كتبت ذات يوم إنني استبقت التاريخ و حلمت بيوم 25 جويلية 2011 و تصورت أن كل شي تم في أحسن الظروفوان الانتخابات كانت شفافة و ديمقراطية و رأيت الدنيا بلون زهري جميل أفقت منه علي حقيقة مرعبة و مخيفة فلا الانتخابات تمت أصلا و لا القضاء تحرر و لا الصحافة تخلصت من رواسب عبد الوهاب عبدا لله و لا قطعنا مع ماض بغيض و حال الهيئة العليا لتحقيق مكاسب الثورة يبعث علي الحيرة و الخوف في ظل تجاذب غير نزيه من جميع الإطراف و عمليات لي الأذرع مما أفرز انسحابات من الحجم الثقيل بدأتها حركة النهضة و التحقت بالركب أكبر الأحزاب تأثيرا بعد أن رفض حمة الهمامي أصلا الانتماء إليها أو الاعتراف بها . أفقت فوجدت التجمعين المنبوذين وقد مكنتهم وزارة الداخلية من نصيب الأسد من الأحزاب علي الساحة بعد أن كانوا قد رضوا بمصيرهم بإزاحتهم من الحياة السياسية للبلد بعد أن لفظتهم الثورة وذلك بفضل ما بذله الدستوريون القدامى الجدد و حكومة السبسي من مجهود لعدم تمرير الفصل 15 و المناداة بعدم إقصاء من نشط مع المخلوع .... تاريخ اليوم كان يجب أن يكون عيدا قوميا و قد زف فيه شهدائنا إلي الديمقراطية وسط زغاريد أهلهم و أهلنا لا أن يكون مسمارا آخر يدّق في نعش ثورتنا..لقد دقت جميع المسامير في كامل جسد هذه الثورة و الادهي و الأمر من ذلك هو إنني عندما حاولت و من معي انتزاع هذه المسامير- مع ما في العملية من آلام – استعصي علينا الأمر لكثرتها و لدقتها و الاختيار المدروس لأماكن غرسها...تصوروا لقد دق أول مسمار في جسم وزارة الداخلية التي و من هول الآلام تعاملت كعادتها رغم الثورة و رغم طلبهم العفو و المغفرة من الشعب التونسي بكل وحشية مع المتظاهرين ولا تثريب عليها فالمسمار أفقدها عقلها اللهم إلا في بعض الأحيان و صدفة و يكون ذلك مع المظاهرات التجمعية و اللائكية حيث تهدأ الأوجاع و تعود الحكمة إلي تصرفاتها . وغير بعيد حاولنا نزع مسمار غرس في وزارة العدل و في مكان حساس من جسمها ألا و هو القضاء و استعصى علينا الأمر كذلك فقد هرم و ترهل الجسم الذي بعثه المخلوع و لم تضخ فيه دماء شباب ثوري فأنى له أن يساعدنا و يتحمل آلام النزع فأصبح جسمها يتخبط و تعطلت المحاكمات في بعض الأحيان و تسرعت في أخرى ..وضاعت الحقوق و لم يقنع أدائها أحدا والخطأ خطأ المسمار فآلامه المبرحة أفقدتها كذلك حصافة الرأي زيادة على عامل التقدم في السن . و في الأعلام مسامير دقت.... في مرئيها و مسموعها و مقروئها... مسامير صدئت ولا ينفع معها إلا الاجتثاث و لن يكون ذلك إلا بعملية قيصرية قد نخسر فيها الأم للمحافظة علي الجنين...فهل نحن مستعدون لذلك ؟؟ بل هل سيستسلم هذا الجسم ؟ لا أعتقد فعقاقير الدنيا المخدرة قد لا تستطيع ذلك في غياب الإرادة الجادة.. أفقت من حلمي الوردي لأجد وطني و قد غرست فيه مسامير الحقد و الانتهازية من جديد.... وجدت الأشياء تسير عكس الثورة فعرفت أنها الثورة المضادة و أنها قد تمكنت من جسدنا العليل بفعل ما دقه المخلوع من مسامير مسمومة لم تعمل لا الحكومات الثلاث ولا أحزابنا المائة علي إعطائنا الترياق رغم علمهم أنهم ليسوا في مأمن من تداعياتها.. فلكل حساباته الضيقة و منطق الربح و الخسارة هو الطاغي على أدائهم الحزبي.. فلنفق جميعا أيها السادة فالتجمع و بقايا بن علي لا يزالون يمسكون بخيوط اللعبة و يدفعون بالبلاد إلي أتون العنف و الصراعات القبلية و الجهويات فهم أعداء الثورة الحقيقيون هم من جبلوا علي الخديعة و الإيقاع بين الإخوة في مقرات الشعب و لجان التنسيق لن يستسلموا بالسهولة المتوقعة و ما حصل في مدينة صفاقس مؤخرا من إلقاء القبض علي تجمعيين قدامى قدموا المال و الدعم لبلاطجة مرتزقين للقيام بأعمال حرق و تخريب إلا دليل و زيادة فقد نهلوا من المدرسة الرومانية كيفية الرجوع إلي السلطة بعد سقوط كبيرهم فاحذروهم احذروهم .... احذروهم... و اعتبروا من التاريخ الحديث... فكثيرا ما اعتبروا أن الديمقراطية لا تصلح لهذا الوطن وأن الأمن و الأمان لا يوفرهما إلا نظام بوليسي قمعي.....لقد كذبوا علينا لسنين و سنين و إلي الآن كذبهم متواصل...فاحذروهم لأننا إلي الآن لا نعرف من يحكمنا : هم أم وزارة الداخلية أم الوزارة الأولى ..أم العجوز القابع في قصر قرطاج .وذلك في ضوء الأداء الباهت و الضعيف لهذه الحكومة الواهنة التي لم تتمكن من السيطرة على أمن البلاد وفرض هيبة الدولة و المحافظة علي مقدراتها ... أ رجو أن أفيق من هذا الحلم الكابوس علي أنغام جميلة يعزفها شباب الثورة بإصرارهم على إنجاحها رغما عن كل الأعداء..و العراقيل و المطبات ...و أنا متأكد أن إرادة الشعوب لا تقهر..لايقهرها تجمع انحل و لا أجندات خارجية بأياد تونسية يمكن لها أن تقف حاجزا بين شبابنا و ثورته . فلا تخذلونا