أنّ السبب الرئيسي لتفاقم ظاهرة المخدّرات في تونس بعد الثورة، يعُود أساسًا إلى "انخفاض درجة اليقظة على مستوى الحدود التونسية، ولاسيما إثر الحرب الليبية التي تسبّبت في ازدهار نشاط المهرّبين". و قال رئيس الجمعية التونسية للوقاية من تعاطي المخدرات الدكتور عبد المجيد الزحاف، "مقارنة بالسنوات الأخيرة، فهناك ارتفاع ملحوظ في عدد المدمنين الجُدد على استهلاك المخدّرات في تونس بعد الثورة، وذلك نتيجة الانفلات الأمني الذي شهدته تونس إثر الثورة". وأضاف "على الرغم من انعدام الدراسات التي تحدّد حالة الوباء، إلاّ أنّه يتوقع تجاوز عدد المدمنين للمخدّرات 20 ألف شخص خلال العام 2010". كما أكّد الزحّاف أنّ "الصيدليات التونسية تتوافّر على دواء "سوبيتاكس"، وهي حبوب مُخدّرة، أكّدت المخابر الأوروبية أنّها يمكن أن تكون بديلاً للإدمان عبر الحقن"، وأضاف "أن هذا الدواء كان يسمح بدخوله إلى تونس، بحجّة أنه علاج، ولا يوجد قانون لمنعه، فوجد فيه المدمنون الحلّ، كما أنّ التحاليل المخبرية التي تجريها شرطة مكافحة المخدّرات، لا يمكن لها إثبات استهالك هذه الحبوب أم لا". من جانبها قالت رئيسة الجمعية التونسية للإرشاد والتوجيه حول السيدات الدكتورة هادية الشواشي إن "استهلاك المخدّرات وترويجها في تونس، حقيقة يعلم بوجودها الجميع، إلاّ أنه لم يكشف عنها الستار إلا بعد ثورة 14 جانفى". وأضافت "على الرغم من حلقات الإرشاد بمخاطر المخدّرات، وكذلك وجود قانون صارم لمحاربتها، لكنّه أصبح جليًا اليوم، أنّ ظاهرة استهلاك وترويج المخدّرات تفاقمت بشكل ملفت للانتباه في أوساط "الفئات العمرية ذات السلوكيات المحفوفة بالمخاطر، ولاسيما الشباب وأطفال الأحياء الشعبية والعاطلين عن العمل"، وأوضّحت أنّه "لا توجد دراسات علميّة واضحة، يمكن أن تساعد على ضبط الأرقام المتعلقة بالظاهرة، التي باتت تُقلق راحة المجتمع". وللحدّ من انتشار هذه الظاهرة، يقول رئيس الجمعية التونسية للوقاية من تعاطي المخدرات الدكتور عبد المجيد الزحاف، "لقد أثبتت التجربة السابقة أن المعالجة الأمنية وحدّها لظاهرة المخدرات غير مجدية"، وأوضح " أنه يجب النظر إلى الظاهرة من الناحية العلاجية، قبل النظر إليها من الناحية القانونية والقضائية، لأن الأولوية تقتضي معالجة حالة المدمن في مرحلة أولى قبل الملاحقة القانونية"، وأكّد أنّ "السياسة التشريعية، اعتمدت على الجانب الوقائي والصّحّي للمدمنين، بتشجيعهم على التقدّم من تلقاء أنفسهم للخضوع للعلاج الطبّي، وذلك وفق إجراءات وشروط قانونية مقابل عدم إثارة الدعوى العمومية تجاههم". يُذكر أنّ "تونس تتوافّر على أرضية قانونية رادعة في مجال مكافحة تهريب واستهلاك المخدّرات، وعلى سبيل المثال "يُعاقب بالسجن مدّة "عام" مع غرامة مالية قدرها 700 دولار، كلّ من تُثبت التحاليل المخبرية استهلاكه للمخدّرات، ولو بصورة عرضية". إلى جانب العقوبات الرادعة قام النظام التونسي سابقًا، بإنشاء مركز لمعالجة الإدمان من المخدّرات بمدينة جبل الوسط "محافظة زغوان الجبلية"، لكن هذا المركز الوحيد والذي يحمل اسم "أمل"، ظلّت أبوابه مغلقة منذ تموز/يوليو الماضي، لأعمال التجديد والتحديث، وهو ما "شجّع" الكثير من الذين كانوا يتلقون علاجًا من الإدمان على عدم مواصلته، والعودة إلى استهلاك المخدّرات من جديد". يُذكر أنّ "هذا المركز النموذجي تمكّن منذ إحداثه العام 1998 ، من استقبال والتكفل بأكثر من 1500 مدمن، كان 50 % منهم من المساجين".