دعا أمين عام حزب الاغلبية بالجزائر، "جبهة التحرير الوطني"، فرنسا إلى "الاعتراف بالجرائم التي اقترفتها بالجزائر أيام الاستعمار". وكان ما يسمى ب"قضايا الذاكرة"، حتى وقت قريب، عائقا أمام إقامة علاقات طبيعية بين البلدين، لكن منذ وصول الاشتراكي فرانسوا هولاند إلى الحكم في فرنسا، اتفق الجانبان على طي هذا الملف والتوجه نحو بناء شراكة اقتصادية وعدم الالتفات إلى الماضي. وقال عمار سعداني زعيم حزب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، امس، الثلاثاء، ان "تاريخ فرنسابالجزائر حالك. وعلى فرنسا أن تعترف بجرائمها التي ارتكبتها بالجزائر بين 1830 و1962″، وهي فترة 132 من الاحتلال انتهت بثورة دامت 7 سنوات، هزمت فيها فرنسا عسكريا. وكان سعداني يتحدث بمناسبة مؤتمر بالعاصمة تناول رغبة "الاقدام السوداء" في العودة إلى الجزائر. وهم الآلاف من الفرنسيين الذين ولدوا بالجزائر وغادروها جماعيا، بعد استفتاء تقرير المصير الذي نظم في 3 يوليو 1962، وبموجبه أخذت الجزائر استقلالها. و فجرت "جبهة التحرير" ثورة الاستقلال، وظلت حتى عام 1989 الحزب الحاكم في البلاد. وهي حاملة لواء "تجريم الاستعمار"، مدعومة في ذلك مما يسمى "الأسرة الثورية" وعلى رأسها "منظمة المجاهدين". وتستعد الجزائر في مطلع نوفمبر للاحتفال بمرور 61 على اندلاع ثورتها. وحاول الرئيس بوتفليقة في بداية حكمه، الضغط على الفرنسيين للاعتراف رسميا بجرائم الاستعمار. غير أن باريس رفضت ذلك بشدةّ، ما تسبب في فشل مسعى إبرام "معاهدة صداقة" عام 2005 في عهد الرئيس اليميني جاك شيراك. أما خليفته نيكولا ساركوزي، فقال صراحة عندما زار الجزائر عام 2007 "لا تطلبوا من الأبناء أن يعترفوا ويعتذروا عن شيء قام به آباؤهم". في حين قال هولاند لدى زيارته الجزائر نهاية 2012 أن "الإستعمار سبب آلاما كثيرة للجزائريين"، من دون أن يقدم على ما يريده الجزائريون. وقال أستاذ التاريخ المختص في العلاقات الجزائرية الفرنسية، محمد ولد سي قدور القورصو، ل"العربية.نت":"تريد فرنسا أن تضع موضوع الذاكرة جانبا، وتطالب من المسؤولين الجزائريين عدم الالتفات إلى الماضي، على حد زعم قادتها، ويتم ذلك ببناء علاقات اقتصادية قائمة على اقتسام المنافع. ولكن هذا لا يمكن أن يكون لأن بشاعة الاستعمار ظلت مستقرة في وجدان الجزائريين الذين يرفضون القفز على ذاكرتهم، حتى لو ظهر المسؤولون الجزائريون غير جادين في طرح قضية الاعتراف بالجريمة الاستعمارية على الفرنسيين". وقتلت فرنسا مليون ونصف مليون جزائري، بحسب إحصاءات رسمية، فيما يقول باحثون في التاريخ ان ضحايا الاستعمار فاق 3 ملايين.