وزارة الثقافة تنعى الفنان التشكيلي حمادي بن سعيد    طقس السبت: الحرارة في تراجع    كمبوديا تدعو إلى «وقف فوري لإطلاق النار» مع تايلاند    كأس الأمم الأفريقية للسيدات 2025: غانا تفوز بالميدالية البرونزية على حساب جنوب أفريقيا    وصل أمس إلى بيروت بعد 41 سنة في سجون فرنسا: جورج عبد الله حرّ    غدا الأحد: تحوير في حركة جولان قطار الخط ت.ج.م وحركة المرور    أخبار الترجي الجرجيسي .. جرتيلة يعود وعناية كبيرة بفروع الشبان    خلال السداسي الأول من سنة 2025: ترويج 42367 سيارة جديدة    عاجل/ تصدرتها قابس ب48: قائمة الولايات التي سجلت أعلى درجات حرارة اليوم…    في حفل زفاف بالقيروان: إصابة مصوّر بطلق ناري وسلبه هاتفه الجوال    غضب صهيوني وأمريكا تعتبره «بلا وزن» فرنسا تعترف بدولة فلسطين    حاجب العيون: افتتاح الدورة الاولى للمهرجان الصيفي بالشواشي    حين تصير الحجارة مرآة الخيبة... وأشباه النُخَب يتمسّكون بالكراسي    تاريخ الخيانات السياسية (26) المأمون يقتل قائده هرثمة    عاجل: سبيطلة: السيطرة على حريق جبل الدولاب    الكاف : حصيلة جيدة في موسم الحصاد    وزارة الفلاحة تحذّر    هيئة مهرجان تطاوين تقاضي الفنان A.L.A    انطلاق استغلال الفضاءات الجديدة لفرز المرضى بمستشفى الرابطة    الشركة التونسية للكهرباء والغاز يؤكد جاهزية فرقها لضمان استمرارية التزويد بالكهرباء والحاجة الى ترشيد الاستهلاك    "القوّالة" لحاتم الفرشيشي: عرض صوفي يُزهر في رباط المنستير    مباراة ودية: النادي البنزرتي ينهزم أمام الأهلي المصري بخماسية نظيفة    تونس – زيارة تفقدية لوزير الصحة لمستشفى الرابطة    الأولمبي الباجي يكشف عن قيمة الديون المتخلدة بذمته    مدنين: جلسة عمل للمصادقة على المخطط الجهوي للتنمية    دعوة للتسجيل للمشاركة بحرا في كسر الحصار على غزة    ترامب: إطلاق الرهائن صعب وحماس تعرف ماذا سيحدث بعد استعادتهم.. سنقضي عليهم وهم يريدون الموت    طقس الليلة: أمطار بالشمال والوسط الغربي مع رياح قوية    النادي الصفاقسي - تربص تحضيري بسوسة الى غاية 1 أوت المقبل    البطولة العربية لكرة السلة: المنتخب التونسي ينهزم أمام نظيره الجزائري 81-86    عاجل/ عودة اشتعال النيران بهذا الجبل بعد السيطرة عليها..    جامعة النقل تقر إضرابا ب3 أيام في قطاع النّقل البري للمسافرين    أحزاب سياسية تقيم مسار 25 جويلية وتباين في المواقف    ترقد أكثر من 9 ساعات؟ صحتك في خطر    الدخول في ''أوسو'' اليوم: مرحلة مهمة في حياة الفلاح التونسي    مهرجان العنب بقرمبالية في دورته ال63 من 9 إلى 24 أوت 2025    مهرجان باجة يفتتح رسميا يرنامج عروضه التنشيطية في ظل حاجة الجهة الى مسرح للهواء الطلق    جريمة شنيعة: شاب ينهي حياة والده المسن..    عاجل/ وفاة هذا النقابي باتحاد الشغل..    زغوان: السيطرة الكاملة على حريق مصنع الملايس المستعملة بجبل الوسط    سوسة: وزير التجارة يؤكد أهمية التكوين لفائدة المراقبين الاقتصاديين ولأجهزة المساندة والمرافقة لعمليات المراقبة الاقتصادية    وزارة الصناعة تصادق على تأسيس امتياز المحروقات "عزيزة " لفترة 15 عاما    اليوم الجمعة.. الدخول إلى المتاحف والمواقع الأثرية مجانا…    خاص: نجم المتلوي يتعاقد مع زياد بن سالم    عاجل: تفاصيل بيع تذاكر المباراة الفاصلة للكأس الممتازة بين الاتحاد الرياضي المنستيري الملعب التونسي    شهر صفر يبدأ السبت.. شنو هو؟ وهل لازم نصومو فيه؟    السفارة الأمريكية تهنئ تونس بذكرى إعلان الجمهورية..    عاجل/ تنبيه: حرارة مرتفعة..رياح قويّة جدّا والبحر هائج والسباحة ممنوعة..    دون الاستغناء عن السكر أو الحليب: هكذا تجعل قهوتك أكثر صحة كل صباح    ريحة الكلور في البيسين: نظافة ولا خطر؟    يوم غد السبت مفتتح شهر صفر 1447 هجري (مفتي الجمهورية)    جمهور تطاوين مصدوم: A.L.A غاب على الركح.. والإجراءات قانونية موجودة    محرز الغنوشي: ''اليوم آخر نهار في موجة الحر''    الجمعة الأخطر: آخر يوم من موجة الحرّ في تونس وتحذيرات عاجلة للمواطنين    تونس تدعو على لسان وزير تكنولوجيا الاتصال المشاركين في منتدى طريق الحرير الرقمي المنعقد بالصين الى التعاون ودعم الرقمنة    خطبة الجمعة...الحياء شعبة من الإيمان    تونس: توقف جزئي لحركة القطارات وغلق مؤقت للطريق بجسر أميلكار    موجة حر شديدة وانقطاعات متكررة للتيار الكهربائي: احمي نفسك وأحبائك من الحرارة القاتلة دون مكيف بهذه الخطوات..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يقتلون القتيل .. ثم يسيرون في الجنازة… يا لها من وقاحة ؟…..بقلم عبد العزيز الرباعي

المتتبع لما يحدث في تونس خلال هذه الفترة من تحركات وما يطلق من تصريحات يمكن أن يدرك وبدون كثير من العناء والاجتهاد أن أطرافا ما في تونس لم تعد قادرة على الصبر على الواقع السياسي الذي تعيشه البلاد…
لذلك أصبحنا نسمع الكثير من الحديث على أن سنة 2017 ستكون سنة ساخنة جدا… وأنه سيحدث خلال هذه السنة ما سيقلب الطاولة على هذا المشهد السياسي الراهن ويدخل تغييرات جذرية على مسار الأحداث بالبلاد ؟؟؟
ولكن الغريب أن هذه التصريحات تصدر عن شخصيات وأطراف هي في حد ذاتها جزء لا يتجزأ من هذا المأزق الذي نعيشه كلنا … وفي تكرار ممجوج لسيناريوهات تم اجترارها كثيرا منذ 14 جانفي 2011 …
الأكيد أن هذه الأطراف تتمتع بنفوذ إعلامي ومالي كبير .. كما أن لها ارتباطات وثيقة بأطراف خارجية نافذة… وهي تتمتع بقدرة كبيرة على رسم الصور السوداوية للواقع وإلقاء التهم وتوجيه أسهم النقد… ولكن نفس هذه الأطراف لم نرها يوما تقدم أي بدائل أو حلول لما تعيشه البلاد من مشاكل وأزمات…
كلنا يذكر ما لقيته الحكومة المنبثقة عن انتخابات المجلس التأسيسي سنة 2011 والتي أطلق عليها آن ذاك اسم حكومة "الترويكا "من تضييقات وهرسلة من أجل تعطيل أعمالها وإرباكها وحلها … وكلنا نذكر الأطراف التي كانت تقود تلك الحملات بلا هوادة من أجل تعطيل كل شيء وتعويم كل القضايا وخلق ضغط كبير على الحكومة الوليدة في وضع مرتبك من أجل أن تفشل في التعامل مع الملفات الكبيرة والخطيرة والمعقدة التي كانت مطروحة على الدولة في تلك الفترة…
ورغم أن الخلاف كان في جوهره خلافا إيديولوجيا حادا غير معلن ممزوجا مع صراع مرير على استعادة النفوذ والسلطة من طرف بقايا النظام السابق ورموز حزبه وبالتعاون مع بعض القوى السياسية التي كانت تعتقد أنها كانت هي الأولى بالصعود إلى دفة الحكم واستلام السلطة ممن اختارهم الشعب خلال انتخابات المجلس التأسيسي التي كانت فكرته الأساسية منبثقة عنهم إلا أن الخطاب المعلن كان يركز على الفشل السياسي والاقتصادي وغير ذلك حتى لا تنكشف الحقيقة على أن لب الموضوع هو الصراع الإيديولوجي …
لقد شكلت انتخابات المجلس التأسيسي آن ذاك صدمة عميقة للكثيرين.. فجلهم إن لم نقل كلهم لم يكونوا يتصورون أبدا بأن تأتي نتائجها بألد خصومهم إلى السلطة رغم كل التدابير التي تم اتخاذها منذ حكومة تصريف الأعمال من محمد الغنوشي مرورا بحكومة الباجي قائد السبسي إلى الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي لصاحبها عياض بن عاشور إلى الهيأة المستقلة جدا للانتخابات لكمال الجندوبي…كما أن أحدا منهم لم يكن يتصور البتة أن بعض الأحزاب المحسوبة على التيار الديمقراطي التقدمي أن تدخل في تحالف مع حزب اسلامي من أجل تشكيل ائتلاف حاكم يمتلك كل مقومات النجاح…. لذلك تشكل تحالف مضاد كبير من كل تلك القوى من أجل إجهاض تلك التجربة الفريدة والتي كان أصحاب النفوذ والمصالح والأطماع يخشون أن يكتب لها النجاح فيتحقق لها الاستمرار والاستقرار … وتذهب ريحهم للأبد ويخرجون من دائرة الضوء والفعل وتنفلت منهم الأمور مرة واحدة وإلى الأبد…
لذلك تحالف كل خصوم هذه التجربة مشكلين ما أطلق عليه حينها – جبهة الإنقاذ – رغم العداوات بين مختلف مكوناتها ورغم التباين الفكري بين أطيافها – الذي يصل أحيانا حد التناقض – كل ذلك من أجل تحقيق أمر واحد وهو تركيع حكومة الترويكا ووصمها بالفشل وهز ثقة الناس بها حتى يكون المجال مفتوحا أما القوى الأخرى لاستعادة مواقعها التي خسرتها بسبب الثورة و العودة من جديد على رأس النظام السياسي في البلاد.
لقد رأينا كيف تشكلت تلك الجبهة الهجينة وكيف جمعت كل المتناقضات التي تم التغاضي عنها من أجل هدف أساسي ألا وهو تغيير الخارطة السياسية في البلاد بشكل ردكالي وقلب موازين القوى لفائدة المتحالفين على حساب القوى الصاعدة على الساحة بفعل الثورة … لقد كان رموز ذلك التحالف يؤكدون ليلا نهارا عبر وسائل الإعلام المختلفة التي لم يكونوا يغادرونها البتة تقريبا وهم ينتقلون من قناة إلى قناة أن الحجم الحقيقي لجماعة الترويكا لا يتجاوز الربع من عدد الناخبين في أحسن الاحتمالات وأن تشتت القوى التقدمية هو من سمح لهم بالبروز خلال انتخابات التأسيسي وأن الذهاب إلى انتخابات لبرلمان وحكومة دائمة (غير مؤقتة) سيعطي لكل طرف سياسي حجمه الحقيقي وسيعيد الأمور إلى نصابها….
وجاءت الانتخابات البرلمانية لسنة 2014… وكانت المفاجأة المزلزلة… فقد سفهت تلك الانتخابات أحلام الكثيرين رغم ما أنفق من أموال وما تم بذله من جهد في التشويه والتعطيل والعرقة والتحشيد …. لتبين أن التيار الإسلامي في تونس ممثلا في حركة النهضة لم يفقد الكثير من قوته رغم كل ما تعرض له من تشويه وعرقلة … كما أن العديد من المتحالفين مع بقيا النظام القديم.. اكتشفوا أنهم كانوا مجرد حطب وقود وأنهم خسروا أكثر مما ربحوا من تحالف مع بقايا النظام السابق وأن موقعهم بقي هامشيا رغم كل ما فعلوه…. ثم جاءت الصدمة القاضية… عندما أدار حزب "حركة نداء تونس " ظهره لحلفاء الأمس وشركائه ليهرول للتحالف مع الحزب الذي كان من المفترض أن يكون هو نقيضا له ومعاكسا له في الاتجاه ومؤمنا على مشروع القضاء عليه .. بتعلة أن الشعب هو من اختارحزبين كبيرين لا يمكن لأحدهما أن يحكم دون الآخر…
حينها ابتلع الكثيرون غيضهم – بلعوا القديدة بدمها- لأن موازين القوى كان مختلا لفائدة التحالف الوليد… ولكن ما في القلب بقي في القلب.. وهكذا وبعد فترة وجيزة رأينا كيف دخل "النداء" في صراعات داخلية وانشقاقات فولكلورية هزلية.. بينت التركيبة الهشة والملغومة لهذه الحركة الهجينة ..والتي رغم أنها نجحت في تحقيق أحد أهم أهدافها إلا إنها فشلت في تحقيق ما هو أهم .. ألا وهو القضاء المبرم على خصمها اللدود " حركة النهضة"… كما أن الالتزامات الخارجية أثرت بشكل كبير على ما حدث من تحالف بين الشريكين اللدودين… ليجد طيف كبير من القوى السياسية الردكالية نفسه منبوذا بعد أن استنفذ الكثير من مصداقيته ورصيده بتحالفه مع بقايا نظام الاستبداد والدكتاتورية الذين كانوا جلادي الأمس والتي قامت الثورة ضدهم.
هذه القوى المهزومة بقيت تجر أذيال الخيبة لفترة.. ثم هاهي اليوم تعود لتتوثب من جديد معولة على بعض الحسابات والمعادلات السياسية التي ترى أنها يمكن استثمارها في الوقت الراهن والتي يمكن أن تكون مواتية لاقتناص الفرصة وتحقيق ما فشلت به في الأمس القريب… فصعود التيارات اليمينية المتشددة في أروبا وخاصة فوز اليميني المتطرف "ترامب" بالرئاسة في أمريكا إضافة إلى الصعوبات الكبيرة التي يمر بها الاقتصاد والوضع الاجتماعي المتوتر في الداخل… جعل هؤلاء يعودون إلى سالف أسلوبهم القديم في إصباغ صورة سوداوية على الأوضاع وتقزيم كل المنجز والتهويل والنفخ في كل الإشكالات وكيل التهم وتجييش الناس …
لقد أصبح واضحا أن هؤلاء لا يردعهم شيء من أجل أن يصلوا إلى تحقيق ما يخططون له من أغراض حتى ولو كان ذلك على حساب وطن وشعب… إنهم اليوم يتحدثون بشكل علني وبكل وقاحة عن انفجار وشيك للأوضاع وعن خروج للأمور عن السيطرة وعن حمام دم… فقط المسألة مسألة وقت كما قالت واحدة منهم… إنه الوقت الكافي ليتموا كل إعداداتهم لتفجير الأوضاع وإسقاط السقف على الجميع ؟؟؟
الأكيد أن هؤلاء لا يضيفون جديدا عندما يتحدثون عن الواقع الصعب الذي تعيشه البلاد… ولكن الغريب أنهم يلقون باللوم دائما على الآخرين بينما يتجاهلون أنهم أحد أبرز الأسباب فيما يعيشه البلد من مآسي بما ارتكبوه من جرائم وحماقات ليس أقلها تحالفهم مع بقايا النظام البائد وسيرهم في ركاب القوى الأجنبية التي لا تريد الخير لهذا البلد وانتهازيتهم ونفاقهم.
فمثلا "عمر صحابو" هذا الذي خرج علينا متباكيا على أحد القنوات الفضائية متوعدا بالويل والثبور للبلد والشعب… ألم يكن أحد عرابي مشروع إعادة رموز النظام البائد للسلطة من خلال بعث "حركة لنداء تونس" حينما كان واحدا من أبرز مؤسسيها ماذا كان هذا المتسلق السياسي ينتظر من أولئك الذين دعمهم أن يقدموا للبلد غير الخلاب والدمار ؟؟؟ ثم هل يمكن لهذا المتباكي أن يبين لنا ما هي الحلول التي في جعبته من أجل إخراج البلد من المأزق الذي تردت فيه بسبب إصراره هو ومن معه على إعادة بقايا المنظومة السابقة بتحالف مع جل المورطين في نهب البلد من أصحاب المليارات ورموز الفساد ….
إن كنت سي صحابو تحكي عن الفساد فأنت وجماعتك جزء منه.. وإن كنت تتحدث عن التآمر على البلد فأنت أحد المشاركين فيه أنت وجماعتك… وإن كنت تتحدث عن فساد وعجز الحزب الحاكم وحكومته فأنت أحد أكبر المهندسين والمؤسسين لنشوء هذا الحزب ووصوله إلى الحكم؟؟؟ ولكن ها أنك وبكل وقاحة وصفاقة تصعر وجهك عبر الفضائيات لترثو حال البلاد وتسير في جنازة من قتلت بيدك…


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.