لن أناقش في هذه الأسطر مسألة الشكوك وجدية السلطات بشأن ما وعدت به من مشاريع في جهة صفاقس فتلك مسألة لم تعد تفاجئنا لأننا تعودنا المماطلة والتسويف. لذلك "خلونا نحلم مادامت صفاقس تحلم… ميمونة تعرف ربي وربي يعرف ميمونة…" لكن ما أثار عجبي هو ما ورد في صفحة نبض المدينة بموقع الصحفيين التونسيين بصفاقس بتاريخ الأحد 20-12-2015، فقد زاد قناعتي بأن هناك فئة من المفترين "لا يعجبهم العجب ولا الصيام في رجب". وهذا الرهط هو بالمكشوف أولئك الذين ما يزالون ينتهجون سياسة تقسيم صفاقس إلى مدينة وريف والحال أن صفاقس مدينة ريفية ويعملون على التشويه الإعلامي للمناطق المهمشة والمحرومة خاصة تلك التي قدّر لها أن تقع على الساحل الشمالي لمدينة صفاقس، فيرفعون عقيرتهم بالنواح و"التنبير" كلما أعلن عن نية إنجاز مشروع خارج دائرة وسط المدينة والمناطق "الحيّة" المحيطة بها. فهم الذين صالوا وجالوا عندما قام مشروع كلية الحقوق وكلية التجارة والمبيت الجامعي بطريق سيدي منصور. ونتذكر أنهم تذرعوا وقتها ببعد المسافة حينا وانعدام المرافق واهتراء البنى التحتية حينا آخر. وحين خابت تلك الذرائع مالوا الى التنفيس عن عقد الجهويات بوصم سيدي منصوربانطباعاتهم المسبقة وأكاذيبهم المزمنة… وجنّدوا لإبطال كثير من المشاريع بالمنطقة ما وسعهم من الوسائل والأساليب بعضها كان قذرا ومسفّا. وهؤلاء أرغوا وأزبدوا حين أعلن عن مشروع إقامة مسرح الهواء الطلق في سيدي منصور الغلام كلم 12، ثم خفتت أصواتهم لما نقل المسرح الى مكانه المعروف اليوم بمجرى وادي الخليج. وقبلوا بأن تبيح الضرورات المحظورات حين أعلموا أن الأسباب عقارية بحتة..وما يزال بعض النافذين منهم الى الآن يصرّون على إبقاء فضاء المسرح خاويا مشلولا تسرح حوله أوكار الإنحراف ما دام بعيدا عن النّشامى من أهالي سيدي منصور. وهاهي ذات الأصوات أو من يعاضدها تحتج اليوم حين أعلن عن تغيير مكان إقامة المدينة الرياضية الى طريق السلطنية كلم 17 وحجتها في ذلك "عدم تقبّل أهل المدينة…" و"بعد المسافة وثقل الكلفة" و"العطف على المعدمين" و"اهتراء البنية التحتية". وأود التوقف عند هذه الأسباب التي تعلل الإحتجاج على المكان الجديد للمدينة الرياضية حسب رأي كاتب المقال لأبين زيفها تباعا. فأي إثبات يمكن أن يؤكد كون أهل المدينة لم يتقبلوا ذلك؟ ومن هم أهل المدينة المعارضين للمقترح؟ هل هم أبناء صفاقس من الصخيرة الى جبنيانة أم أولئك الذين يميزون بين المركز والهامش وبين الوسط والأطراف ويرون سكان الأحزمة "ما هوماش صفاقسية أحرار".. ثم هل أن المعدمين يا سي حافظ تعنيهم النوادي الرياضية حتى يشغلهم هاجس التنقل الى المدينة الرياضية. هؤلاء يا طويل العمر، يعنيهم الرغيف وكفى. وهب يا رجل أن مشروع المدينة الرياضية بقي في مكانه الأول ألا يشق في هذه الحالة على محبي النوادي الرياضية من جمهور صفاقس الشمالية التنقل لأكثر من 60 كلم أحيانا (ذهابا وإيابا) وما يتطلبه ذلك من إنفاق من سيدي منصور والسلطنية وحقونة والعوابد والبدارنة والغرابة وساقية الدائر وساقية الزيت إضافة الى الكتاتنة والعامرة وجبنيانة واللوزة وغيرهم..؟! ألا يتكلف أهالينا هؤلاء اليوم مشقة كبرى في الوصول الى الإدارات ومرافق الخدمات المختلفة، وهي بعيدة جدا عنهم لتمركزها وسط المدينة؟ هل تعرف ما يعانيه الناس في سيدي منصور والسلطنية وحقونة والعوابد والسعادي والبدارنة وغيرهم كثر…، للوصول الى المستشفى الوسيط (ثنية التراب) والى المحكمة (حي الأنس) والى صندوق الضمان الإجتماعي والكنام والقباضة (ساقية الزيت) وإلى مركز الحرس (السّدرة) وإلى إدارات الصيد البحري (ميناء صفاقس) والى الستاد (التوتة)؟؟ أين عطفك على هؤلاء "الزواولة" يا نصير المعدمين؟! لماذا لا يراودك الإشفاق عليهم مثلما أشفقت على أهلنا في صفاقس الجنوبية؟! وأخيرا هل أن حالة الطرقات اليوم – في صفاقس عموما- ستهون وتصير"ساهلة ماهلة" لو أن مشروع المدينة الرياضية بقي في مكانه المعلن سابقا. وإليك يا صاحبي حجة واحدة من لدني تشفع لهذا المشروع، وهي أنه سيربط صفاقس من شمالها ببقية ولايات بلادنا من الوسط والشمال والساحل أثناء التنقل للأنشطة الرياضية من دون أن يضيق الضيوف القادمون على وسط المدينة فيزيدونها اختناقا مثلما يربطها من جنوبها عبر الطريق الحزامية القائمة الآن. دعك من الأباطيل! هذه عقلية لا تريد لحزام صفاقس الشمالية أن يرى نقطة ضوء. بل ترى المدينة في سكّرة والمطار والعين وقرمدة والأفران وتنيور… وترى سيدي منصور مثلا مصبّا للقمامة ومحطة تطهير وأفران فحم ومكبات للخردة والفواضل الصناعية قادمة من مناطق ذات حظوة… دعوا بلدي يتنفّس, دعوا أهله يحلمون، دعوا الناس يرون الحياة في صفاقس تمتد جنوبا وشمالا وشرقا وغربا، دعوهم يرون الأحزمة المعدمة في المدينة تنبض يوما، دعونا نرى المدينة تطلق أجنحتها في كل مكان، دعونا نرى نقاط الضوء في كل مكان . نحن نحب أن يقوم مستشفى ضخم ومدن رياضية فاخرة وطرقات أنيقة ومركبات جامعية وثقافية راقية وشبكة مترو شاملة وخلايا للورشات والمعامل وغابات مثمرة في أي ريف من أية قرية من صفاقس. المهم يا ابن عمي أن تشع الحياة في هذا الخراب المقيت، حياة تكون خصيبة للجميع على حد السواء… حياة لا يجد فيها الإرهاب مناطق مظلمة للإخصاب والتعشيش..إفهم يا أخي..! رضا تعقيب : احتراما لحرية الراي نورد هذا المقال كما وردنا رغم ما فيه من تحامل وسوء فهم للموضوع