مع اقتراب موعد اختيار أعضاء المجلس الوطني التأسيسي، تشعبت المسائل الحائمة حول الحملة والمنحة المخصصة للقائمات الحزبية والمستقلة من طرف الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وأفرزت هذه التداخلات عديد الآراء السياسية المختلفة. عبر السيد ياسين العياري عن "تأكده من فوزه في الانتخابات رغم التعطيلات الكبيرة التي يتعرض إليها المستقلون". كان ذلك أثناء حوار هاتفي أجريته معه بمناسبة ترشحه للانتخابات على رأس قائمة "الشباب الأحرار"، وقال أن "الهيئة كانت قد أضاعت الملف الخاص بقائمته والذي يحتوي رقم الحساب البنكي، وطالبته بمدها بملف أخر من اجل صرف المنحة المخصصة للقائمة، ولما قاموا بالتهديد بالانسحاب من الانتخابات، قالت الهيئة أنها وجدت الملف". وهنا عبر عن استغرابه من مثل هذه الممارسات التي قال أنها "بعيدة تمام البعد عن الشفافية والموضوعية في التعامل مع الأشخاص". وأكد "عدم تكافؤ الفرص بين القائمات الحزبية والمستقلة فيما يخص صرف المنح"، مشيرا "إلى انه من غير المعقول أن تتمتع الأحزاب من أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة بنفس مبلغ المال الممنوح إلى القائمات المستقلة التي لا تتمتع بأي مورد مالي باستثناء المنحة العمومية". من جهته، قال السيد صلاح الدين الجورشي رئيس قائمة "طريق السلامة" بدائرة أريانة انه "لا توجد أية صورة للمقارنة بين قائمة تتحصل على مبلغ 7000 دينار من الهيئة وبين قائمة حزبية تتمتع بأموال طائلة بالإضافة إلى المنحة العمومية"، مشيرا إلى "النقص الكبير في التمويل وضعف الإمكانيات خاصة مع كبر دائرة أريانة التي تحتوي 400.000 ألف ناخب وعديد البلديات والمعتمديات مما يطرح إشكالا في الوصول إلى كل الجهات، لذلك يضطر المستقلون إلى اختيار المواقع التي يقومون فيها بالحملة الانتخابية بسبب عدم تمكنهم من تغطية كل الأماكن والوصول إلى جميع الناخبين". وأضاف أن "تعدد القائمات يعود إلى رغبة المواطنين في المشاركة السياسية، ولكن أدى ذلك إلى إغراق الساحة الانتخابية بعشرات القائمات التي لا تملك أي ثقل سياسي ولا تعبر عن أي مشروع انتخابي حقيقي"، مشيرا إلى "صعود القائمات العائلية أو العشائرية على الساحة السياسية التي ساهمت في إضعاف الخطاب السياسي والانتخابي". "وزارة المالية تحاسب على كل مليم يصرف في الحملة الانتخابية" من ناحية أخرى، قال سيف بن خذر رئيس قائمة "أمهات تونس" أن "وزارة المالية تحاسب "بالمليم" على كل مصاريف الحملة الانتخابية لذلك من المستبعد أن تلتحق بعض القائمات بالركب الانتخابي بسبب طمعهم في المنحة العمومية أو ما شابه"، مؤكدا أن "الهيئة كانت منصفة بالنسبة إلى إعطاء المنحة إلى القائمات الحزبية والمستقلة، ولكن الفرق يكمن في كون الأحزاب تمتلك موارد تمويل أخرى على عكس المستقلين، وهنا تختلف أساليب العمل واعتماد استراتيجيات الحملة الانتخابية وعمليات التواصل مع الناخبين والوصول إليهم". وبالنسبة إلى القائمات "العائلية"، فقد قال "انه أمر منتظر وهو يتبع نظام الترشح على القائمات الذي يعطي قوانينا من هذا النوع، وقد كان هذا النظام محل جدل في الأوساط السياسية"، مضيفا انه أمر مفروض على كل الأطراف يحكمه نظام القائمات الذي يمكن أن يفرز قائمة ذات قرابة عائلية أو اجتماعية". ويبقى التنافس بين القائمات المترشحة لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي قائما رغم اعترافات بعض رؤساء القائمات بتباعد مستوى الحملات الانتخابية الذي لا يمكن اعتباره مقياسا لفوز قائمة على حساب أخرى حسب إفادة بعض السياسيين. وستجيب صناديق الاقتراع يوم 23 أكتوبر عن القائمات التي ستجلس على مقاعد المجلس الوطني التأسيسي والتي من المنتظر أن تحمل البلاد نحو بر الأمان الذي انتظره الشعب التونسي منذ انطلاق ثورة الحرية والكرامة الوطنية.