لا احد اليوم يرقص ويراقص الكلمات سوى رجالات السياسة والحكومة ... اليوم في تونس يبكي اغبياء السياسة ويموتون بالبكاء كلما تذكروا الماضي ولوعة النضال فتذرف العين دموعا على نخب الكراسي ... وفي العربية ، الطبل : الذي يضرب به وهو ذو الوجه الواحد والوجهين ، والجمع أطبال وطبول والطبّال : صاحب الطبل ، وفعله التطبيل ، وحرفته الطبّالة ، وقد طبّل يطبّل . وللكلمة معاني اخرى لامجال لذكرها. ولا ننسى في هذا المقام الطبل الذي يحمله المسحراتي في ليالي شهر رمضان لإيقاظ الصائمين. الأحزاب ترفع الطبل و البند ير تحت شعار انتخبوني لأحسن لكم وضعكم المعيشي ولا يجد المواطن المسكين نفسه إلا في حالة هذيان و شتات أمام تعالي أصوات العديد من الأيديولوجيات التي ترى في كل إنسان عاقل صوتا يوصلها إلى المجلس باختلاف درجاته . كيف يتحول الصحفي أو الإعلامي الكاتب البطل إلى الكاتب / الطبل ؟ كيف يبيع أحدهم – أو إحداهن – محبة الناس ، وثقتها ، وتقديرها ، وإيمانها بكلماته ومواقفه مقابل حفنة من الدينارات ؟ التطبيل = خيانة الصحفي للغة ... كذب على المسؤول وتسويق لأطراف وإتجاهات تمنح العصا للضرب على جلد الطبل ... تشويه الحقائق ... هي خيانة القارئ والمتقبل للكتابة المرئية ... هي الخيانة العظمى للبلد ... الكاتب أو الصحفي الطبل = نموذج فاقع للفساد ... هو بوق للفاسدين ... بل هو زعيم الفساد ... طالما هناك كتاب يجيدون ويمتلكون القدرة على تأليف الشعارات واللعب بالكلمات والعبث بعقول الكثير من البسطاء لأنهم محترفون لحروب الطبلة والمزمار ليرقص الشعب على كلمات النغم المعزوف على الجلد في بطن الطبلة الخاوية فتدوي الإعتصامات وتغلق الطرقات ... منذ طفولتي .. منذ القراءات الأولى والوعي الأول ، آمنت أن الكتابة : شكل من أشكال الفروسية فيها من شجاعة الفارس ونبله وإقدامه الشيء الكثير . أعرف أن الكتابة : اكتشاف .. وهدم وبناء ... وأعرف أنها : زراعة أقمار في سماء شاحبة ... وأعرف أنها : عقد فريد على عنق من تحب وأعرف أنها : خبز ، وحلوى ، ودواء ولكنني أؤمن أنه عليك أن تصنع كل هذا بروح وأخلاق الفارس ... لهذا لا أفهم كيف تكون ” الكتابة ” لدى البعض كذبا ونفاقا ودجلا ؟ كيف جمعوا بين رداءة اللغة ، ورداءة المعنى ، ورداءة الموقف ؟ كيف يتحول الكاتب البطل إلى الكاتب / الطبل ؟ كيف يبيع أحدهم – أو إحداهن – محبة الناس ، وثقتها ، وتقديرها ، وإيمانها بكلماته ومواقفه مقابل حفنة من الدينارات ؟ الكاتب / الطبل .. مفضوح ومكشوف ، خاصة في هذا الزمن الإلكتروني والذي لا يخفى فيه شيء عن المتلقي ، وبإمكان المتلقي رفضك وإلغاؤك من ذاكرته ، ولديه ألف منبر ليقول ” لا ” في وجهك ، ويفضح إماء كلماتك المعروضة للبيع في أسواق الإعلام ... الكاتب / الطبل .. أراد أن يبيع نفسه – وكلماته – لمن يدفع أكثر .. فهمنا هذه ، لكنني لا أفهم كيف تقبل مؤسسة إعلامية – تحترم نفسها وقارئها – بأن تتحول إلى ” دكان ” ليبيع من خلاله هذا الكاتب / الطبل بضاعته الفاسدة وكلماته الرديئة ؟... هنا دور الرقابة الإيجابية ... إذا كان هناك إيجابية في الرقابة أصلاً ... ! أن تمنع الإسفاف ، والرداءة ، والكذب .. وتحويل ” الكتابة ” – هذا الفعل النبيل – إلى استجداء علني ... الى تزييف للحقائق واللعب على ذقون المتقبل الحائر ... الكاتب او الاعلامي الطبل لا يستطيع ان يخدع التونسي ما بعد الثورة فقد اصبح مفضوح ‘ ودرس الحكم البائد علمنا الكثير والكاتب الطبل يخدع اليوم مؤجره ومستعمله ومن يقف وراء مصالح تحمي لصوص البلاد ....