كان و لازال اجتياز المتوسّط لطرق أبواب الثراء السّريع و رفاهية العيش حلما يراود شبابنا و شابّاتنا و ربّما كهولنا أيضا ،،،برغم ما تكتسيه هذه الطريق من مخاطرها أقربها هو الموت غرقا .إلاّ أنّ محاولات ( الحرْقان ) تزداد وتيرتها يوما بعد يوم أمام انسداد أفق التشغيل و العيش الكريم ، هذا هو السّبب الظاهر و المُتداول لتبرير الفعل ، لكن هناك أسباب أخرى تكمن بين طيّات الرغبة في الحرقان و هو الطّموح الغير مبرّر و التفكير في ثراء سريع جدّا و بأيسر السّبُل و بلا شقاء و لا تعب ! هذا السّلوك ترسّخ في أذهان الكثير من التونسيّين الذين لم يعودوا يؤمنوا بالسّعي و العمل و المثابرة لتغيير الواقع و التدرّج في كسْب المال فقط طريق الثراء عندهم هو البروموسبور التّعيس أي القمار بشكل مبطّن أو صناديق كاكتوس و سامي الفهري التي زرعت الإحباط و اللّهفة في العائلات التونسيّة أو الحرقانم إلى بلاد الطليان …. هنا تقع العائلة التونسيّة في الطّمع الذي ينتهي غالبا بالمأساة . و ما نجده غريبا في هذا الموضوع هو التناقض الذي تبديه العائلات التونسية المعنية بالأمر ، إذا ( حرق ) أبناؤهم و قبضت عليهم السلط الإيطالية أو انقطعت أخبارهم انتفض أهاليهم مطالبين السّلطة بالبحث عنهم و إرجاعهم و يستعملون في ذلك كل أساليب الضغط ، و إذا قبضت عليهم السلط التونسيّة أقاموا القيامة و لم يقعدوها ( كما حدث أخيرا في مدينة المحرس) مطالبين السلط بترك أبناءهم و شأنهم !! و بين هذا و ذاك تكمن مدى مسؤولية العائلة التي تحاول أن تتجاهلها و هي علمها المسبّق برحلات الخطر بل كذلك محاولاتها تجهيز هذه الرحلات و جمع المال لها حتى و إن وصل الأمر إلى بيع الأثاث و المصوغ ،،، أليس هذا سلوكا خاطئا و جرما في حق هؤلاء الضحايا ؟ألا يستدعي الأمر انتباها و تنبيها ؟؟ ألا يجدر بسلط الإشراف سنّ قوانين صارمة خصوصا لمنظّمي هذه الرّحلات ؟؟؟ الخطر يتعاظم و التدخّل أصبح أكثر من ضروري …