نشر رئيس الجمهورية السابق ورئيس حزب تونس الإرادة محمد المنصف المرزوقي تدوينة فايسبوكية جاء فيها ما يلي: " نحو شعب المواطنين (9) التحدّي الأمني يتعالى هذه الأيام خطاب فجّ بخصوص الإرهاب وهو خطاب خطير على كل المستويات. -هو يريد تغطية عين الشمس بغربال أي تمرير أكذوبة ضخمة مفادها أن الترويكا مسؤولة عن الإرهاب مغفلا أن حكومة السبسي هي التي أطلقت سراح أبو عياض وأن قتلى الإرهاب في عهده تجاوزت بكثير عددهم تحت حكم هذه الترويكا. -هو لا يتساءل عن مسؤولية ربع قرن من الظلم والفساد ومحاربة الهوية وتهميش الجيش وتخصيص الأمن لمحاربة الخصوم السياسيين في تغلغل الظاهرة ويريد أن ينسينا أن الجيل الذي أعطانا الإرهابيين هو الذي ولد ونشأ في ظلّ حكم '' بوهم الحنين ". من نافل القول إن آخر همّ مثل هذا الخطاب هو التركيز على محاربة الأسباب التي تجعل منا بلدا مصدرا للإرهابيين: الفقر والتهميش والجهل. يكفيه الصراخ والزعيق ضدّ الظاهرة. موقف يوحي لي بصورة طبيب يعالج حمّى بأبسط دواء في متناول يده مثل الأسبرين لا يهمّه معرفة هل هذه الحمى علامة سلّ أو سرطان أو التهاب سحايا. وعندما يموت المريض يتهم من حوله بالتقصير. -هو خطاب تخوين والتخوين كالتكفير مدخل لسفك الدم ومن ثمة ضرورة أن يكون لنا قانون يعاقب على التخوين عقابه على التكفير. -هو خطاب معادي لكل القيم التي نريد أن نجدّد بها بلادنا أي الحريات وحقوق الإنسان فهو يعتبر الحقوقيين حلفاء الموضوعيين للإرهاب. لا أحد من هؤلاء العباقرة فكّر يوما أن التعذيب والإيقافات بالجملة والسجون المكتظة هم أهمّ الوسائل لخلق مزيد من الإرهابيين والدليل على ذلك مردود هذه السياسة الغبية التي اعتمدها النظام البائد فلم ينجح إلا في بعث بالإسلاميين المعتدلين إلى البرلمان والإسلاميين المتشدّدين إلى الجبال. وراء كل هذا ثمة خطر أكبر لا يراه حتى الحقوقيون فما بالك بهؤلاء الناس, فالأغلبية لا ترى من المشكلة الأمنية إلا الجزء الظاهر من جبل الجليد أو أنها لا تركّز إلا على الشجرة التي تحجب الغابة. حقّا الإرهاب ظاهرة خطيرة على أمننا وديمقراطيتنا واقتصادنا.....حقا يجب أن نتجنّد لأعراض المرض ولأسبابه .... لكن علينا وضع الظاهرة في إطارها الصحيح. إذا تذكّرنا أن لكل حياة نفس القيمة ...أننا نضيّع طاقة كلما قتل لنا أي مواطن...أن آلام الثكالى واليتامى لها نفس الوجع أيا كان سبب القتل ... وإذا وضعنا الآن الطاولة على الاحصائيات، ماذا نجد؟ أنه يموت لنا في أسوأ السنوات بضعة عشرات من التونسيين والزوّار بفعل الإرهاب، لكن يموت لنا 1400 مواطن بفعل حوادث الطرقات. كم يموت لنا من مواطنين بالانتحار؟ الأرقام متضاربة ومشتبه فيها لأنه موت معيب يقع التغطية عليه، لكن من المؤكّد أنه أكبر بكثير من عدد ضحايا الإرهاب. ومع هذا .... ومع هذا... من سمع بمظاهرات صاخبة أمام وزارة النقل والتربية والداخلية وأمام التلفزة الوطنية ومسألة في البرلمان بخصوص إهدار حياة 1400 تونسي على الطريق؟ من ناح على المنتحرين وجعل من مقاومة الظاهرة أولوية وطنية؟ إذا كانت مهمة الأمن الحفاظ على الأرواح، فكل الأرواح متساوية القيمة ولها نفس الحق في الحماية المجتمعية. معنى هذا أن شعب المواطنين هو الشعب الذي يحفظ أرواح أبنائه وبناته بالعمل على كل الأسباب والوضعيات التي تؤدي إلى الموت العنيف المبكّر وأن محاربة الإرهاب ليست إلا جزءا من سياسة عامة لا تخضع للظرفية والمزايدات. حتى هذا الطرح هذه لا يتعامل إلا مع الطبقة الموجودة مباشرة تحت الجزء الظاهر من جبل الجليد والإشكالية الأمنية الكبرى مستترة في الأعماق . يتبع : التهديدات الأمنية المسكوت عنها".