لا يختلف اثنان على كون لائحة عدم التدخل في الشأن الليبي التي قدمتها عبير موسي للبرلمان قد اضرت و آلمت النهضة اشد ألم بالرغم من عدم تمريرها فهي قد زعزعت عرش النهضة وتوافقاتها مع بعض الأحزاب وشكلت ضدها بداية تحالف قوى معارضة بلغ حد 94 نائب أو أكثر ولم يقتصر الضرر على هذا الحد بل تمادى الى حد التهديد والمطالبة بطرد و اخراج بعض الاصدقاء من الحكومة بعد ان تحولوا بسبب اللائحة الى خصوم و تعويضهم بحزب قال عنه الغنوشي في الماضي غير البعيد بحزب الفاسدين. للتخفيف من الألم و التداعيات الخطيرة لهته اللائحة كان من الضروري لحركة النهضة لعب مناورة جديدة ضد عبير موسي لضرب مصداقيتها و التشكيك في جدية التحالف المشكل حول لائحتها ولهذا السبب أوعز نورالدين البحيري الملقب بمعاوية لخادم حركته والمتمرن في مكتبه للمحاماة و المكلف بالمهام القذرة سيف الدين مخلوف لتقديم لائحة جديدة تطالب فرنسا بالاعتذار لتونس عن سنوات الإستعمار ظنا منهما أن عبير سترفضها بسبب ولائها لفرنسا حسب زعمهم وكرد فعل عن رفض احزابهم للتصويت على لائحتها. لكن جواب عبير عن لائحتهم لم يتوقعه حتى الشيطان نفسه فعبير قبلت مبدأ اللائحة بل وجاوزت حتى الطلبات المضمنة بها و اعتبرتها غير كافية فهي تطالب باعتذار فرنسا ليس فقط عن المدة الممتدة من 1881 الى 1956 بل الى 1963 تاريخ حرب الجلاء وهي ايضا تريد اعترافا من فرنسا بنضالات من قاوموا الاستعمار وعلى راسهم الحبيب بورقيبة الذي يمقته الاخوان المسلمين كما أنها طالبت بمراجعة الاتفاقيات المبرمة مع فرنسا في ميدان التنقيب واستخراج الغاز و النفط هذا اضافة الى رفضها المطالبة بالتعويض لأن النضال الحقيقي من اجل الوطن لا يستحق تعويضا خلافا لما فعلته النهضة وتسلمته من تعويضات لقاء نضالاتها المزعومة. الخطير في كل هذا أن الرئيس الفرنسي اتصل شخصيا بالرئيس قيس سعيد حول هته اللائحة كما توجه سفير فرنسابتونس الى مقر راشد الغنوشي و حذره من مغبة اصدار هته اللائحة، عبير كانت تعلم كل هذا وتعلم جيدا أن تمرير هته اللائحة سيورط النهضة ورطة كبرى ولهذا وافقت عليها بل أكثر من ذلك زادت النهضة توريطا بتقديمها طلبا دوليا في تصنيف حركة النهضة كحركة تابعة للتنظيم الدولي للاخوان المسلمين والمصنف سابقا كحركة ارهابية فهي تعلم أنه بتمرير اللائحة فإن فرنسا لن تتوانى للحظة في دعم هذا الطلب والعمل على تصنيف النهضة كحركة ارهابية. لقد وجدت النهضة اليوم نفسها في خندق نصبته بنفسها لعبير لكنها وقعت فيه ولهذا السبب صرح اليوم السيد علي العريض كون اللائحة التي تقدم بها سيف مخلوف تضر بمصالح البلاد التونسية و بعلاقات تونسبفرنسا. فهل ستصوت النهضة على لائحة فيها حتفها أم سترفضها لتكشف كذبها أمام عموم الناس أم كالعادة ستناور لخلق أعذار لتأجيل التصويت عليها لأجل غير مسمى أو ربما الإدعاء بأن مجلس نواب الشعب غير مختص للنظر في مثل هته المسائل؟