تمكنت القوات الموالية للمجلس الرئاسي من السيطرة على أجزاء واسعة من مدينة سرت معقل تنظيم "داعش" بالبلاد، حيث أكد محمد الغصري المتحدث باسم قوات المجلس الرئاسي أن مقاتلي قوات الرئاسي تحاصر منذ الاثنين التنظيم في مساحة ضيقة داخل سرت لا تتعدى العشرة كيلومترات. وأوضح الغصري في حديث خاص ل"العربية.نت" أن التنظيم في الوقت الحالي لم يعد في حالة اشتباك مباشرة ويعتمد على القناصة المتحصنين في أحياء سكنية بالإضافة للانتحاريين، مؤكداً أن نهاية التنظيم في سرت ما هي إلا مسألة وقت. وفي الأثناء يطرح مراقبون للوضع في ليبيا تساؤلات عن مآلات البلاد ما بعد تحرير سرت، وسط تكهنات بأن هذا النصر لا يبدو أنه سينقل البلاد إلى مرحلة متقدمة سياسياً، لاسيما بعد أن شرعن المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق المجموعات المسلحة التي قاتلت الموالين لمجلس النواب في طرابلس في السابق، وأجبرته على اتخاذ طبرق أقصى شرق البلاد مقراً له. وتساءل مراقبون هل لدى حكومة السرّاج القدرة على نزع سلاح هذه المجموعات المسلحة التي يرعاها الآن؟ وهل باستطاعتها رأب الصدع بينها وبين الفريق خليفة حفتر ومواليه في مجلس النواب. ويبدو أن هزيمة "داعش" والحد من نفوذ الفريق حفتر جمعت من خصوم الأمس، كتائب مصراتة وحرس المنشآت النفطية، التي كانت تتقاتل مطلع العام الماضي، ولكن وجودهما معاً في منطقة واحدة قد ينذر باندلاع حرب جديدة بينهما ربما للسيطرة على الهلال النفطي، وربما من أجل الحصول إلى امتيازات ومناصب ضمن المؤسسة العسكرية الجديدة لحكومة الوفاق. وعلى الطرف الآخر وإن بدا مؤيدو الفريق حفتر بمجلس النواب يناورون سياسياً من خلال الإعلان من مشاورات لتقريب وجهات النظر مع النواب الداعمين لحكومة الوفاق، إلا أن موقفهم الرافض لحكومة الوفاق لا يزال ثابتاً. ورغم الضغوط الداخلية والخارجية لا يزال فريق من النواب يصر على رفض قرارات السرّاج لاسيما إصراره على تعيين المهدي البرغثي، الخصم العسكري للفريق حفتر، وزيراً للدفاع، إضافة لانتزاع صفة "القائد الأعلى للجيش" التي يعتبرها مجلس النواب نقطة البداية لإقصاء حفتر من المشهد القادم وإغراق المؤسسة العسكرية بالمجموعات المسلحة السابقة وإطلاق يدها ومن ورائها من داعمين إقليميين. وعلى الصعيد الدولي، لا يزال الموقف عائماً، ففيما يدعم المجتمع الدولي حكومة السرّاج ويرحب بانتصارت قواته في سرت، فإن مسؤولي الغرب لم يخفوا رغبتهم في التعامل مع الفريق حفتر الذي يمتلك جيشاً منظماً وموالين سواء بمجلس النواب المعترف به دولياً أو من خلال دعم شعبي واسع في برقة وربما في جنوب ليبيا وأجزاء من غربها أيضاً. وأعلن وزير الخاريجة الإيطالي باولو جنتليوني خلال تصريحات صحافية الثلاثاء أن بلاده تسعى "لإقناع الجنرال حفتر ومواليه للاعتراف بسلطة حكومة الوفاق". من جانبه، قال بريت ماكغورك، موفد الرئيس الأميركي الخاص لدى مجموعة التحالف الدولي ضد "داعش"، إن "بلاده مستعدة للتعامل مع الجنرال حفتر ولكن تحت مظلة حكومة الوفاق في طرابلس". ويرى مراقبون أن استمرار دعم المجتمع الدولي للمجلس الرئاسي وإعلانه عن قطع اتصاله بالأجسام الأخرى قد يشير للطرف الآخر الممثل بمجلس النواب أنه يوالي طرفاً على حساب الآخر، ما ينذر بمزيد من الشقاق والخلاف واستمرار حالة الانقسام السياسي المفضي إلى تردٍّ أمني أكثر.