الإستغفار هو حقيقة إيمانية لا يعرف قيمتها إلا من أحس بلذتها في قلبه .. الإستغفار من الأمور الضرورية التي لا يستغني عنها كل مسلم , ولو راجعنا الروايات لعرفنا أن النبي (ص) كان يستغفر في اليوم والليلة ما يفوق السبعين مرة في موقف واحد ولذا سألته زوجته عائشة : يا رسول الله , أتستغفر وقد غفر الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر !!!فقال:أو لا أكون عبدًا شكورًا؟؟ ولقد أشارت الآيات القرآنية لآثار الاستغفار فمثلا يقول : فقل استغفروا ربكم إنه كان غفارا – يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا.. نفهم من تدبرنا بهذه الآية الشريفة ما يلي: 1- وجوب الاستغفار من الذنوب والرجوع إلى الله تعالى قبل الأجل : يجب علينا أن نستغفر من ذنوبنا , والاستغفار مصدر من مادة غفر ولذا نقول لبس المحارب غفرته أي غطاء ليحمي رأسه من الضربات في الحرب. والإستغفار بمعناه هو: الطلب من الله تعالى أن يستر الذنوب( يغطيها) ولا يسأل هذا المذنب عنها ولا يحاسبه في الآخرة . (استغفروا) بمعنى اسألوا الله تعالى أن يغطي ذنوبكم ولا يسألكم عنها ولا يحاسبكم بما أقدمتم..والكلمة فعل أمر والأمر يقتضي الوجوب إذن الإستغفار واجب . 2- ضمان المغفرة من الله: إنه: توكيد على أن المغفرة ستحصلون عليها من الله وهذا وعد والله لا يخلف وعده أبدا فهو الغفار والعفو وإليه ترجع الأمور. 3- يرسل: فعل مضارع والمضارعية استمرار كما تعلمون , ومن هذا المنطلق نجد أن الله تعالى يرسل أو ينزل البركة والرحمة وهي ما نسميها آثار الإستغفار ولكن بشكل مستمر , فإذا كان هناك استغفار كانت الآثار واضحة جلية لدى المؤمن .. 4- هناك أمران جليان في الية الشريفة: مدرارا: من اصل درّ على وزن جر وتعني انسكاب الحليب من ثديي الأم وهذا يعطي معنى هطول المطر ومدرارا صيغة مبالغة .. والخلاصة :أن الله يفيض عليكم بأمطار الرحمة المعنوية والأمطار المادية وهذ الأمطار أمطار رحمة وبركة وليست نقمة ولذلك ركز: سياق الية أن السماء تكاد تهبط من شدة هطول المطر الأمطار وهي سبب للإعمار والخير المعنوي (الروح) والمادي(الأرض). وفي هذا الجانب المعنوى والمادي أمر رابط بين التقوى والعمران لو شئتم تناولناه في تعقيبنا .. 5- ماهذه النعم المعنوية التي يرسلها الله ؟؟ وما هذه النعم المادية التي رسلها الله ؟ لاحظ أن سبب وجود الحياة وعمران الأرض والكون بالماء يقول تعالى ( وجعلنا من الماء كل شيء حي) من الناحية المادية.. وفي جانب أخر نقول : إن النعم المادية التي يرسلها الله تعالى على المستغفرين هي الأمطار وجني بركات هذه الأمطار من زراعة الأرض وإعمارها ويقول ايضا( هو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته حتى إذا أقلت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميت فأنزلنا به الماء وأخرجنا فيه من كل الثمرات ) وبالماء يستطيع الفرد أن يؤسس الثروات الإنسانية والحدائق والأنهار .. أما النعم المعنوية التي يرسلها الله على المستغفرين هي: غفران الذنوب والتطهير من درن الشرك والنفاق والعصيان ) بحيث يوفق الله المستغفر لتطهير نفسه من كل شوائب الدنيا .. غفر الله لنا ولكم