تصادف يوم الخامس عشر من ماي الذكرى الثامنة والستين لذكرى النكبة التي حلت على الشعب الفلسطيني التي جاءت بقرار التقسيم الذي اتخذته منظمة الأممالمتحدة قبل النكبة بعام، لتعلن بعدها العصابات الصهيونية التي كانت تنكل بأهلنا في فلسطين وتمارس ابشع المجازر، دولتها على أغلب الأراضي الفلسطينية، وسط عجز وتواطؤ الأنظمة العربية، لتبدأ مرحلة جديدة من النضال الوطني الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الذي كانت تحميه قوات الانتداب البريطاني وتتعاون معه في جلب اليهود من مختلف بلدان العالم ليستوطنوا في فلسطين، وذلك تنفيذ لوعد وزير الخارجية البريطاني بلفور في العام 1917، والذي وعد الحركة الصهيونية بتأسيس دولة لهم على ارض فلسطين. ثمانية وستون عاما على نكبة فلسطين، لم تتمكن الأنظمة العربية خلالها من إحداث النقلة النوعية لتحرير فلسطين، إنما تمكنت قوات الاحتلال بدعم من الدول الكبرى من احتلال باقي الأراضي الفلسطينية والجولان السوري وسيناء المصرية، في نكسة حزيران 1967، وعندما جاءت حرب أكتوبر المجيدة عام 1973، وتمكنت الجيوش العربية بقيادة مصر وسوريا من تحرير بعض الأراضي المحتلة، حيث حققت هذه الجيوش بطولات كبرى وحققت انتصارات عظيمة على العدو الصهيوني، إلا أن انحراف البوصلة نحو التسويات والمفاوضات غير المتكافئة مع الكيان، شكل انتقاصاً كبيراً للنصر العسكري، وزاده تردياً التوجه المحموم لنظام السادات نحو التطبيع مع الاحتلال، الأمر الذي شكل ضربة في خاصرة الأمة العربية، لتبدأ بعدها رحلة التطبيع وإقامة العلاقات معه بشتى صورها الدبلوماسية والتجارية والاقتصادية، في ظل إمعان جيش الاحتلال في التنكيل واحتلال المزيد من الأراضي العربية كاحتلاله لجنوبلبنان عام 1978، واجتياح بيروت صيف 1982، بينما كانت المفاوضات تجري بين النظام المصري والكيان الصهيوني، في تراجع رسمي عربي عن القيام بالواجب القومي تجاه فلسطين والأراضي العربية المحتلة. لقد استثمر جيش الاحتلال الصهيوني هذا الوهن العربي، وواصل مجازره ضد الشعب الفلسطيني، وفي الأراضي العربية التي احتلها وخصوصا جنوبلبنان، وسعى لتهويد المدن الفلسطينية وعلى رأسها مدينة القدس عبر قضم أراضي أهلها وطردهم من بيوتهم وتدمير مزارعهم، فزادت حركة الهجرة اليهودية إلى فلسطين في ظل العجز والصمت العربيين، لكن تمكن المقاومة الوطنية اللبنانية من تحقيق الانتصار في مايو / أيار عام 2000 قد ضرب نظرية الجيش الذي لا يقهر في العمق، وبدأت معنويات الجماهير العربية في استرجاع وهجها، ومساندتها للقضية الفلسطينية ووقوفها ضد الاحتلال الصهيوني لكل الأراضي المحتلة، ولم تنل آلة الحرب الصهيونية من روح المقاومة عندما قرر الكيان العدوان على لبنان في 2006 ومن ثم على قطاع غزة وتدمير البنى التحتية وقتل وتشريد الآلاف من أهلنا في القطاع، الأمر الذي هيئ الأرضية الخصبة لانطلاق الانتفاضات الفلسطينية في الأراضي المحتلة، وآخرها انتفاضة الشباب الذي يواجه آلة التدمير بأبسط أدوات المواجهة، ليسطر صموداً أسطورياً، مجسداً قدرة العين الفلسطينية على مقاومة مخرز الاحتلال الصهيوني، الذي يمارس أبشع صور القتل خارج القانون بحق الأطفال والنساء ويواصل أسر آلاف المناضلين الفلسطينيين وفي مقدمتهم الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين احمد سعدات وأمين سر حركة فتح في الضفة الغربية مروان البرغوثي. إننا لا يمكن أن نعزل ما يقوم به الصهاينة من جرائم ضد الإنسانية بحق الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات، عن ما يجري في البلدان العربية التي تعاني من الاحترابات الداخلية الاقتتال على الهوية، وتقدم اكبر خدمة للكيان الصهيوني، خصوصا مع استمرار هذه سفك الدماء التي تنذر بتقسيم وتفتيت المفتت في أرجاء الوطن العربي الكبير، وتحويله إلى دويلات الطوائف التي تفتقر لأبسط مقومات الحياة. وليس هناك من مخرج لهذه الاحترابات سوى العودة للرشد والاعتراف بالآخر، وبدء الحوارات والمفاوضات الوطنية الجادة من أجل بناء الدولة المدنية الديمقراطية التي تحتضن جميع أبنائها بغض النظر عن انتماءاتهم الايدلوجية والسياسية والاثنية، وتحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية. واليوم، حيث يواصل الشعب الفلسطيني نضالاته ومقاومته ضد الاحتلال الصهيوني وممارساته التي تذكر بأساليب النازية الجديدة، فان جمعية العمل الوطني الديمقراطي "وعد" وانطلاقاً من مبادئها ومواقفها والتزاماتها القومية تجاه أهلنا في فلسطين، فإنها تطالب كافة الفصائل الفلسطينية وخصوصاً حركتي فتح وحماس بتقديم المصلحة الفلسطينية العليا على كل ما سواها من اجل إعادة اللحمة للنضال الوطني الفلسطيني، والتمسك بالثوابت الوطنية الفلسطينية وعلى رأسها حق العودة باعتباره حق لا يسقط بالتقادم، وبإعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها المظلة الجامعة لكل القوى والفصائل وتحقيق عملية الإصلاح الداخلي بما يعزز صمود أهلنا في الداخل الفلسطيني وفي الشتات. كما نطالب جماهير الأمة باستمرار دعمها ومساندتها للشعب الفلسطيني من أجل نيل حقوقه المشروعة وتحرير كامل الأراضي المحتلة وبناء دولته الديمقراطية وعاصمتها مدينة القدس. كما ندعو جماهير شعبنا البحريني الاستمرار في تقديم الدعم والمساندة والتضامن لأبناء شعبنا الفلسطيني تحت الاحتلال وهم يخوضون نضالات البطولة والفداء دفاعا عن شرف الأمة وقضيتها المركزية. جمعية العمل الوطني الديمقراطي "وعد"