إن التوجه نحو مدينة بوسالم والمناطق المجاورة أصبح من المغامرات الخطيرة. في محيط جغرافي تشكله عشرات الاحياء والقرى بتعداد سكاني يصل إلى 24 ألف نسمة. وتعد كل من معتمديتي بوسالم وبوعوان أكثر من150 ألف نسمة أغلبهم ممن يمتهن الزراعة، فيما يضطر آخرون إلى قطع عشرات الكيلومترات للبحث عن لقمة العيش، وطلبا للعلم في المدارس والجامعات. وقد أصبح ''غول'' الفيضانات هاجسا يفزع حتى الحيوانات ،من متاعب الطريق وأخطاره المتواصلة في رحلة البحث عن الماء في الجبال والعيون الملوثة احيانا بعد أن تقطع الطرق والمسالك. المدخل الجميل للمدينة الذي يشد الزائر بجماله وانتظامه سرعان ما يختفي داخل الأحياء الشعبية (حي ديامنتة وحي فطومة بورقيبة وحي حشاد ...) وسرعان ما يتحول إلى فوضى في البنايات والانهج وحتى في المشاريع المنجزة التي يفترض أن تحمي مدينة بوسالم من الفيضانات. ما عرفته المدينة من استنفار وحركية غير عادية هذه الايام، من هلع وخوف واضطراب، يعكس فشل السلطة في ادارة ازماتها الاجتماعية وعدم قدرتها على التعامل بالمستوى المطلوب مع الاخطار الحاصلة والمحتملة. وقد أصدرت قرارات لحماية المدينة من الفيضانات بعد ان تعرضت لثلاث نكبات متتالية،سنة 2000 و 2002 و 2003 وآخرها ما تعرفه منذ النصف الثاني من شهر افريل الحالي. لاحظ كل متساكني المدينة وجود جرافات وسيارات ضخمة واجتماعات وندوات، ولكن بدون جدوى. إذ لازال خطر الفيضان قائما، ولازال المواطن يتساءل أين المشروع الذي أقر لحماية المدينة من الفيضانات. أين الأموال التي تجاوزت 17 مليارا؟ أين التعويضات؟ وعشرات المواطنين لازالوا يقدمون الشكايات والعرائض فرادى وجماعات. أي دور للسلطة السياسية ؟واي دور للاطراف التي تكفلت بالانجاز ؟ واي مستقبل لمدينة بحجم بوسالم ؟والى متى يظل أهالي المدينة تخدعهم الشعارات والأقاويل ؟ أهالي مدينة بوسالم تحدثوا إلى كلمة وقالوا بان هاجس الخوف يظل قائما وخطر الفيضانات يظل حاضرا ما لم تاخذ السلطة دورها الحقيقي وتنهي هذا الخوف، خاصة وان الحلول ممكنة. "فلماذا نظل تحت وطأة الخوف كلما نزلت الامطار في أي فصل؟" هكذا قال جلال. و"إلى متى نظل تحت رحمة الغموظ؟" قالت ناجية و"أين الأموال التي رصدت لحماية مدينة بوسالم؟" قالت حياة و"أين الإدارة والمساعدات التي تقدم في مثل تلك الكوارث؟" قال عم علي و"لماذا التمييز؟" قال الصادق وما مدى جدوى مشروع قناة سيلان مياه الامطار الذي لم يعرف منذ ست سنوات تنفيذا ميدانيا بسبب مشاكل عقارية عجزت الادارة عن حلها؟ الاسئلة التي يطرحها اهالي مدينة بوسالم هذه الايام فيها ما يوحي بوجود وعي حقيقي لدى المواطن بحقوقه وواجباته. ولكن امام اقصائه وتهميشه وعدم تشريكه في البحث عن حلول جذرية يبقى خطر الفيضانات قائما لاسيما امام انتهاء العمر الافتراضي لسد ملاق فالى متى يظل متساكنوا بوسالم ينتظرون حل حماية مدينتهم وانهاء معاناتهم؟