مثلت مسألة ترك الحرية المطلقة للفن و الاعلام موضوع جدل بين النواب في اطار اعمال لجنة الحقوق و الحريات. إذ ينص الفصل المقترح في مسودة الدستور على ما يلي :" حرية الفكر مضمونة ، حرية التعبير و الإعلام و الإبداع و الفن مضمونة شرط عدم المساس بالنظام العام و الأخلاق الحميدة"، في حين اقترحت صياغات اخرى لم تختلف كثيرا اذ اشتركت جميعها في التنصيص على تقييد الحريات المذكورة بعدم المساس بالأخلاق الحميدة و النظام العام وهو ما خلق تعارضا في آراء النواب . حيث دافع كل من مراد العمدوني و سلمى بكار على مسألة "الحرية المطلقة" مبينين أن التقييد لا يكون في الدستور إنما يكون بقانون عادي يقر الحدود القانونية لهذه الحريات و ينص على عقوبات في حال خرقها . ا لنائبة سلمى مبروك بدورها شددت على أن الدستور قد يدوم لأكثر من جيل ولذلك يجب أن لا يتم التنصيص فقط على الحق في الفكر و حرية التعبير كحريات مطلقة أنما وجب حماية المبدعين و حماية الصحفيين في ذواتهم و حرماتهم الجسدية ، غير أن بعض نواب حركة النهضة عارضوا ما أسموه خلق مقدسات جديدة وهي حرية الصحافة و الفكر و التعبير ، مؤكدين أن من يدعون الدفاع عن الحريات لا يدافعون إلا على صنف معين من الحريات و لو تأتت بعض التصرفات من ملتح أو متدين لعارضوها . كما أكد السيد أحمد السبعي على أن الشعب قد وضح خياراته بشأن الحريات حينما اختار في الإنتخابات الفارطة من يعتقد بأنهم سوف يحمون الدين و الأخلاق وهي عبارة اثارت استهجان النواب. هذا و تدخل النائب إياد الدهماني لإيضاح ما يقصد بالأخلاق العامة مقتديا بالتعريف الوارد صلب المجلة الجزائية الفرنسية و الذي يعرف المس من الأخلاق العامة بالدعوة للعنف أو بعرض محتويات إباحية أو كل ما يخل بكرامة الإنسان . .ولم يلق هذا التعريف إجماع النواب إذ أصر البعض على التنصيص على الأخلاق الحميدة حسب الرؤية الإسلامية. و في ذات السياق كان تدخل النائب سليم عبد السلام الذي استغرب الحديث عن المقدسات و الهوية في مثل هذا الموضع موضحا أن الدستور سيحدد مبادئ كبرى تسير الدولة لعقود و لذلك يصبح تقييد الحريات خطرا ,انما تركها على مطلقها يكون حلا حكيما بما أن النصوص القانونية تحدد الجرائم التي يعاقب عليها القانون كالثلب و القذف و انتهاك الحرمات و بذلك لا خوف من التعسف في استعمال هذه الحقوق. و لإيجاد أرضية توافق تدخلت رئيسة اللجنة فريدة العبيدي التي أكدت على أن الأصل في الأشياء هو حرية الأبداع و الفكر و التعبير لكن يمكن تحديدها بالقيم المشتركة بين المواطنين و استغربت افتراض بعض النواب أن أهل الفن سيسيئون حتما لهذا الشعب و للأخلاق الحميدة و في المقابل ذكرت بوجود مصطلح النظام العام أو الآداب العامة في المواثيق الدولية و تبقى كلها خيارات مطروحة أمام أعضاء اللجنة ليحددوا بتصويتهم أي الإتجاهات سيسلكون إما نحو تقييد الحرية,أو اعطائها قيمة مطلقة كما طالب بها المواطنين في ثورة 17 ديسمبر.