انتهت الليلة الفاصلة بين يومي 4 و5 نوفمبر الجاري بكميات هامة من الأمطار على أغلب جهات البلاد، فيما تنتظر مصادر من الرصد الجوي استمرار حالة الطقس الحالية واستمرار نزول الأمطار حتى يوم الأحد على الأقل. غير أن كميات الأمطار التي نزلت تتجاوز المعدل العادي لمثل هذا الوقت، كما جعلت الجهات الرسمية تنظر بكثير من الانتباه والحذر إلى مناطق الفيضانات التقليدية في البلاد التونسية مثل حوض مجردة وأساسا بوسالم وماطر، بالإضافة إلى المناطق المهددة حديثا بالفيضانات مثل شمال ولاية أريانة. وخلال 24 ساعة (من 4 إلى 5 نوفمبر) سجلت بعض جهات ولاية جندوبة 68 ملم، وولاية سوسة 84 ملم، والمنستير 74 ملم. أما عن المستقبل، فيكشف مصدر أكاديمي بالجامعة التونسية عن صعوبة توقع التطوارت الجوية في تونس لما أكثر من ثلاثة أيام وهذا عائد إلى طبيعة الطقس في حوض المتوسط عموما، حيث يخضع الطقس إلى عدة عوامل متغيرة. «طبعا، يمكن توقع وصول التقلبات الجوية، لكن يصعب توقع كميات الأمطار أو كثافتها لما أكثر من ثلاثة أيام». وتقول مصادر في وزارة التجهيز والإسكان والتهيئة الترابية إن نزول 50 ملم من الأمطار بشكل متواصل يدعو مصالحها إلى الحذر والانتباه إلى أماكن معروفة مثل بوسالم وماطر التي تعاني من مشكلين كبيرين وهما الموقع الجغرافي الذي هو حوض مائي منخفض والبناء الفوضوي في مجاري السيول. 15 موقعا ومن جهة أخرى، شهدت جندوبة منذ نهاية شهر سبتمبر جلسة لإحصاء 15 موقعا مهددا بالفيضانات والانزلاقات الأرضية على مستوى المدن والتجمعات والطرقات. وفي هذا المجال، تم اعتبار مدينتي بوسالم وجندوبة من أكثر المدن تعرضا لهذه الأخطار. ونعود إلى مصدرنا بوزارة التجهيز الذي يقول إن تخليص مدينة بوسالم التي يقارب عدد سكانها 25 ألف ساكن من مخاطر الفيضانات نهائيا ليس عملا سهلا، لأن الناس هم الذين تعسفوا على الطبيعة وبنوا مساكنهم في أماكن يغمرها الماء تاريخيا، كما أن العديد من الأحياء قامت دون مراعاة آراء المختصين ودون تهيئة عمرانية. ولذلك تم غلق منافذ سيلان الماء أو تضييقها مما يحول السيول إلى أمواج عاتية وطوفانية بما يحمله الماء معه من الأوحال وأغصان الأشجار. مشروع ضخم نفس المصدر، يكشف عن برنامج ضخم لأجل مدينة بوسالم، سوف تساهم اليابان في كلفته المرتفعة. ويقوم هذا البرنامج على السيطرة على نهر مجردة منذ الحدود الجزائرية وتهيئة المضائق التي تجعله يفيض عن مجراه عند نزول كميات كبيرة من الأمطار. كما يتضمن هذا البرنامج إحداث قنال على النهر قبل مدينة بوسالم لتحويل نسبة من مياه النهر في حالات الفيضانات إلى مسالك أخرى. غير أن هذا المشروع سوف ينتظر طويلا بالنظر إلى كلفته الكبيرة، حتى مصادر مطلعة ترجح أن يتم الانتهاء من إنجازه على مراحل بعد عشرين عاما. وفي جلسة ولاية جندوبة الأخيرة، تم تفقد الخطة الجهوية لمواجهة الفيضانات وخصوصا الإمكانيات البشرية والمعدات، ودراسة الوضع من كل جوانبه مثل استعراض مخزون الولاية من المواد الغذائية والأغطية والحشايا ومعدات إيواء المتضررين من الفيضانات عند الاقتضاء. وعلى الميدان، تجري حاليا أشغال تفقد مجاري المياه والجسور مع النظر إلى السماء التي قد تحمل الكثير من الأمطار هذا الموسم.