من المسلّمات أنّه وإذا ما أردنا أن نستبدل فكرة بفكرةأخرى علينا أن نشرع في إبراز مكامن الخلل لدى الفكرة القائمة ومن ثمّ مباشرة عملية الهدم والتفكيك ليتبعها بناء وتركيب الفكرة البديلة، لكنّنا اليوم لا نحتاج لكل ذلك فنحن أمام فكرة مهدومة أصلا هي عبارة عن ركام من الفشل وسلالة مقيتة من النوايا المبيّتة وشبكة من الطرق الإلتفافية احتشد فيها بعض قراصنة السياسة والثقافة من أجل قطع الطريق أمام تدفق هادئ لأهداف الثورة المنجزة باتجاه مفاصل الدولة المرتقبة. العهد دعوة مفتوحة إلى جميع مكوّنات السّاحة السياسيّة والثقافيّة والفكريّة والإعلاميّة والنقابيّة في تونس للمصادقة على هذه الحزمة من التوصيات التي ليست إلا شكلا من أشكال الدربة على احترام إرادة الشعب وتدعيم الثقة في ملكاته وفطنته وحسّه العالي الذي يمكّنه حتما من حماية نفسه دون الحاجة لوصاية داخلية أو خارجية، كما يسعى هذا العهد إلى عدم استنزاف صناديق الإقتراع وتفريغها من محتواها وإنهاك نتائجها بالإبتزاز الإستباقي ثم هو يهدف إلى الحفاظ الكامل على سيادة المجلس التأسيسي المرتقب الذي سيستمد سيادته من سيادة الشعب. *يقرّ الجميع بأنّ الشعب التونسي هو الجهة التي توجه لها البيانات والنداءات والإلتماسات، وهو وفي حال استعصاء ذلك على النخب يعدّ المخوّل الوحيد للفصل في ما يمكن أن يستجد من إشكاليات مستعصية على الساحة الوطنيّة سياسيّة كانت أو ثقافيّة أو حتى تلك الفكريّة. *تلتزم الأحزاب أو العناصر المترشّحة للإنتخابات بشكل مستقل بالإفصاح عن الخطوط العريضة لبرامجها بأسلوب واضح ودقيق كما تلتزم بعدم استعمال التقية في نظرتها لطبيعة المجتمع المنشود موضحة موقفها من دينه ولغته وجميع مكوّنات هويته. *يحسم الخلاف بين النخب بالحوار وإن تعذّر فبالرأي الغالب لدى الشعب الذي يعود له وحده تشخيص المختلف عليه وإذا ما كانت غالبيته الساحقة تدرجه ضمن الحريّات والحقوق أو ضمن التطاول والتعدّي وتلتزم كل الحساسيّات باحترام الرأي الغالب في ذلك وعدم الإلتفاف عليه أوتسويفه. *تلتزم كل الأحزاب والجمعيّات والهياكل والشخصيّات بتسخير قدراتها وطاقاتها لصالح الشعب الذي يجب أن يكون الجهة الوحيدة التي تستمد منها شرعيتها وهو المخوّل بجدولة فعلها ونشاطها وإعطائها المؤشر الذي يليق بها. *تجرم كل المحاولات التي تصرّح أو تلوّح بالإنتقاص من شأن الشعب ووصف زخمه بالرعاع والعوام والبسطاء والمغفلين وتستهزئ بقدرته على فهم طبيعة نخبه وأهدافها وتوجهاتها.. *تلتزم كل النخب بمختلف شرائحها وانتماءاتها وتوجهاتها باحترام إرادة الشعب واعتبارها الفيصل بين جميع مكوّناته وتبجيلها وعدم التشكيك فيها، وتُجَرّم كل المحاولات الرامية للتأليب أو الإنقلاب عليها. *اعتبار التلاعب بنتائج صناديق الإقتراع خيانة موصوفة للثورة، ويصنّف كل من يستهين بجدوى العمليّة الإنتخابيّة أو بالنتائج النزيهة المنبثقة عن الصناديق على أنّه جيب من جيوب الردّة. *تعتبر كل محاولات الإلتجاء إلى قوة ضاغطة تغالب قوة الشعب وتنازعه سلطانه شكلا من أشكال التدليس على المسار الديمقراطي ونيّة مبيّتة للانقلاب على سلطة الشعب. *ينبذ كل من يستقوي على خيارات الجماهير الحرّة والنزيهة بالجهات الأجنبيّة ويعدّ معاديا للشعب الذي هو صاحب الثورة ومصدر السيادة. يعد الإستقواء بالجهات الأجنبيّة على سلطة منتخبة انتخابا شفافا ونزيها عملا جبانا وخيانة لدماء الشهداء. على كل الهياكل التي تتطلع لانتزاع تزكية المجتمع أن تسعى للتواجد على الساحة بقوة الشعب الدافعة وليس بالقوى الخارجيّة أو بقوى الظلّ المشبوهة. *تتعهد كل الجهات المشتركة في العمليّة الإنتخابيّة والمنظمة والمساهمة والراعية لها بالسهر على مساعدة السلطة التي أهلّها الشعب ووضع ثقته فيها وذلك بتهيئة المناخ السليم والمشاركة الفاعلة ثم بالنقد البنّاء. *ينبذ كل تلاعب سافر يهدف إلى تعويم القضايا الكبرى بمسائل ثانوية تفصيلية كما تنبذ أيّة محاولة لفرض أجندات خاصة على الشعب باستعمال بعض مراكز القوى كائن من كانت. *تتواصى كل التشكيلات والشخصيّات بعدم استيراد القوالب الثقافيّة والفكريّة الجاهزة وإنزالها على الشعب بالمظلات الأجنبية، مقابل ذلك يتواصى الجميع بالتعاون مع المجتمع في إنعاش ذخيرته الثقافيّة والفكريّة الغنيّة أصلا وإبرازها في أحسن حللها. *يمنع منعا باتا في ظل سيادة الشعب وأمام مسار ديمقراطي نزيه وشفاف استقواء الأحزاب والهياكل والمنظمات والأشخاص بالمؤسسات الأجنبيّة والدوليّة، ولا يبرر ذلك إلا إذا تعرّضت إرادة الشعب للمصادرة الفعليّة وليست الظنيّة. *تقرّ جميع النخب بأنّها ليست أجهزة ناتجة لهويّة ومقوّمات الشعب إنّما هي أدوات مكلفة بصيانة وتعهد وتثمين وتبجيل ما أنتجه الشعب. *يعتبر الشعب التونسي المصدر الوحيد الذي تستمد منه الأحزاب وفعاليّات المجتمع المدني وجودها وفاعليّتها ومصداقيّتها وأنّ أيّا من هذه الفعاليّات تسقط مصداقيّتها إذا نبذها الشعب وحسم أمره معها مهما كانت قوتها وجبروت وعظمة المصادر التي استمدّت منها هذه القوة. *يعتبر الاستفتاء الملاذ الآمن والرئيسي عند حدوث تباينات وتجاذبات قد تنذر بأزمة تشاغب على مسيرة الإصلاح والبناء.