يوم صعب بأتم معنى الكلمة عاشه التونسيون أمس الإثنين 7 مارس 2016 على خلفية هجوم مدينة بن قردان, التي تمثل حزاما حدوديا للبلاد مع ليبيا, في محاولة فاشلة من الإرهاب لإقامة إمارة داعشية في الجهة وفق ما أكدته السلطات الرسمية, إلا أن هذا المخطط سرعان ما تكسرت أحلامه على صخرة الصمود التونسي من جيش و أمن و جمارك و مواطنين, إذ مثلوا جدار الصد المنيع الذي استمات في حماية المدينة و منع سقوطها بيد الدواعش, فكانت الحصيلة القضاء على 36 إرهابيا بالتمام و الكمال و أسر سبعة عناصر, و كشف ثلاثة مخازن أسلحة و حجز كميات ضخمة من الذخائر و السلاح. بدأ الهجوم الكاسح على بن قردان الواقعة في الجنوب التونسي فجر أمس الإثنين, و مباشرة بعد اذان الفجر الذي نودي له بأحد الجوامع القريبة من الثكنة العسكرية في المدينة, ليكون إشارة الإنطلاق لبدء تنفيذ الهجوم الإرهابي الغادر بصفة متزامنة على ثكنة الجيش و منطقتي الحرس و الأمن, و اغتيال أعوان القوات المسلحة و القتل العشوائي, و ربما الممنهج للمواطنين, أي القتل على الهوية. شاهد عيان من بن قردان, قال ل"بوابة إفريقيا الإخبارية" إن الإرهابيين كانوا يعرفون جيدا ضحاياهم من أمنيين و عسكريين و حتى مواطنين, و لذلك توجهوا إلى قتلهم داخل منازلهم و في الشوارع و أمام مرأى عائلاتهم. و أكد شاهد العيان أن الإرهابيين كانوا يعرفون كذلك مقرات و منازل الأمنيين و العسكريين و المواطنين المستهدفين بالقتل, مبينا أن هذا الأمر يثبت أن هاته العناصر لم تتسلل من ليبيا, على الأقل من نفذت الهجوم, بل هي خلايا إرهابية نائمة من أبناء الجهة. و تابع مصدرنا بأن أحد الإرهابيين كان يصرخ بأعلى صوته: "سأطهر عائلتي من الطاغوت", في إشارة إلى أن أحد أفراد عائلته ينتمي إلى المؤسسة الأمنية أو العسكرية. شاهد العيان, و هو أصيل بن قردان, أفاد أيضا ل"بوابة إفريقيا الإخبارية" أن أحد الإرهابيين كان يقود سيارة رباعية الدفع في مكان مكشوف و يهتف عبر مكبرات الصوت بأن تنظيم ما يسمى ب"الدولة الإسلامية" قدم لتطهير المدينة من "الطواغيت". و أضاف مصدرنا أن عددا من المواطنين في بن قردان قتلوا أثناء دفاعهم عن أقاربهم من أعوان القوات المسلحة, كما أن البعض الاخر قتل لأنه اصطف إلى جانب مؤسسات الدولة و حماتها و رفض الإنصياع للإرهابيين. و تابعت ذات الجهة بأن أحد المواطنين قتل من طرف الإرهابين بطريقة عشوائية عندما كان بصدد شراء الخبز من أحد مخابز المدينة. كما قتل اخرعندما ارتمى من على سطح منزله على أحد الإرهابيين محاولا افتكاك السلاح الذي بحوزته. هبة البنقردانية ( نسبة إلى أهالي الجهة), أمس الإثنين, في وجه الإرهاب الأسود و الحاقد كانت هبة رجل واحد, رجالا و نساء, حيث كانت النساء قبل الرجال في الصفوف الأولى لمساندة الجيش و الأمن و ملاحقة الإرهابيين بالعصي و الحجارة و كل ما وجدنه أمامهن من الات أو أشياء قد تمكن من دحر الدواعش, و فق المصدر ذاته. و قبل أيام, نجحت وحدات من الحرس و الجيش التونسيين, و في بن قردان بالذات, من القضاء على خمسة إرهابيين, و خلال ذلك كان أهالي المنطقة جنبا إلى جنبا مع وحدات الحرس و الجيش في مسرح العمليات, وشكلوا الدرع الخلفي الأمين للقوات المسلحة في هذه العملية. اهالي بن قردان لم يكتفوا فقط بالتواجد في مسرح العملية الأمنية وقتها, بل واكبوا كل تفاصيلها و مجرياتها بالتهليل و التكبير و التصفيق, مرددين هتافات النصر للوطن و لحماته على الميدان تحفيزا لهم و رفعا لمعنوياتهم, كما أخذ البعض منهم صورا مع الجنود و أعوان الحرس, و قام البعض الاخر بتصوير جثث الإرهابيين من على أرض المعركة, في حين نقل اخرون نقلا مباشرا عبر الهاتف الأحداث الجارية على الميدان لعائلاتهم أو معارفهم, و كل ذلك وقع تحت زخات الرصاص, و في لحمة فريدة من نوعها بين المواطن التونسي و قواته المسلحة, تحدثت عنها مختلف وسائل الإعلام المحلية و الأجنبية. صورة "سيلفي" لعدد من الجنود التونسيين رافعين شارة النصر مع ابتسامة عريضة توشح قسمات وجوههم الساخرة, مع جثث إرهابيين لقوا مصرعهم في أرض المعركة, غزت بدورها المواقع الاجتماعية على غرار "فايسبوك" و "تويتر", و تناقلها التونسيون بكل إعتزاز و سخرية: إعتزاز بمؤسساتهم العسكرية و الأمنية و سخرية من أحلام الدواعش الذين لن يكون لهم موطأ قدم في تونس مهما حاولوا, يقول عدد كبير من رواد المواقع الإفتراضية المذكورة في تونس. يوم صعب و حرج جدا مرعلى تونس طيلة يوم الإثنين 7 مارس 2016, أحبطت فيه البلاد أكبر المخططات الإرهابية التي تستهدف أمنها القومي, و هي إحتلال مدينة بن قردان بعد ضرب مقرات و رموز السيادة فيها بغاية إرساء إمارة الدواعش, و لكن ما كل ما يتمناه الإرهاب يدركه؟, هذا ما أعلنه التونسيون أمس في ملحمة بن قردان, حين عضوا بالنواجذ على الوطن, و اصطفوا كالبنيان المرصوص, إلى جانب القوات المسلحة و تخندقوا معهم في نفس الخندق و دفعوا معهم الثمن ذاته, الدماء, من أجل أن تبقى تونس منيعة ضد كل المؤامرات التي تستهدفها تحت مسميات شتى و من جهات شتى, و على هؤلاء أن يعيدوا حساباتهم جيدا قبل معاودة الكرة, و على الجميع أن يقرأ رسالة ملحمة بن قردان جيدا قبل مجرد التفكير في غزو تونس, يقول أهل البلد.