إثر صدور تخفيض وكالة الترقيم الامريكية ” ستاندار اند بورس ” لتصنيف تونس الإنمائي طويل الأجل والذي تم تخفيضه إلى المرحلة ( ب ب ) واعتبارها ضمن الدول ذات الإقتراض القابل للمضاربات . لا بد من ضرورة التعامل مع هذه الأرقام والتصنيفات والمعطيات التي تقدمها وكالات الترقيم العالمية ب”تحفظ كبير” وذلك لأسباب عديدة أهمها أن هذه الوكالات تحتكر السوق العالمية (إذ يوجد ثلاث وكالات عالمية كبرى وهي “فيتش” و “مودز” و “ستاندار أند بورس”) كما أنها ممولة من طرف مؤسسات مالية كبرى، إلى جانب أن هذه الوكالات تعمل تحت الطلب سواء من قبل مؤسسات خاصة أو من طرف بلدان وذلك مقابل مبالغ طائلة مما يطرح تساؤلات حول مدى تضارب المصالح . وبالعودة الى سنة 2008 ومنذ بداية الأزمة المالية وقبل حلولها أسندت أغلب هذه الوكالات والمؤسسات ترقيمات إجابية كبيرة لبنوك عديدة في شتى بلدان العالم تعرضت إثرها للإفلاس وتسببت في وقوع الكارثة المالية وتدهور الوضع المالي وحلول الأزمة . مصداقية وكالات الترقيم موضوع مطروح للنقاش منذ مدّة طويلة حيث جعل رجالات المال والأعمال يتعاملون معها بحذر وتدقيق ‘ وبالتحري وجمع المعلومات العامة حول الاوضاع في الدول وفي البنوك . الأزمة المالية أكدت فشل هذه الوكالات التي رغم التشريعات الجديدة لتقنين عملها حافظت على دورها الجوهري في القطاع المالي واصدار التصنيفات . ورغم الشكوك في أدوارها وأرقامها إلا أن الجميع مازال يتخذ قراراته وفق الترقيم الذي تمنحه هذه الوكالات”. وبالعودة إلى التصنيف الجديد لتونس لن يكون له تأثير كبير لأن معاملاتنا مع الأسواق المالية العالمية الكبرى لا يتجاوز 20 بالمائة . لكن هذا ليس تقليل من خطورة الأوضاع الإقتصادية الراهنة وإنما تحذير وإعلان عن اقتراب صعود رنين ناقوز الخطر ليجعلنا نتحرك لتدارك الوضع والتفكير الجدي في تحريك اليات خلق الحلول التي تتعامل بصرامة مع اقتصاد الأزمة الراهنة والمطالبة بإيضاحات صادقة وواقعية من البنك المركزي التونسي حول مدى جدية الترقيم والتثبت . حيث يبدوا أن البنك تلقى رسالة من وكالة ” ستاندار أند بورس ” منذ شهر نوفمبر الماضي للمطالبة بإيضاحات حول الوضع المالي في البنوك التونسية إلا أنه وفي ما يبدوا إلى أن تتوضح الأمور' تجاهل المسؤول الأول وهو محافظ البنك المركزي هذه الرسالة ولم يرد على الوكالة . لقد تواصلت سياسة تكبيل الحكومة والدولة بتعطيل الانتاج في العديد من المؤسسات والقطاعات الحساسة التي كانت تضخ الموارد المالية في الخزينة وهذا يحيلنا الى التحرك السريع من كل القوى الوطنية وخاصة الاقتصادية منها الى تعبئة الموارد وضخ المال لفائدة الاقتصاد الوطني دون اعتبار مسألة هذا الترقيم الجديد ودون حسابات سياسية أو مالية مع تغيير هذه السياسات الاقتصادية المتبعة حاليا والتي تتحمل جزء منها الحكومة الحالية نتيجة هذه الاختيارات الخاطئة والتي اتبعتها قبلها الحكومات السابقة و التي سيرت دواليب الدولة منذ سقوط نظام القهر والفساد . المسؤول الاساسي هو محافظ البنك المركزي الذي لا يشك اثنان في مدى خبراته والذي يبدوا انه لعب دور عكسي في التصورات ومعاضدة المجهودات وربما خدمة لبعض المصالح المجهولة وجعل اقتصادنا في وضع حرج يتطلب سرعة الرد ومعالجة الوضع دون الوقوع في سلبية التعامل مع هذا المؤشر وهذا الترقيم وتعطيل عجلة الحلول واللعب على تهويل وتضخيم الامور ولكن لا بد من اعتماد عملية هيكلة جوهرية لمختلف القطاعات و استعادة الاموال المنهوبة وتنشيط الادخار الداخلي والخارجي عبر التونسيين المقيمين خارج تونس مع عودة الانشطة وتحريك الانتاج في القطاعات الحابسة والمعطلة عن الانتاج مثل الفسفط والغاز والبترول ودعم الاستثمار فيها وحوكمة تسيير المؤسسات الحكومية وتفعيل سياسة التقشف في هياكل الدولة . ماذا تنتظر الحكومة للقيام بإصلاحات عميقة للقطاعين البنكي والمالي بالاستعانة بالخبرات التونسية في الداخل والخارج ؟؟؟” ... هذا الترقيم له تأثير من الناحية النفسية فقط ولكن لا بد من الحذر والاحتياط لان المؤشرات الاقتصادية الحالية لاتدل على بلوغ مرحلة الخطر ولابد من عدم تجاوز نسبة عجز الميزانية 6 بالمائة