إلى السيد رئيس الجمهورية، الاستاذ قيس سعيّد إلى السيد رئيس حكومة تصريف الاعمال، الياس الفخفاخ إلى المجلس الأعلى للقضاء أما بعد، منذ كم اخضعتم القضاء وقد ولدته الديمقراطية مستقلا؟ يعيش مرفق العدالة اليوم أزمة غير مسبوقة. أزمة هزت ثقة المواطن في مؤسسات الدولة واسست لغياب العدل وهضم حقوق المتقاضين. فالقضاء اليوم أيها السادة غير مستقل، يتّخذه السياسيون مطيّة لبلوغ مآربهم. يحز في أنفسنا ان نخاطب الجهاز التنفيذي بهذا الصدد. ولكننا نؤمن انه "حتى لا يميل كل ذي سلطة الى التعسف في استعمالها يجب ان تنظم الأشياء بحيث تراقب كل سلطة السلطة الاخرى." السيد رئيس الجمهورية، السيد رئيس حكومة تصريف الاعمال، كان بإمكانكم أن تكونوا الاستثناء. كان بإمكانكم أن تؤسسوا فعلاً لدولة "قوية وعادلة" ولكنكم أضعتم علينا جميعاً هذه الفرصة. فهلا انتهزتم فرصة التدارك؟ التقارير التي على مكاتبكم تؤكد أن القضاء أصبح أداة في يد السياسيين ووسيلة لضرب الخصوم. الاسهام في ارساء قضاء مستقل قد يمحي ما قد أفسده السعي خلف تحقيق المصالح الشخصية الضيقة، سيدي رئيس حكومة تصريف الاعمال للتاريخ أبواب عدة ولايزال أوسع ابوابه مفتوحا امامكم على مصرعيه. "فمراجعة الحق خير من التمادي في الباطل" لذا نرجو أن تتحلوا بالشجاعة الكافية لإقصاء كل من تسبب من قريب أو من بعيد في أزمة القضاء وتراجع ثقة المواطن فيه. كل من تحوم حوله الشبهات، كل من لم ينتهج الإصلاح والشفافية في ممارسة مهامه. ولا نستثني من ذلك أحدا، فالقاضي ليس له الاّ ان يكون مثالا في العدل والنزاهة كيف لا وفاقد الشيء لا يعطيه. الأحكام الانتقالية تسمح لكم بالإقالة والتعين. ونخص بالذكر في هذا الصدد كلا من: – السيد وكيل الجمهورية، بشير العكرمي. – السيد الرئيس الأول للمحكمة الإدارية، عبد السلام المهدي قريصيعة. – المستشار برئاسة الحكومة، السيد بلحسن بن عمر. ليس لنا ان نشكك في كفاءة السادة القضاة ولكن وجودهم كان ولازال محل جدل وموضع شبهات. كيف لنا ان نضمن علوية القانون والحال ان حياد القاضي في موضع السؤال؟ كيف لأصحاب الحقوق الاطمئنان في ظل قضاء ينتهج الكيل بمكيالين من ذلك تغير اجال التقاضي من قضية الى اخرى، دون وجه قانوني. المشهد القضائي في تونس يزخر بأناس اكفاء عليها إجماع كبير. ونحن على يقين أن المرفق القضائي بخروج من سبق ذكرهم سيعيد لمنظوري مرفق العدالة ثقة تزعزعت في وجود هؤلاء. السادة أعضاء المجلس الأعلى للقضاء، بيدكم أن تمنحوا هذا الوطن قضاءً مستقلاً يكرس العدل والمساواة. قضاء لا يقبر القضايا، قضاء لا يماطل في البت في الأحكام، قضاء لا يغازل السلطة التنفيذية ولا ينصاع لأوامرها ولا ينتظر إشارة منها ليقوم بدوره. قضاء لا يطمع أصحاب النفوذ في حيفه ولا ييأس المواطنون من عدله. وندعو مرة أخرى كل الأطراف إلى الانخراط في مشروع حقيقي لإنقاذ مرفق العدالة ودعم استقلالية القضاء وارجاع ثقة المواطن فيه. السادة الكرام، اجعلوا من القضاء أولويتكم فانه الضامن الأسمى لحقوق المواطنين في دولة القانون.