حركة تحيى تونس أو نداء تونس… ذلك "الشيء" الذي فكر يوما ما السيدان : نبيل القروي – صاحب نسمة – و – عمر صحابو – صاحب المغرب – في تكوينه …أولا لمواجهة النهضة بشكل خاص ثم من ورائها بقية الأحزاب والشخصيات التي سطع نجمها إبان الثورة وخاصة المتحالفة معها… و ثانيا لحماية مصالح كل الذين كانوا يوما ما يدورون في فلك النظام السابق ويتمعشون منه ومن هيمنته على كافة دواليب السلطة واللذين كانوا مرعوبين من أن تطالهم المحاسبة ويخسرون كل ما جمعوه خاصة بطرق غير شرعية من خلال انتمائهم للمنظومة القديمة بكل فسادها… لقد أكد السيد نبيل القروي أنه هو وعمر صحابو من حددا قائمة أعضاء المؤسسين للحزب الذي شبهه بسفينة نوح وشبه ركابها بالحيوانات التي تم جمعهم فيها في إحدى تصريحاته المشهورة على قناته قناة نسمة وأن السيد "الباجي قائد السبسي" لم يتم استقدامه إلا ليلعب دور الإسمنت الذي يتم وضعه وسط ذلك الخليط الغير متجانس من الذوات والأفكار والانتماءات الفكرية والأطماع الشخصية والعداوات والخلافات الإيديولوجية حتى يتم شدها إلى بعضها البعض ومنعها من التنافر والانفجار… كما أكد أن الإعلام والتمويل الذي تم ضخه في تكوين ذلك احزب كان لها الدور الكبير ( إضافة إلى دعم أجنبي مادي وسياسي سكت المتحدث عنه ) في وصول النداء إلى الفوز بالانتخابات التشريعية والرئاسية لأول انتخابات لحكم دائم في تونس بعد الثورة… هذا الحزب وباعتراف أحد أبرز مؤسسيه السيد نبيل القروي مُشكّل من أشخاص لم يكن يجمع بينهم شيء سوى الأطماع الشخصية في السلطة أو العداوة للنهضة ولمشروعها الذي يرون فيه ضربا للمكاسب الحداثية للبلاد أو الخوف من المحاسبة ومن خسارة كل شيء…. إذا هذه التصريحات المهمة والواضحة والخطيرة والتي تم التعتيم عليها بسرعة … تقدم لنا الكثير من الإجابات عما يحدث الآن من تصدعات وصراعات وخصومات وانسلاخات داخل هذه الحركة والتي يتزعمها الأمين العام المستقيل : محسن مرزوق قائد مجموعة ال32 المنسحبة وال21 المستقيلة… ظاهر المعركة أو ما يريد الندائيون إظهاره للرأي العام هو أن الحرب داخل الحزب ما هي إلا مجرد خلاف بسيط بين ابن رئيس الدولة وبين أمينها العام على الزعامة وعلى النفوذ وأن السبب في كل ذلك هو عدم الاتفاق على صيغة و صبغة المؤتمر الأول للحركة و عن تاريخ انعقاده … بينما الحقيقة غير ذلك.. وهو الأمر الذي يمكن أن نستقرئه من خلال التصريحات الكثيرة والمتشنجة وحتى العدائية لبعض قيادات هذا الحزب من هذا الطرف أو ذاك.. ولربما أن تصريحات مرزوق هي الأكثر وضوحا والأكثر تعبيرا عن السبب الرئيسي للخلاف بين قيادات النداء … رغم أنها لا تقول كل شيء أيضا… فمحسن مرزوق يؤكد أن سبب الخلاف وسبب إقدامه على الاستقالة هو ومجموعة ال21 نائبا ( من بين 32 غاضبا) هو العداوة لحركة النهضة وعدم استساغة التحالف معها أو حتى مجرد التشارك معها في الحكم… فحركة نداء تونس ذات الإرث البورقيبي حسب زعمه هي نقيض مشروع النهضة الرجعي الإخواني وهذا ما جعل الحزب يحظى بتلك الشعبية السريعة ويفوز بالانتخابات التشريعية والرئاسية لسنة 2014 … لذلك لا يمكن القبول بأي حال من الأحوال استمرار علاقة زواج المتعة بين النداء والنهضة ولو كانت تلك العلاقة مؤقتة وانتهازية .. لأنه وحسب السيد محسن مرزوق أيضا فإن تلك العلاقة رجحت كفة النهضة على حساب النداء ( كما حدث لشريكيها في الترويكا سابقا) مما جعل قيادات وأعضاء حكومة النداء يتزاحمون في طوابير لتقبيل يد الشيخ زعيم النهضة حسب تعبيره للحصول على رضاه. لكن هذه التصريحات التي كان من الواضح أنها تخفي أكثر مما تظهر وتبعث برسائل مشفرة لمن يهمهم الأمر ( في استخفاف تام بالتونسيين) لا تجيب عن الكثير من الأسئلة ومن أبرزها : أولا تكرار الزيارات المريبة لمرزوق إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية قبل عملية الانسلاخ والتي تم اتهامه بسببها بالعمالة للأمريكان من طرف أعضاء من حزبه وبين ما يحدث في الحزب؟؟ ثانيا مدى تأثير مواقف بعض الدول العربية الرافضة لأي شكل من أشكال التعامل مع أحزاب ذات خلفية إسلامية وخاصة منها الإمارات العربية المتحدة (التي كانت من أبرز الداعمين للنداء) فيما يحدث في النداء؟؟؟ ثالثا : سبب إقدام أمين عام حزب حاكم يقول أنه كان من أبرز مؤسسي الحزب ومن المساهمين فيما حققه من نجاحات أن يقدم استقالته من ذلك الحزب بتلك البساطة ليسلمه على طبق إلى منافسيه إن لم يكن لديه تطمينات أو بدائل أكثر أهمية في جرابه ؟؟؟ رابعا: ما مدى تأثير اختلالات التوازن بين القيادات الوافدة من تيارات فكرية متنافرة وأحزاب سياسية مختلفة وبين النواة الصلبة والعريضة للنداء من الغالبية الساحقة من حزب التجمع الدستوري المنحل بكل تشكيلاته وتشعباته وامتداداته داخل كل القطاعات وكل هياكل الدولة والإدارة قديما وحاضرا ؟؟؟ ثم أخيرا وليس آخرا ما هو الهدف من وراء كل ما يحدث داخل الحزب الحاكم ومن المستهدف منه؟؟؟ هل هو النداء فقط؟؟؟ أم الائتلاف الحاكم بشكله الحالي فقط؟؟؟ أم أنها مخرجات المرحلة الانتقالية برمتها التي تبعت الثورة والتي رسخت من بين ما رسخت له القبول بحزب له مرجعية دينية "إسلامية تحديدا" وله وزن وتأثير كبير في المشهد السياسي بالبلاد مع هامش كبير من الحرية للمواطنين مع مؤسسات دستورية رقابية من بينها هيئة للمحاسبة والمصالحة وكشف الحقائق ؟؟؟ إنه من الغريب والعجيب والذي لا يمكن استيعابه أن نرى حزب حركة النداء الذي تشكل على عجل ولم يوضح لا برامجه ولا أدبياته ولم يعقد حتى مؤتمره ..يصل إلى الحكم بمثل تلك السرعة العجيبة ثم يرفض بعد ذلك أن يحكم .. ثم يشكل حكومة في أغلبها ( وإن ظاهريا فقط) من خارج الحزب …ثم يدخل قياديو هذا الحزب وبرلمانيوه في معركة ضروس مع ما في ذلك من سب وشتم وكيل للتهم … ثم يخترق رئيس الدولة الدستور من أجل نفس الحزب ويتدخل من أجل التوسط بين أعضائه عله ينقذ ما يمكن انقاذه … ويصل الأمر بعد ذلك بين أعضائه حد كيل التهم بالعمالة للأجنبي واستخدام المال السياسي الفاسد والخيانة العظمى… ليخرج علينا سياسيو آخر زمان ممن ابتلينا بهم بعد انتخابات 2014 من الائتلاف الحاكم خاصة ليؤكدوا ويشددوا ويحلفوا أغلظ الأيمان على أن كل ذلك لا يؤثر على سير العمل الحكومي وعلى أوضاع الشعب والوطن ؟؟؟ أما من ينتقد أو يطالب بتوضيح ما يجري فإن آلة الإعلام الجهنمية التي مازالت تسير بنفس نمط عبد الوهاب عبد الله تنهال عليه لتسلخه سلخا وتتهمه بالاصطياد في الماء العكر وبمحاولة نشر البلبلة والفتنة وبعدم الوطنية؟؟؟ فالوطنية حسب حكامنا الجدد وحزبهم الكبير هو أن تترك ما للنداء للنداء .. وما لقيصر لقيصر…. وما يهمنا نحن المواطنون المتخلفون الجاهلون الهمجيون الواهمون بأن بلدنا غني بثرواته وأبنائه فيما يحدث داخل البلاد وداخل دواليب السياسة فيه ؟؟؟ لماذا لا نريد أن نفهم أن دورنا قد انتهى منذ أن قمنا "بواجبنا؟؟؟" ذات 26 أكتوبر 2014 وقمنا باختيار من يحكمنا حتى وإن تم تظليلنا فذنبنا على غبائنا وقلة فهمنا وعلينا أن نقبل بكل شيء اليوم مهما كان نوعه أو لونه أو شكله ولا يحق لنا أن نعبر عن رأيينا إلا بعد 5 سنوات… تلك هي الديمقراطية… بطبيعة الحال حسب تعريفهم هم للديمقراطية… أما التوافق الذي فلقونا به طيلة مرحلة التأسيس فرأينا كيف تم الرمي بها في سلة المهملات في أول اختبار جدي عند المصادقة على الميزانية المهزلة لسنة 2016… إن ما يحدث في نداء تونس هو أخطر بكثير مما يحاول الكثيرون إيهامنا به… فهو لا يهدد مصير حركة سياسية فقط مهما اتفقنا أو اختلفنا معها وإنما هو يهدد مصير بلد وثورة وشعب خاصة مع ما نراه من تلاعب بكثير من الملفات الحارقة ومن تدخل أجنبي مباشر وسافر في أدق شؤوننا وأكثرها حساسية وانقلاب علني على كل مكاسب الثورة على قلتها… فأين يريد أن يسير بنا نداء تونس الذي طار كوعه وضاع بوعه بين دهاليز الحقد وغَيَابَاتِ الطمع واللهفة…؟؟؟ فبحيث… الله يفتح البصائر… ويبعد عنا المخاطر و يحفظ تونس مما صار ومما هو صائر…