بدأت السلط الجهوية في ولاية مدنين كجهة معنية في المستوى الأول من كل ما قد ينجر عن تطور الاوضاع في ليبيا من سيناريوهات، في رسم استعداداتها وتحيين خطة طوارئ ضبطتها منذ سنة 2014 وتفعيل منظومة متكاملة تضم عدة لجان ومتدخلين من إدارات ومنظمات جهوية وطنية وأخرى دولية من اجل إحكام تدخلها ونجاعته عند الضرورة. وفي هذا الاطار بادر والي مدنين طاهر المطماطي يوم الجمعة بعقد اجتماع جهوي أول للنظر في الاعداد لامكانية توافد الليبيين عند تطور الاوضاع بليبيا خاصة وأن الجهة ستكون الأولى كواجهة استقبال الوافدين من ليبيا لوجود أهم معبر حدودي بها هو معبر راس جدير الذي عبره سيكون دخول أغلبية الوافدين على تونس. وتزامن هذا الاجتماع الذي ضم عدة أطراف أمنية وعسكرية ومنظمات وطنية ودولية وإدارات جهوية كالصحة والشؤون الاجتماعية مع إذن رئيس الحكومة لولاة الجمهورية بتكوين لجان جهوية تضم مختلف الاطراف المعنية قصد اتخاذ احتياطات ضرورية وإعداد خطة عمل على مستوى كل ولاية للاستعداد للتعامل الناجح والميداني مع ما قد يطرا من مستجدات وأوضاع استثنائية. واعتبر والي مدنين أن الهدف من هذا الاجتماع الأول تبادل المعلومات والافكار بين كل المتدخلين حتى يكون جميعهم على نفس الدرجة من امتلاك المعلومة، مشيرا الى وجود عدة خلايا ولجان تنتظر فقط التفعيل وتحيين خطط عملها وبرامج تحركها ومنها لجنة النقل ولجنة الصحة والاغاثة والسكن وغيرها وذلك في انتظار اجتماعات أخرى لوضع المخطط الميداني العملي المفصل. وقال الوالي إن تونس والجهة لها تجربة سنة 2011 وعلى ضوئها ستضبط برامج وتحين معطيات، مؤكدا أنه لن يقع هذه المرة إقامة مخيمات كما سيتعاضد مجهود الصحة بين الصحة العمومية والصحة العسكرية الى جانب جهود المنظمات الدولية كجزء لا يتجزأ في المنظومة الجهوية والوطنية، وفق تعبيره. وفي نفس هذا التوجه أكد ممثل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين "رالف شاين" أن المخيم لن يكون حلا هذه المرة معتبرا أن الوضعية الراهنة لا تتطلب تخوفا ولا تثير الانزعاج وإنما تظل الاستعدادات وتبادل برامج عمل هي موجودة مع كل المتدخلين لتحيينها في صورة وجود تدفق من ليبيا، بحسب قوله. وحسب الدكتور منجي سليم رئيس الفرع الجهوي للهلال الاحمر التونسيبمدنين فإن خطة طوارئ موجودة تتطلب التحيين عبر اللجان القائمة لتنطلق في العمل في القريب، مشيرا إلى أن من أبرز ما ستسهر عليه معاينة الاماكن الحضرية المتفق عليها وتفقدها بعد أن تم الاتفاق على عدم إعادة تجربة المخيمات استئناسا بتجارب عدة دول حسب قوله ليتم في هذا السياق استغلال الفضاءات المتاحة كدور الشباب او القاعات المغطاة لسهولة السيطرة والحماية. ودعا الى ضرورة ان تاخذ المنظمات الدولية مسؤولياتها وتعد ميزانياتها لكل طارئ حتى يكون تدخلها في الوقت تلافيا لتجربة 2011 التي سجلت تدخلا متاخرا للمنظمات وتركت الشعب التونسي لشهرين يجابه تدفقا هائلا من الوافدين بحسب ذكره، مشددا على أهمية جاهزية المنظمات استباقيا لان الشعب التونسي لن يحتمل في فترة جديدة مسؤولية الفارين من ليبيا. وتوقع الدكتور سليم استنادا إلى اتصالاته مع الليبيين وفق قوله أن تركيبة "المهاجرين" لن تكون مثل سنة 2011 إذ سينتقل ميسورو الحال من الليبيين الى العاصمة تونس اين سيكترون المنازل غير مستحقين بذلك للاعانة فيما سيبقى ضعفاء الحال منهم في ليبيا لهجرة داخلية سيما وان الاف العائلات الليبية مهجرة في ليبيا غير أن العمالة الاجنبية ستكون الاكثر على تونس للعبور فقط لترحل مباشرة الى بلدانها في حين سيكون العدد أكبر من الافارقة الذين سيتغلون الفرصة لطلب اللجوء، بحسب تقديره. أما في المجال الصحي فقد أعدت الادارة الجهوية للصحة بمدنين وفق مديرها الطيب شلوف مخططها للتدخل الذي يرتكز على عدد من العناصر هي التدخلات الاستعجالية للجرحى والعلاجية لمختلف الامراض والتدخلات الوقائية في صورة توافد اعداد هامة من ليبيين أو غيرهم من شأنه أن يغير الخارطة الوبائية بالجهة الى جانب تدخلات على مستوى حفظ الصحة والبيئة . وأكد دكتور شلوف جاهزية كل من المؤسسات الصحية بالجهة في إطار هذا المخطط وكل خلايا الازمة في مختلف المعتمديات حتى ان التنسيق تم توسيعه الى المستشفيات المجاورة بولايات قابس وتطاوين وقبلي وصفاقس أي الخط الاول والثاني والثالث في الجنوب التونسي جاهز عند الازمة. وأوضح أنه في مثل الازمات الدولية والاقليمية يبقى دور المنظمات الدولية أساسيا لدعم وتمويل المؤسسات العمومية لذلك فهي مدعوة لتحمل مسؤولياتها رغم أن المنظمات الدولية ذات العلاقة بالصحة حاضرة للدعم حسب قوله. وأشار إلى اجتماع أخير عقد بمقر وزارة الصحة تم خلاله التنسيق للدعم والتدخل الوقتي عند الحاجة وخاصة بالاطار البشري فيما سيتم الاعتماد على الامكانيات المادية المتاحة جهويا ولاسيما أسطول السيارات من مدنين ومن جهات الجنوب.