السينما التونسية حاضرة بفيلمين في الدورة التأسيسية للمهرجان الدولي للفيلم القصير بمدينة تيميمون الجزائرية    بطولة انقلترا: مانشستر سيتي يكتسح ليفربول بثلاثية نظيفة    الصندوق العالمي للطبيعة بشمال إفريقيا يفتح باب التسجيل للمشاركة في النسخة الثانية من برنامج "تبنّى شاطئاً"    مدير "بي بي سي" يقدم استقالته على خلفية فضيحة تزوير خطاب ترامب    هل نقترب من كسر حاجز الزمن؟ العلم يكتشف طريقاً لإبطاء الشيخوخة    بنزرت ...مؤثرون وناشطون وروّاد أعمال .. وفد سياحي متعدّد الجنسيات... في بنزرت    صفاقس : نحو منع مرور الشاحنات الثقيلة بالمنطقة البلدية    نبض الصحافة العربية والدولية ... مخطّط خبيث لاستهداف الجزائر    "التكوين في ميكانيك السيارات الكهربائية والهجينة، التحديات والآفاق" موضوع ندوة إقليمية بمركز التكوين والتدريب المهني بالوردانين    حجز أكثر من 14 طنًا من المواد الغذائية الفاسدة خلال الأسبوع الأول من نوفمبر    ساحة العملة بالعاصمة .. بؤرة للإهمال والتلوث ... وملاذ للمهمشين    توزر: العمل الفلاحي في الواحات.. مخاطر بالجملة في ظلّ غياب وسائل الحماية ومواصلة الاعتماد على العمل اليدوي    بساحة برشلونة بالعاصمة...يوم مفتوح للتقصّي عن مرض السكري    أندا تمويل توفر قروضا فلاحية بقيمة 40 مليون دينار لتمويل مشاريع فلاحية    العاب التضامن الاسلامي (الرياض 2025): التونسية اريج عقاب تحرز برونزية منافسات الجيدو    أيام قرطاج المسرحية 2025: تنظيم منتدى مسرحي دولي لمناقشة "الفنان المسرحي: زمنه وأعماله"    قابس: حريق بمنزل يودي بحياة امرأة    الليلة: أمطار متفرقة ورعود بأقصى الشمال الغربي والسواحل الشمالية    كاس العالم لاقل من 17 سنة:المنتخب المغربي يحقق أكبر انتصار في تاريخ المسابقة    الانتدابات فى قطاع الصحة لن تمكن من تجاوز اشكالية نقص مهنيي الصحة بتونس ويجب توفر استراتيجية واضحة للقطاع (امين عام التنسيقية الوطنية لاطارات واعوان الصحة)    رئيس الجمهورية: "ستكون تونس في كل شبر منها خضراء من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب"    الجولة 14 من الرابطة الأولى: الترجي يحافظ على الصدارة والهزيمة الأولى للبقلاوة    نهاية دربي العاصمة بالتعادل السلبي    شنيا يصير كان توقفت عن ''الترميش'' لدقيقة؟    عاجل: دولة أوروبية تعلن حظر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على الأطفال دون 15 عامًا    احباط تهريب مبلغ من العملة الاجنبية يعادل 3 ملايين دينار..#خبر_عاجل    عاجل : فرنسا تُعلّق منصة ''شي إن''    رحيل رائد ''الإعجاز العلمي'' في القرآن الشيخ زغلول النجار    جندوبة: الحماية المدنية تصدر بلاغا تحذيريا بسبب التقلّبات المناخية    تونس ستطلق مشروع''الحزام الأخضر..شنيا هو؟''    حريق بحافلة تقل مشجعي النادي الإفريقي قبل الدربي    احتفاءً بالعيد الوطني للشجرة: حملة وطنية للتشجير وبرمجة غراسة 8 ملايين شتلة    الديربي التونسي اليوم: البث المباشر على هذه القنوات    أعلاها 60 مم: كميات الأمطار المسجلة خلال ال24 ساعة الماضية    المنتخب التونسي تحت 23 عاما يلاقي وديا السعودية وقطر والامارات من 12 الى 18 نوفمبر الجاري    عاجل: النادي الافريقي يصدر هذا البلاغ قبل الدربي بسويعات    ظافر العابدين في الشارقة للكتاب: يجب أن نحس بالآخرين وأن نكتب حكايات قادرة على تجاوز المحلية والظرفية لتحلق عاليا في أقصى بلدان العالم    أول تعليق من القاهرة بعد اختطاف 3 مصريين في مالي    عفاف الهمامي: كبار السن الذين يحافظون بانتظام على التعلمات يكتسبون قدرات ادراكية على المدى الطويل تقيهم من أمراض الخرف والزهايمر    هام: مرض خطير يصيب القطط...ما يجب معرفته للحفاظ على صحة صغار القطط    تحذير من تسونامي في اليابان بعد زلزال بقوة 6.7 درجة    عاجل-أمريكا: رفض منح ال Visaللأشخاص الذين يعانون من هذه الأمراض    طقس اليوم: أمطار غزيرة ببعض المناطق مع تساقط البرد    الشرع في واشنطن.. أول زيارة لرئيس سوري منذ 1946    المسرح الوطني يحصد أغلب جوائز المهرجان الوطني للمسرح التونسي    رأس جدير: إحباط تهريب عملة أجنبية بقيمة تفوق 3 ملايين دينار    أولا وأخيرا .. قصة الهدهد والبقر    تقرير البنك المركزي: تطور القروض البنكية بنسق اقل من نمو النشاط الاقتصادي    منوبة: الكشف عن مسلخ عشوائي بالمرناقية وحجز أكثر من 650 كلغ من الدجاج المذبوح    هذه نسبة التضخم المتوقع بلوغها لكامل سنة 2026..    شنيا حكاية فاتورة معجنات في إزمير الي سومها تجاوز ال7 آلاف ليرة؟    بسمة الهمامي: "عاملات النظافة ينظفن منازل بعض النواب... وعيب اللي قاعد يصير"    الطقس اليوم..أمطار مؤقتا رعدية بهذه المناطق..#خبر_عاجل    تونس: ارتفاع ميزانية وزارة الثقافة...علاش؟    تعرف قدّاش عندنا من مكتبة عمومية في تونس؟    من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظّه من الخير    خطبة الجمعة ... مكانة الشجرة في الإسلام الشجرة الطيبة... كالكلمة الطيبة    مصر.. فتوى بعد اعتداء فرد أمن سعودي على معتمر مصري في المسجد الحرام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سَقَطَ القِناعُ عَنِ القِناعِ: زَوَاحِفُ المُخْتَبَراتِ الصّهيو -غَرْبيَّة في مهَبِّ الدِّبَبَةِ الرُّوسيّة المُجَنَّحَة !
نشر في حقائق أون لاين يوم 19 - 11 - 2015

سَقَطَ القِناعُ عَنِ القِناعِ: كَم تَبْدُو هذهِ الكلمات الثلاث للشاعِرِ الفلسطينيّ الكونِيّ الرَّاحِل محمود درويش، مُناسِبَةً للتَّعبيرِ عَن اللحظةِ التاريخيّةِ الرَّاهِنَةِ بَدْءاً مِن استِجابَةِ الحكومةِ الرُّوسيَّةِ لِطَلَبِ نَظيرَتِها السُّوريّةِ بتأمِينِ غِطاء جَوِّيّ ناجِع لِعَمَلِيّاتِ الجيشِ العَرَبيّ السُّوريّ المُسْتَمِرَّة بإرادَةٍ وطنيّةٍ عاليةٍ وبِمؤازَرَةِ قوىً وَطَنيّة سُوريّة (عربيّة وكرديّة وآشُوريّة ...إلخ) وأُخرى شقيقة وصديقة مِن أجْلِ تحريرِ كُلِّ شبْرٍ مِن التُّرابِ السُّوريّ تُدَنِّسُهُ قطْعانُ الإرهابيّين التكفيريّين والمُرتزقة، بَعْدَ تَزْويدِهِم مِنَ الجَّوّ أو عَبْر الحدود التّركِيّة خاصَّةً بأحْدَثِ الأسلِحَة الأمريكيّة والفرنسيّة والإسرائيليّة وأشدّها فَتْكاً بتمويلٍ مِن حُكّامِ وأثرياءِ الكياناتِ الخليجيّة الوهابيين كآل سعود وآل ثاني وكذلك مِن رهوط الإخونجيّة.
لقد سَقَطَ القِناعُ الأوَّلُ المُتَمَثِّلُ بالتَّحالُفِ الذي تَقُودُهُ الولاياتُ المُتَّحِدَة الأمريكيّة لِمُحاربَةِ تَنظيم "داعش" - كما يزعَمُون -، وهذا القِناعُ واقِعِيّاً لم يَكُن - وَلم يُرَدْ له أن يكون - أكثَرَ مِن غِطاءٍ مُراوِغٍ وَتضليليٍّ لِتَمَدُّدِ تنظيمَيِّ "داعش" و"جبهة النّصرة" وَسواهُما مِن التنظيماتِ التكفيريّةِ ، فَيَحلُّ الرُّعْبُ في أوساطِ الإرهابيين المُتَوَحِّشِين منذُ الأسبُوعِ الأوَّلِ مِن ضَرباتِ "السُّوخُوي" الرُّوسيّةِ التي يَنطَبِقُ عليها قَولِ المُبْدِع الرُّوسيّ الكبير " نيقولاي فاسيلوفيتش غوغول" (1809-1852) قَبْلَ قُرابةِ القرنين : "يا روسيا، إلى أينَ تُحَلِّقينَ؟ أجيبيني. لا جواب. الأجراسُ ترنّ وتَملأ الجَّوَّ بجلجلتِها الرّائعةِ، ويَتَصَدَّعُ الهَواء ويهدرُ بالرُّعُودِ وَهُوَ يتَحَوَّلُ إلى رياح، ويتَطايَرُ كُلُّ ماعلى الأرْض وينظرُ النّاسُ الآخَرُون بارتِيابٍ إليها وتَتَنَحَّى الدُّوَلُ الأُخرى جانِباً وَتُفْسِح الطَّريق"!.
سَقَطَ القِناعُ الأوَّلُ الذي بِتَراخِيهِ وَ"جَعْجَعَتِهِ التي بِلا طَحْنٍ" ياسيِّد شكسبير ، كانَ يُشَجِّعُ سُلالةَ هُلاكو وتيمور لنغ والسّفاحين العثمانيين وغَيْرِهِم مِن الوحُوشِ المُفْتَرِسَة التي تَتَّخِذُ هيئاتٍ آدَميّةً على إشاعةِ المَزيدِ مِن الدَّمارِ والخَرابِ والسَّبْيِ والقَتْل ذَبْحاً وَنَطْعاً وَحَرْقاً وَشَنْقاً وَرَجْماً وَفَسْخاً إلى أن ارْتَفَعَ غُبارُ انهيار العمران ودُخانُ الحَرائقِ وَشَخيبُ الدِّماءِ وأنينُ المُعَذَّبينَ والمُعَذَّبات والمُغْتَصَبِينَ والمُغْتَصَبات إلى كُلِّ فضاءاتِ حُكوماتِ العالَمِ ومُجتمَعاتِهِ "المَدَنيّة؟" وَسُقُوفِها الواطئة والعالية ، الواقِعيّة والافْتِراضيّة ،فكانت مُسَرْبَلَةً باللامُبالاةِ والتَّخليط اللذين يتمّ التَّعبيرُ عنهما بعباراتٍ وخطابات سُوقيّة لا تَليق بِمُمَثِّليّ شُعُوب دَفَعَتْ ثَمَنَ حُرّيّتها وحُكوماتٍ أوصلتها إلى سدّة الحكم ديمُقراطيّة مُسِخَتْ إلى صندوق اقْتِراعٍ ومُجتَمَعات تتبَجَّح بالتَّمَدُّن واختِصار مَفهوم حقوق الإنسان إلى جَعلِهِ ذريعةً لإطاحَة السلطات الوطنية عبر العالم واستبدالها بسلطاتٍ عميلة للأجنبي.
إذن بعبارات وخطاباتٍ لاتليق بِمَن احتكروا لأنفسهم تمثيل "المجتمَع الدُّوَلي" أكثَر مِمّا تليق الأصباغ الزّاهية بِوجُوهِ المُهَرِّجين ، سُرْبِلَتْ فضاءات وسُّقوف العالم "العلمانيّ؟" تلك بلا مُبالاةٍ إزاء الجرائم الإنسانيّة التي شَرعَ "مُقاتِلوّا المُعارضَة المُسَلَّحَة المُعتَدِلة" باقْتِرافِها في حَقِّ خُصُومِهِم مُنذ الأسابيع الأولى مِن ثورة " المسيحيّة إلى بيروت والعلويّة إلى التابوت" : يَرْمُون الضحايا في الأنهار وَمِن أسْطُحِ المؤسسات الرسميّة (أسْوَة بِمُجاهِديّ حركة حماس الإخوانية التي كانت ترمي مُقاتِليّ حركة فتح مِن أسطُحِ مؤسسات السلطة الوطنيّة الفلسطينيّة في مدينة غزّة ويُكَبِّر الحمساويّ وهو يُطْلِق الرصاصَ على الفتحاويّ مُعْلِنا بفصاحَةٍ تكفيريّة أنّه بذلك ضَمِنَ دُخُول الجنّة ) ويلوكُزن أكْبادَ رفاق السّلاح السابقين كما فَعَلَ "جنديّ الجيش الحرّ " بكبدِ جنديّ شهيد مِن الجيش العربي السوريّ قبل أن تظهر"جبهة النصرة" و"داعش" في هذا المشهد الدّامي الذي تمّ التأسيسُ له بتخزين الأسلحة قي الجّوامِع وتحويل مساحاتٍ منها إلى مستشفياتٍ ميدانيّة (بَدْءاً مِن الجامِعِ العُمَري في دَرْعا) قَبْل أن يَدْعو الأبْلَهان الأوربيان "هولاند وكاميرون" إلى تسليح "المُعارَضة السوريّة" المزعومة في جوقة واحدة مع شيخِ الدبلوماسيّة السعودية الخَرِف المَقبور "سعود الفيصل بن عبد العزيز"، ويواصل هذان الأخْرَقان سُلُوكَهُما الأرْعَن حتى بَعْدَ أن اعْتَدَتْ تلكَ "المُعارضة التي كانوا يُسلّحونها" مُباشَرَة أو عن طريق قطر والسعودية والإمارات وغيرها بذات الأسلحة على الأبرياءَ في باريس بوحشيّةٍ أقلّ نسبيا مِن الوحشيّة التي كانوا وما فتئوا يَعتَدونَ بها على الأبرياء في دمشقَ وغيرها مِن المُدُنِ السوريّة، فيُرَدّاون في جَوْقَةٍ بائسة زميلِهِما الأمريكيّ "جون كيري" و غُلامِهِ رئيس الدبلوماسيّة السُّعُوديّة الأمرد السَّفيه "عادل الجبير" عِباراتٍ وَقِحَة تمسّ كرامَةَ شَعْبِنا السُّوريّ عندَما يَتَطاوَلُ بالحديثِ بِشأنِ مَن يجبُ أن يكون رئيسَ دولتنا ومَن يجبُ أن لايكون.
فَعَن أيّ ديمقراطيّة يتحدّث هولاند وأمثاله عندما يتجرّأ على التدخُّل في شؤونِ شَعبٍ عريق وَدولةٍ مُستقلّةٍ ذات سيادَة؟ وَمَن هُم السُّوريّون الذين مَنَحوا هولاند وَسِواه وَكالةً عامَّةً أو خاصّة لكي يُقرّر باسمهم مصائر بلادنا ورموزنا الوطنيّة؟ أيّ سوريّ كلَّفَ هذا الهولاند أن يخور نيابةً عَنْه اللهم إلا حفنة مِن الرّهوط المَوتورين الذينَ سَلَخَ الواحِدُ منهُم سَنوات مِن عمرهِ في سجنِ النظام السابق عندما كان الرئيس بشار الأسد طفلاً وشابّاً يَحلم ويتَعلّم ويتهيّأ ليكون طبيباً مُختصّاً بأمراض العيون بعيداً تماماً عن دوائر القرار السياسي والأمني والاقتصادي والثقافي في بلادِهِ، فآل هؤلاء الرّهوط على أنفُسِهِم أن ينتقموا ليس فقط مِن الرئيس الدكتور بشار الأسد ونظامه الذي أخرجهم مِن السجون وأغلق بَعضَها، بل ينتَقِمُونَ مِن الدولة والشعب في سوريا مَثلهم في ذلك مثل المركيز" دوناتا ألفونس فرانسوا دو ساد " (1740-1814) الذي يبدو أن سُلالتَهُ تَتَّسِعُ في أوساط الطبقة السياسيّة الفرنسيّة باضطراد ، حيثُ قالَ دوساد فَور خُروجِهِ مِن السجن الذي قضى بين جدرانِهِ ثلاث عشرة سنة :" إنَّ مَشاعِري كلّها خَمَدتْ .
لم أعُدْ أستمتِع بتَذوُّق أيّ شيء ، ولم أعد أحبّ أي شيء ، والعالم الذي أندَم بعُنْف أحمق عليه يبدو مُمِلَّاً جدّاً ...مُضْجِراً جدّاً ...لم أكره مَرَّةً البشَر كما أفعل الآن بَعْدَ أن عُدْتُ بينهم ، وإذا كنت أبدو غريب الأطوار للآخَرين ، أؤكّد لهم أنّهم يُولِّدون الشعور نفسه عندي ".بل إنّ هولاند لا يُصغي لأحقاد هؤلاء البائسين وعويلهِم اليائس ،أبداً ، ولا إلى قِيَم "الثورة الفرنسيّة" الموؤودة منذ دَشَّنتْ فرنسا تاريخَها الاستعماريّ المعاصر ، بل هو يُصغي إلى رنين المال الذي يقبضه مِن آل سعود وآل ثاني في صفقات باع على هامشها ضمير فرنسا وتاريخها ، وَهُولاند عندما يتدخّلُ في شأنِ سوريا الدّاخليّ مَثله مثل أولئك الإرهابيين القادِمين بِدافِعٍ عقائديّ تكفيريّ أو لأطماعٍ ارتِزاقيّة مِن الشيشان وتونس والسعودية وليبيا والصين يُريدون إسقاط النظام الوطني السوري والرئيس بشار الأسد كي يحلّ الخليفة ونظام الخلافة محلّهما ، لا يجد حَرجاً كَغيرهِ مِن سُفَهاء السياسةِ الدّوليّة في أن يدعو إلى إزاحة الرئيس بشار الأسد وَعَزلِهِ وإبعادهِ عن أي تسوية يُمكن أن تتمّ بين "أطراف الأزمة السوريّة" حتى في اللحظة التي يُضَرِّجُ خلالها قَتَلَةُ "داعش" الذين اعترفت هيلاري كلينتون أنهم صناعة أمريكا - شوارعَ ومطاعِمَ ومَسارِحَ باريس بالدِّماءِ البريئة ، فهولاند ورَبْعه قرّروا إقصاء الرئيس السوري الشرعيّ والمنتخَب عن مستقبل سوريا السياسي القريب والبعيد ، وكأنّ سوريا الوطن الأوَّل للإنسانيّة باتت مُقاطَعة فرنسية أو ولاية أمريكيّة . وإمْعاناً في التخليطِ المُتَعَمَّد بين "المُعارَضَة الوطنيّة" داخِل سوريا ، هذه المعارضة البنّاءة التي تُحاوِر الحكومة وتنادي بإصلاحاتٍ استجابَ الرئيس بشار الأسد لها بسرعة قياسية ، والتي تؤازِرُ الجيش العربي السوري حالياً في القتال ضدّ الإرهابيين التكفيريين والمرتزقة ، وبين مُعارَضَة عميلة عَدَّتْ الجماعات التكفيريّة ذِراعَها العسكري حاولت الإدارة الأمريكيّة وأتباعُها أن يُسَوِّقوا "جبهة النصرة" التي هي "تنظيم القاعدة في بلاد الشام" كنمُوذَج ل"المُعارَضَة المُعتدلة" التي يقترحها "الغَرْبُ المُتَمَدِّن" وأتباعه أعراب الخليج وانكشاريُّوا أنقرة بديلا للرئيس بشار الأسد ونظام حكمه الوطني العلمانيّ في سوريا!.
أجَلْ ، سَفَطَ القِناعُ الأوَّلُ عَن القِناعِ الثاني. والثاني هُوَ تلكَ الجَّماعاتُ الإرهابيّة مِن تكفيريّينَ وَمُرتزقَة ، تلكَ الأدَوات التي صُنِعَتْ بإرادَةٍ صهيو غَرْبيّةٍ (أمريكيّة وأوربيّة) وتَمويلٍ خليجيّ وتوظيفٍ إسرائيليّ وتركيّ لإشاعَةِ "الفوضى الخلّاقة" وإسْقاطِ الأنظِمة الوطنيّة وإعادَةِ تقسيمِ المنطقة وَفَرْض أمْر واقِع جغراسياسي وديمغرافي جديد لإقامةِ "الشرق الأوسط الكبير" الذي يُؤمِّنُ سيطَرَة صهيو أمريكيّة مُطْلَقَة على ينابيعِ النَّفْط والغاز وَيُجَرِّدُ شُعُوبَ المنطقة مِن أسلحةِ دِفاعِها كافَّةً كَي تَبْقى مُباحَةً لإرادَة وأطماع الكيان الصهيونيّ الاستيطانيّ التوسُّعِيّ العنصريّ ، وَلِمُحاصَرَةِ القُوى الدّوليّة الكبرى التي تصنع مصائرها خارج مَدارات المركز الإمبريالي الأمريكي كروسيا والصّين اللتين تُهدِّدان الهيمنة الأمريكيّة على السياسة الدّوليّة وتسعيان باقتِدار إلى مشهد سياسي دَولي مُتَعِدِّد الأقطاب.
لقد قال الكاتب الأمريكيّ الكبير "هنري ميللر"(1891-1980)منذ فرابة القرن "...الشَّبَقُ للذّهَبِ هُوَ الأساسُ الذي تقومُ عليهِ إمبراطوريّةُ العالمِ الجديد هذه. لقد لحقَ كولومبوس بحُلمِهِ ، لكنّ رجاله لم يفعلوا ، ولا قطّاع الطُّرُق القَتَلَة الذين جاؤوا بَعْدَه . ويبدو كولومبوس الآن من خِلالِ ضباب التاريخ أشْبَه بِرَجُلٍ مجنونٍ هادئ ، وساكِن (عكس دون كيخوته) . وما يُثيرُهُ عَن غَيْرِ عَمْد ، ومايُسَمِّيهِ أحَدُ الكُتّاب البريطانييّن البارزين "الرُّعْب الأمريكي" ، له صِفَةُ وَمُحْتَوى الكابُوس. وَمَع كُلِّ حمولةِ قاربٍ كانَ يأتِي مُخَرِّبُون جُدُد وَقَتَلَة جُدُد . مُخَرِّبُون وَقَتَلَة لا يكتفُونَ ببساطَةٍ بالنَّهْب ، والسَّلْب والاغْتِصاب وإبادَةِ الأحياء ، بل كالشياطِين المُجَسَّدِين يهبِطُونَ على الأرضِ نَفْسِها ، ينتهكونها ، ويبيدونَ الآلِهةَ التي تَحْمِيها ، ويُدَمِّرُونَ أخِرَ أثَرٍ للثقافةِ والرُّقِيّ ، ولا يكفُّون عن النَّهْبِ إلى أن تُواجِهُهُم أطيافُهُم المُخيفةُ". ولذلك ، بَعْدَ أن دَلَقَ الأمريكيّونَ وحُلفاؤهُم باتّجاهِ سوريا عشرات الآلاف مِن الذئاب والأفاعي والعقاربِ والجرذان والدّبابير السامّةِ وأخَذوا يُراقِبُونَ بِتَشَفٍّ ماتُشيعهُ مِن مَوتٍ وهباءٍ في بلادِنا ، وَجَدَتْ تلك الزواحفُ والقوارضُ والضّواري أنّها وَقَعَتْ على حينِ غَرّة بين فَكَّيّ مَهبٍّ عاصِف ، أي بين دِبَبَةِ السّوخوي الرّوسيّة المُجَنَّحَةِ وأُسُود ونُمُور الجيش السوري ومُؤازِريهِ السوريين الوطنيين(عَرباً وأكراداً وآشوريين وكلدانيين وأرمَن...) وأشقائه وأصدقائه مِن مِحوَر المُقاومةِ والمُمانَعةِ، فكان لابُدَّ لقطعان الشرّ وأدوات الجريمة الصهيو أمريكيّة أن تَعودَ فارَّةً مِن ذات المسارب التركيّة التي عَبَرتْها صَوب بِلادِنا ، وكان مُتَوَقَّعاً مِن أردوغان أن يستثمِرَها لِصالِحِ تحالُفِهِ الشيطاني مع وهّابيي الكياناتِ الخليجيّة فيُرسل بَعْضها إلى اليمَن (الذي يُريدونه سُعُودياً لاسعيداً) وَبَعْضها إلى ليبيا لاستِكمالِ مايُدَبَّر للجزائر ، وأن يُعيد البعضَ الآخَر بواعِزٍ باطِنيّ انتِقاميّ إلى المخابر الغَرْبيّة التي فيها تمَّ تصنيعُ فيروسات التكفير الإرهابيّ ، لِتَضرب أجهزة المناعة في الدول الغربية وتعتدي على أنماط الحياة اليومية للمدنيين الأوربيين وتغتذي بدِمائهم كما كانت تعتدي على أنماط الحياة اليومية الآمنة للمدنيين السوريين والعراقيين واللبنانيين والفلسطينيين (في غزّة) والرّوس..وَمَع ذلك لم يستوعبْ الحَمْقى الأوربّيون الدّرسَ بَعْد. فَبَدَل أن يفتحوا أعيُنَهم الرّمداء على حقيقةِ حُلفائهِم مُلُوك وأمَراء الكيانات الخليجيّة الذين يشترون مِنهُم الأسلحة ويُزَوِّدون بِها "داعش " وأخواتها لِمُحاربَةِ مَن يَرفضون أن يكونوا خَدَماً للمصالِحِ الصهيو أمريكيّة عبْرَ العالَم ، وعلى حقيقة السلطان الدّمويّ أردوغان الذي أرسلَ إلى أوربا اللاجئين من معسكراته إلى أصقاع القارّة العجوز بالقوارب المطّاطيّة عبر البحر ودَسَّ بينهم الإرهابيين (منهم مَن شاركَ في تفجيرات باريس) ، وَبَدَل أن يتراجَعوا عن خطاياهم في حَقِّ سوريا ، ويكفّوا عَن تكرارِخطابِهم البائس الذي يَخْلَع صِفَةَ المُعارض المُناضل مِن أجل الحرية و الدّيمقراطيّة وحقوق الإنسان على الإرهابيين التكفيريين المرتزقة الذين يرتكبون الجرائمَ يومياً ضدَّ الشعبِ السوري ودولته ويفرضون على كلِّ شبْرٍ يُسيطرون عليه قوانينهم الوهابيّة القروسطيّة، بدَل ذلك يكابرالقادة الأوربيّون في هُروبٍ إلى الأمام بإدارة الاسطوانةِ المشروخة ذاتها والحديث عن حكومة انتقالية في سوريا وعن تحديد مصير الرئيس بشار الأسد ومُعاقبةِ نِظامِهِ على فضائلِهِ لا على مساوئه التي لاتُرى بالمجهر إذاما قورِنت بمساوئ الأنظمة الحليفة لهم في الخليج وتركيا وغيرها ناهيك عن مساوئ الأنظمة الرأسمالية الغربية ذاتِها وسياساتها الخارجيّة المتوحّشة ، بل إنّ على العالم أن يُضيفَ إلى قائمة فضائل الرئيس بشار الأسد صُمُودَه على مدى قرابة الخمس سنوات في مواجَهة حَرْبٍ إرهابيّة ضروس استهدفت البشر والشَّجَرَ والحَجَرَ في سوريا.
وأخيراً : عندما يقول السيناتور الاميركي عن ولاية فرجينيا "ريتشارد بلاك "في رسالة منه إلى الرئيس بشار الأسد إنّ "الحرب السورية لم يكن سببها اضطرابات داخلية.. كانت حربا غير قانونية لعدوان من قبل قوى خارجية صممت على فرض نظام عميل بالقوة "مشيرا إلى أن الجنرال ويسلي كلارك القائد السابق الأعلى لقوات الحلفاء في أوروبا كشف أنه في عام 2001 طورت القوى الغربية خططا لقلب نظام الحكم في سورية ومع ذلك وبعد 15 عاما من اعمال التآمر العسكرية فإن حلف الناتو والسعودية وقطر لم يتمكنوا حتى الآن من تحديد قائد واحد “للثوار” يتمتع بدعم شعبي بين الشعب السوري" فأنا أصدِّقُهُ ، ذلكَ أنّ الرّمزيّة الوطنية للرئيس بشار الأسد هي مفتاح تماسك الشعب والجيش وبقية مؤسسات الدولة نسبيا في سوريّا ، وبالتالي لم يَعُد مُستَغرباً هذا السُّعار الغربيّ الصهيونيّ العثمانيّ الخليجي في التحريض على الرئيس الأسد والدعوة إلى إبعاده عن دفّة الحكم ،وهو الرئيس المنتخب مِن شعبه ، وإلى إقصائه عن أي مشروع لحلّ الأزمة السوريّة.
وعندما تتهم وزيرة الخارجية السويدية "مارجوت والستروم" إسرائيل بالوقوف بشكل غير مباشر وراء تفجيرات باريس الأخيرة ، وتقول خلال ظهور متلفز لها على قناة “SVT2 ” السويدية أن التطرف الإسلامي سببه عدم توفر الفلسطينيين على مستقبل بسبب إسرائيل ومشاريعها الاستيطانية وقمعها غير المبرر للفلسطينيين ، فإنها تضع الإصبع على جوهر مؤامرة "الربيع العربي" وأهدافها وتداعياتها الإقليميّة والدّولية.
وحين يُحَمِّل وزيرُ السياحة الجزائري "عمّار غول" فرنسا والدّول الغربيّة ، التي كانت سبباً في تأجيج الوضع في عددٍ مِن الدول العربيّة على غرار ليبيا وسوريا ، مسؤوليّة الأعمال الإرهابيّة ، ويعدّ في تصريح لصحيفة "الشروق" الجزائريّة أنّ "فرنسا تحصد ُ الشَّوكَ الذي زَرَعَتْهُ وعليها تَحَمُّل كامل مسؤوليتها والعمل على أن تُعيدَ الأمنَ إلى هذه الدول قبل أمنها الدّاخليّ".
عندئذٍ علينا أن ننتظر مِن فرنسا القطع مع التّبعيّة للسياسة الأمريكيّة لصالح مصالح الشعب الفرنسي وقيَمه التي مرّغَتْها النّزعة الاستعماريّة من جهة والذّيليّة للسياسة الخارجيّة الأمريكيّة والانصياع لأشكال الابتزاز الصهيوني في الوحل وضرّجتها بدماء الضحاياالأبرياء ، فتقطع باريس كليّاً مع معسكر الإرهاب الذي تقوده أمريكا مستخدمةً "داعش" وأخواتها لإطاحة النظام الوطني والرئيس بشار الأسد في سوريا وتعويضه بنظامٍ عميل وخادم للمصالح الصهيوأمريكيّة مثله مثل أنظمة آل ثاني وآل سعود وآل خليفة وآل نهيان إ..لخ ، وتلتحق فرنسا بالدُّوَلِ المُناهِضة للهيمَنةِ الأمريكيّة وأدوات هذه الهيْمَنَة الإرهابية التكفيريّة ، انتصارا للقيم التي تدّعي باريس أنها ماتزالُ تمثلها مثل فصل الدين عن الدولة والمساواة وحرية التعبير الغائبة جميعها غياباً مُطْلَقاً عن الكيانات الخليجية التي تؤازرها الحكومة الفرنسية في العداء السافر للرئيس بشار الأسد والدولة السورية.
فعلى الحكومة الفرنسية أن تُعالِجَ فصامَها الأخلاقي الذي يَعْتَري سلوكاتها وخطابها السياسي والإعلامي ، وأن تُغادر تلك السّوقيّة قي الحديث التضخيمي التضليلي عن "البراميل" التي يلقيها الجيش السوري على الجماعات الإرهابيّة كردِّ فِعْلٍ على وحشيّة أولئك التكفيريين والمرتزقة ، ذلك أنّ مِن السفاهة السياسية والتضليل القذر أن يسعى أعداءُ سوريا إلى عَزْلِ حَجْم عُنْف ردّ الفعل عن حَجْم عُنْفِ الفِعْل.
إنّ كُلَّ ماقامَ ويقومُ بِهِ الجيش والقوى الوطنيّة السوريّة هُوَ ردّةُ فِعْل مَشروعة على الحرب التكفيريّة الإرهابية التي استهدفت التاريخَ والجغرافيا والديموغرافيا في سوريا ، وبالتالي فإنّ تجاهل الفِعْل وَمُعاقَبَة رَدّ الفِعْل ليس فقط حماقةً دوليّة بل هو جريمة موصوفة في حقّ الإنسانيّة قوامُها مُكافأة المُجرم الأصليّ وإدانة الضحيّة ، ولذا فإنّ ما يليق بالرئيس السوريّ الدكتور بشار الأسد هُو مَنْحه وسام الشجاعة الوطنيّة والإنسانيّة ،و ليس النّباح على مصيره بمُنا قشة إن كان جزءا مِن المشكلة السورية أم مِن حَلِّها ، فَمَصير الرئيس السوريّ هُوَ شأن سوريّ داخليّ مَحْض ، والسوريّون الوطنيّون وَحْدَهم هُم المعنيّون فقط باختيار مَن يقودهم الآن وفي المستقبل.
إنّ هذا الإرهاب التكفيريّ الذي أفْرَزَتْه المختبراتُ الغربيّة أداةً لتنفيذ الفوضى الخلّاقة التي يتَخَلَّقُ منها المشروع الصهيو أمريكي المسمّى "الشرق الأوسط الكبير" ، هذا الإرهاب الذي باتَ يتنقّل عبْر العالم يُمثّل الآن لحظةََ انحطاطٍ جديدة في تاريخ البشريّةِ المُعاصِر ، وعلى البشريّة بحكومات دُوَلِ ونُخَبِ مجتمَعاتِ شُعُوبِها بل بقوى البشريّة الحيّة والخيّرة كافّة أن تَتَّحِدَ وتبذلَ الجهودَ المُتَضافِرَة "مِن أجْلِ إزالةِ أسبابِ هذا الانحطاط".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.