجية والتحرش الجنسي بالأطفال وزنا المحارم وغيرها من القضايا التي كتبت بطريقة سردية روائية جميلة وفق شهادات جل الحاضرين. وفي حديثه عن شخصيات الرواية قال الكاتب والناقد الأدبي الدكتور محمود طرشونة الذي أدار اللقاء "إننا إزاء شخصيات حية وكأنها أصلية، والقضايا المطروحة في التسعينات لها امتداد الى اليوم وتستشرف المستقبل"، معتبرا أن رواية "الطلياني" تمثل منعرجا هاما في تاريخ تطور الرواية التونسية بعد رواية "حدث أبو هريرة قال" لمحمود المسعدي (1973) وروايته الشخصية "دنيا" (1993). من جهته، أوضح شكري المبخوت أنه شرع في كتابة هذه الرواية في نهاية 2012 واعتبرها "وليدة الثورة"، مضيفا: "أردت أن أتطهر بالكتابة من مخاوفي من التحولات التي شهدتها تونس في الفترة الانتقالية"، كما أشار إلى أن الرواية "لا تقدم أصولا بل شخصيات من منظار فني". ولئن نفى أن يكون القصد من كتابة رواية "الطلياني" التأريخ لمرحلة معينة، بين المبخوت أن التاريخ كان "إطارا ضروريا" للبناء السردي، مشددا على ضرورة أن يكتب التاريخ بطريقة سردية تخييلية (على غرار بعض كتابات العروسي المطوي والمختار جنات) بهدف "تعمير خيال الشباب وحمايتهم من إمكانية الجنوح نحو الارهاب وغيره من الآفات الاجتماعية"، وفق تقديره. كما شدد صاحب رواية "الطلياني" على أن الفن الروائي تأملي بالأساس وأن "الرواية هي الجنس الأدبي الوحيد الذي يمكن أن نبني به كل تلك المتغيرات، بل هو جنس يلتهم كل الأجناس الأدبية والفنية الأخرى"، فالرواية "أصدق إنباء من الكتب". وأوضح شكري المبخوت أنه لا يقدم من خلال هذه الرواية أي رسالة لليسار التونسي، بقدر ما يشدد على استحالة تحقيق مكسب دون تحرير الفرد، مبينا أنه اعتمد على "أجساد مرهقة وشخصيات مقهورة، في محاولة لأن يعيد "لليسار إنسانيته"، قائلا "إن تحرر الشعوب هو التقاء ذوات حرة"، معتبرا أن روايته بمثابة "أرشيف للوجع الإنساني". رواية "الطلياني" التي قال عنها الكاتب جلول عزونة رئيس رابطة الكتاب الأحرار إنها تذكر القارئ برواية "زهرة الصبار" (1990) لعلياء التابعي، واعتبرها الاعلامي بشير واردة من أهم الروايات التي تؤرخ لمسيرة اليسار التونسي إلى جانب "الحبس كذاب والحي يروح" لفتحي بلحاج يحيى (2009)، تتنافس ضمن القائمة القصيرة للروايات المرشحة لنيل جائزة البوكر العالمية والتي سيقع الكشف عن الفائز بها يوم 6 ماي الجاري في أبو ظبي. إتقان حبكة هذه الرواية جعلتها لا فقط محل اهتمام القراء في تونس وخارجها بل محل اهتمام السينمائيين حيث أكد شكري المبخوت تلقيه ثلاثة مقترحات لاقتباس هذا العمل الأدبي المتميز وتحويله إلى شريط سينمائي، ولعل هذا النجاح الذي لقيته الرواية شجع صاحبها على كتابة جزء ثان "للطلياني" سيرى النور قريبا. المصدر: وات