عاجل/ بعض سفن أسطول الصمود تواصل تقدمها وتتجاوز النقطة التي وصلتها سفينة "حنظلة"..    عاجل/ قائمة اسمية لبعض نشطاء أسطول الصمود الذين اختطفهم الاحتلال الإسرائيلي..    "يوتيوب" يغلق قناة تسجيلات جمال عبد الناصر المثيرة للجدل    احتجاجات المغرب.. مقتل شخصين واصابة عدد اخر برصاص قوات الأمن    تحديد سعر بيع الموز .. 5 دنانير للمورد من مصر و7 دنانير من بقية المصادر    صالون الانتقال الطاقي    تونس ... وقفة إسناد وتضامن من طاقم الأسطول أمام المسرح البلدي    يحاكم بصفته رئيس الجمعية التونسية للوقاية من حوادث الطرقات ... 3 سنوات سجنا لعفيف الفريقي    الابقاء على حليمة بن علي تحت المراقبة القضائية    أخبار الحكومة    عاجل/ وصفته بالعمل الارهابي: هذه الدولة تتحرك بعد اعتقال اسرائيل لنشطاء من أسطول الصمود..    بطولة العالم لبارا ألعاب القوى: القنيشي يحصل على الميدالية الفضية    النجم الساحلي الملعب التونسي 1 1 : حضرت «الحمراء» وغاب الانتصار    البطولة الوطنية المحترفة لكرة السلة: نتائج الجولة الثانية    وزارة الصحّة تفتح باب الانتداب    أولا وأخيرا: نوار الدفلى    بورتريه: غوتسافو بيترو (رئيس كولومبيا): الفلسطيني... أكثر من كل العرب !!    مَكِينة السّعادة للكاتب التونسيّ «كمال الزغباني»    الارتقاء بالتعاون الثنائي في شتى المجالات محور لقاء بين رئيس البرلمان وسفير المملكة المتحدة لدى تونس    المهدية-: النيابة العمومية تأذن بفتح تحقيقي ضد 5 أنفار بتهم تتعلق بالمواد المخدرة    المعرض الكوني أوساكا 2025: اختتام فعاليات أسبوع السياحة التونسيّة الإربعاء    قوات الاحتلال: محاولة "كسر الحصار" عن غزة ستُعتبر "انتهاكاً" يعرض المشاركين للاعتقال    في أكتوبر الوردي: أليسا تكشف رحلتها مع السرطان وتوجه رسالة مؤثرة للنساء    بعد حادث رحلة نيس: جامعة الأسفار تدافع عن 'نوفلار' وتدعو للتريّث    الجولة الثامنة من الرابطة الأولى: البقلاوة تحافظ على الصدارة والترجي يشدد الخناق    مفاجأة للمستهلكين: قصّابون ينخرطون في مبادرة تخفيض الأسعار    عاجل/ آخر آجال إيداع التصريح الشهري بالأداءات    عاجل/ الليلة: الامطار الغزيرة والرياح القوية متواصلة    بطولة الرابطة 1: النتائج والترتيب    وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية تحتفي باليوم العالمي للمعلم    الرابطة الثانية: برنامج مباريات الجولة الثالثة    عاجل: تحذير من الرياح القوية وخطر البحر الهائج بخليج قابس    أحلام: خضعت لعملية الأنف من أجل صوتي    العرض الكوريغرافي "طرب" في الافتتاح ما قبل الرسمي لتظاهرة "دريم سيتي"    بن عروس: توقعات ببلوغ صابة الزيتون اكثر من 20 الف طن    دراسة صادمة : '' الشيميني'' مضرة للرئة بقدر التدخين    اليوم العالمي للقهوة: كيفاش يؤثر فنجانكِ اليومي على حالتكِ النفسية والجسدية؟    عاجل/ ظهور متحوّر جديد لكورونا وهذه أعراضه ومخاطره طويلة الأمد    حاتم عميرة م.ع شركات التأمين: رقم معاملات القطاع سجل خلال سنة 2024 نحو 3820 مليون دينار    خبر عاجل للتلامذة: العطل الشهرية لشهر أكتوبر هذا البرنامج الكامل    بلاغ لجنة الإشراف على الجلسات العامة و المنخرطين لللنادي الإفريقي    عاجل: مقتل شخص وإصابة آخر في انفجارات وإطلاق نار في ألمانيا    لليوم الرابع على التوالي.. شباب المغرب يخرج ويحتج وتحول المظاهرات لأعمال عنف    ثورة رقمية في التأمين على السيارات: كل الإجراءات صارت على تلفونك ...شوف التفاصيل    تظاهرة صحية بشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة لتقديم خدمات وتوصيات لفائدة كبار السن    خطير: حجز بقرة مذبوحة مصابة "بالبوصفير" ومواد استهلاكية فاسدة في حملة مراقبة بهذه الولاية..#خبر_عاجل    عاجل/ بعد تداول صور لامرأة بزيّ أمني على فيسبوك.. بطاقتا إيداع ضد هؤلاء..    قفصة: اقرار جملة من الإجراءات للحد من الانبعاثات الغازية جراء أنشطة مصنع المظيلة1 التابع للمجمع الكيميائي التونسي    تونس: هذا ما تقرّر في شأن عدل تنفيذ دلّس وثائق رسمية    قمة كروية نارية: برشلونة يواجه باريس سان جيرمان... وين و وقتاش ؟    عاجل/ ستشمل هذه الولايات: أمطار غزيرة وتقلبات جوية بداية من اليوم..    الأدوية المحلية تغطي ثلاثة أرباع حاجيات التونسيين    الباحثة "مايا ماكينو": بين تونس واليابان... الطفولة تُصاغ عبر القيم العائلية والتحولات الاجتماعية    تونس تحتفي مع المجموعة الدولية باليوم العالمي للترجمة    بين المخدرات والتوظيف الإيديولوجي وتفكيك الوعي: حتى لا يكون التلميذ في مهبّ الصراعات السياسية    صورة وذكرى : صورة عمرها 86 عاما من المدرسة القرآنية الأدبيّة بصفاقس    انطلاق التسجيل في البرنامج العلمي للجمعية التونسية للعلوم الشرعية – فرع المرسى    قبل ما تبدا خدمتك.. هذا الدعاء يجيبلك التوفيق والرزق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إطلالات على رواية مكنية السعادة للأستاذ كمال الزغباني
نشر في صحفيو صفاقس يوم 28 - 10 - 2016

صدر أخيرا عن دار التنوير للنشر بتونس العاصمة رواية تحت عنوان " مكينة السعادة " للأستاذ الجامعي كمال الزغباني المختص في مادّة الفلسفة . و قد جاءت الرواية في ثلاثمائة و خمسين صفحة قسمها المؤلف إلى العناوين التالية: لقاءات ، تقاطعات ، صيرورات ، مصائر
أستاذ التعليم العالي أحمد السماوي الذي قرأ الرواية و خرج على أصدقائه و رفاقه ليتحدث إليهم عن إعجابه بما كتبه الزغباني و اعتبره مؤهلا لنيل جائز بوكر 2017 " لم لا؟" على حد تعبيره إلتقينا به و طرحنا عليه بعض الأسئلة حول المؤلف :
السؤال الأوّل: هل يوحي عنوان الكتاب " مكينة السعادة " بأن الأستاذ الزغباني قد دلّ قرّاءه على ماكينة هي كبقية الماكينات التي نمتلكها في بيوتنا؟
المكينة في تصوّر الزغباني مشحونة إيحاء بالسلب. فهي لا توحي بمساعدة المرء على قضاء شؤونه كما كانت الغاية من اختراع الآلات إبّان الثورة الصناعيّة وما بعدها، وإنّما هي توحي بعكس ذلك تماما، وهو تهديدها الإنسان بالالتهام والسيطرة. فللمكينة، ههنا، إنباء بالخطر خاصّة متى ربطنا بين المتضايفين، المكينة والسعادة. فالسعادة شيء معنويّ والمكينة لا تنتج إلاّ المادّيّ . ولذا، فثمّة ما يدعى إردافا خلفيّا في البلاغة وهو تضارب متضايفين، كالحديث عن الشمس المظلمة. وبما أنّ المكينة لا تنتج إلاّ ما هو مادّيّ فالعلاقة بين المتضايفين تمثّل سخريّة مقاليّة، إذ بدل أن ننتظر كما في الأصل، مدينة تتوافر فيها حظوظ السعادة نلفي مكينة دأبها تقديم منتج عالي القيمة دقيق المواصفات، هو السعادة. وهل هذا ممّا يسوّق ويباع في المتاجر أو الصيدليّات أو المساحات الكبرى أم هل هو مجرّد دعاية كاذبة كتلك التي تدغدغ أوهام الناس وهوّاماتهم؟
السؤال الثاني: يرى بعض الذين قرؤوا الرواية أن المؤلف قد برهن على أنه ذو معرفة واسعة في عديد المجالات و خاصّة منها المدارس الفلسفية؟
الرواية كما تحدّ عادة جنس امبرياليّ بامتياز ما دامت تستوعب المعارف والفنون والأجناس الأدبيّة والأساليب المختلفة الأخرى. وهي في الآن نفسه تعدّد خطابات. وهذا ما يسمح للروائي عبر راويه وشخصيّاته بالتعبير عن أفكار والقيام بتحاليل ووصف آليّات. ولعلّ من هذه المعارف الإشارات الفلسفيّة الكثيرة التي تظهر من حين إلى آخر في الرواية، يكل الروائيّ أمر الحديث عنها لشخصيّة مّا تكون مؤهّلة لإبداء وجهات نظر من هذا القبيل. وهذه العادة معروفة منذ الإبداع الطبيعانيّ في رواية إميل زولا. ففي مثل هذه الرواية، يخصّ عامل مّا مثلا بتفسير مكوّنات آلة مّا وكيفيّة اشتغالها.وأن تكون التحاليل المقدّمة في مكينة السعادة ذات طابع فلسفيّ أو سياسيّ فلتماشي ذلك مع تكوين المبدع وقدرته على النظر في مثل هذه القضايا.
السؤال الثالث: يلاحظ الكثير أن عديد الروايات التونسية يكرّر بعضها البعض حيث تطرح نفس الأحداث و في نفس الأمكنة ( الجامعة التونسية و الحانات و الخلوات السرية ) فهل توافقك هذا الرّأي؟
لعلّ ما طبع الرواية التونسيّة منذ مدّة طويلة خوضها في المسائل التي لها صلة بالتابو الجنسيّ والتابو الدينيّ بدرجة أقلّ ولم يضح هذا التابو يحظى باهتمام المؤلّفين إلاّ بعد انتفاضة 17 ديسمبر 11 جانفي. أمّا التابو السياسيّ فقد كان فعلا محرّما ولم يضح الكلام في السياسة ممكنا إلاّ في السنوات الأخيرة. وإغراق الرواية التونسيّة في الحديث عن الجنس مردّه إلى أنّ معظم الشخصيّات المختارة طالبيّة يساريّة شابّة. وربّما كان في هذا الاختيار ما يتناسب والممارسة السائدة في السينما التونسيّة أيضا، وهي سينما منتجة بالاشتراك مع الفرنسيّين ومستهدفة مشاهدين ذوي ذائقة معيّنة . وأن يفكّر كثير من الروائين في نقل رواياتهم إلى السينما يوما مّا يجعلهم يلحّون على البعد اللبيديّ أكثر من سواه. المهمّ في الأمر هو السؤال عمّا إذا كان استعمال الجنس مجّانيّا أم هادفا! فقد يتبارى بعض المؤلّفين في الإلحاح على هذا الجانب الجنسيّ رغبة أوّلا في إثبات الذات ورغبة ثانيا في كشف النفاق الذي يتخفّى وراءه بعض المدّعين الدفاع عن الدين في وقت يكونون فيه أكثر شبقا من سواهم وأكثر عدوانا ضدّ المرأة . وأن يكون معظم من باشر كتابة الرواية جامعيّين أو خرّيجي جامعة فقد كان ذلك ميسّرا الحديث عن النشاط السياسيّ لتيّارات مختلفة، إذ الفضاءات الوحيدة المخوّل فيها النشاط السياسيّ هو الحرم الجامعيّ لا يُتجاوز
السؤال الرابع: هل بإمكان رواية " مكينة السعادة " أن تنال شرف نيل جائزة البوكر كما حصل مع رواية " الطلياني " للأستاذ شكري المبخوت؟
أن تكون رواية " مكينة السعادة" قد لذّت لي قراءتها وأمتعتني بل حقّقت لي سعادة حقيقيّة، وأن أسمع من كثير ممّن قرؤوها انطباعا إيجابيّا عنها فذانك أمران يجعلانني مرتاحا لترشيح الرواية لجائزة البوكر العربيّة . وأملي كبير في نيل الزغباني الجائزة أو الحصول على المراتب الأولى في الترتيب الذي تقوم به لجنة البوكر. هي رواية جميلة في ذاتها، ولكنّ منافسة غيرها من الروايات إياها في المسابقة قد تأتي بمفاجآت. نأمل إن شاء الله أن تحظى بقبول كثير من القرّاء وخاصّة من أعضاء لجنة التحكيم."
إن كنا نوافق الأستاذ أحمد السماوي فيما ذهب إليه من إشارة إلى الدلالة الإنتقاصية sens péjoratif لملفوظة المكينة فإننا نرى من جهتنا أن المكينة من حيث هي نسق تشير إلى الانخراط الآلي للإنسان المعاصر في صيغ وجود أملاها النظام الاستهلاكي توليدا للإشتهاءات و الرغبات الآنية عبر نظام الإشهار . فإذا السعادة تتلخص في الإقتناءات و الزغباني تفنن في تصوير البطل لاهثا وراء النزوات العابرة بحيث ليست له لحظة توقف مع ذاته ليسائلها عن دلالة للسعادة تختلف عن تلك التي أملاها النسق أملتها الآلة و هو بذلك يشير إلى الإنسان المعاصر الذي ما عاد يجد الوقت للتفكير و ذلك على عكس ما نجده عند الحكماء الذين اعتبروا السعادة متمثلة في قدرة الذات على السيادة على ذاتها و تحقيق الفضيلة . يقول إبن باجة : " وحدهم السعداء إذا ما خلوا بأنفسهم اعتزوا بها و الأشقياء على خلاف ذلك " لذلك لا نخال الشخصيات التي تحدث عنها الزغباني إلا من أولئك الذين يعيشون سعادة الأشقياء و لا يجدون فرصة لمحاكمة النفس أو تزكيتها و ما يدفعنا بقوة إلى قول ذلك هو أن صاحب الرواية فيلسوف لا يمكنه أن يروج لسعادة الأشقياء ، و ما وراء وصف الجلسات الخمرية و الدعارة و اعتماد الملفوظات الجنسية القبيحة يكمن النقد العميق لمجتمع تحولاته اللاأخلاقية غطت عن باقي التحولات. و نحن من جهتنا لا نرى الفحش في الرواية أمرا ممنوعا بل نراه عاكسا لواقع انقلاب القيم دليلنا في ذلك ما ذكره كانط في كتابه نقد ملكة الحكم حين ذكر" عندما أكون أمام طبق من الغلال فإن الطبق موضوع أمامي إنه شيء من الأشياء آخذ منه ما أريد لكن حين أكون أمام لوحة فنية تعكس طبقا من الغلال تكون ذاتي هي التي أمامي تقرؤه و تتناوله."
لذلك كانت الرواية هذا الفن تجعل ذات القارئ تتذوقه قراءة و نقدا لا ينبغي أن يختزل في الانتقادات الأخلاقوية .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.