يحتفل التونسيون بالذكرى السادسة للثورة ذكرى أمل في الحرية والكرامة تمتزج بإحباط نتيجة وعود لم تتحقق وطموحات تهاوت بمرور الأيام وغياب وفاق وطني ورؤية للمستقبل تعود ذكرى الثورة في تونس ولا شيء يبدو قد تغير في حياة الناس وتمثل مسألة التشغيل المطلب الأساسي للشباب بعد الثورة والمفارقة هي أن عيد الشباب بعد أن كان يوم 21 مارس اقترن العيد بيوم 14 جانفي تاريخ الاحتفال بالثورة التونسية كتعبير على أن الثورة هي أيضا ثورة شباب.إن شباب تونس كان هو أول من أشعل فتيل الثورة وذلك قبل انضمام أطياف المجتمع الأخرى بما في ذلك جماعات وقوى سياسية كثيرة لتحقيق مبادئ العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والتي يظل بعضها بعيد عن التنفيذ حتى الآن ما يجعل حلول الذكرى السادسة لثورة 14جانفي كبيت الشعر القائل "عيد بأي حال أتيت يا عيد" لم يحصد شبابنا زرع ثورتهم بقدر ما ذهب الجني إلى أيادي "عجائز" الساحة السياسية إذ بدأ الأمر أشبه بصراع ما يزال محتدماً بين جيلين يريد أحدهما في طريقه نحو التغيير أن يتجاهل طموحات الآخر ويشعر شباب الثورة بخيبة أمل تتسع يوماً بعد يوم فمن غير المقبول ولا المعقول أن يتصدر العجزة مشهدا ما بعد ثورتنا الشبابية إنهم يشعرون بالخجل والأسف حين يتحدثون عن ثورة الشباب في حين أنهم عاصروا غالبية أنظمة الحكم التونسية إن الحديث هنا ليس عن الشكل وإنما عن المضمون أيضا فهم لن يفكروا أو يخططوا لمشاريع تونس الجديدة كما يفكر أو يخطط الشباب إن الإنسان إذا تجاوز عمره الستين عاماً فمن الصعب جدا أن ينتظر منه رؤى وأفكار تتناسب وتطلعات الأجيال الجديدة حتى أن رئيس الجمهورية لن يقدم شيئا للشباب التونسي العاطل عن العمل ولا يقف الأمر عند هذا الحد بل يتعداه إلى تدهور التربية والتعليم والفساد الإداري والمحسوبية والمنسوبية وانعدام الشفافية. إن هدر هذه الطاقات والإمكانات والكفاءات الشبابية من خلال إبعادها عن المشاركة في القضايا المصيرية هو دليل على فشل الحكومات والأحزاب والإيديولوجيات التقليدية التي لم تعد لها صورة واضحة وشفافة عن تحقيق طموحاتها بعد أن تخطى الشباب خطاب الأحزاب وسماسرة السياسة التقليديين فلا الأحزاب اليسارية ولا اليمينية تستطيع اليوم اللحاق بهم وهم يطالبون بالحرية والعدالة والخبز إن غياب الشباب عن الساحة السياسية في تونس أمر عادي في ظل رفض عجائز الساحة السياسية ترك مقاليد الحكم وتسليم المشعل لجيل الثورة فجيل الثورة لا يزال يعاني من عقدة الأبوية التي جعلته ينصب نفسه وصيا على الوطن خوفا من "تهور" الأبناء . أن مشاركة الشباب التونسي في الأحزاب التونسية تبقى دون المأمول ويرجع البعض ذلك إلى تواصل النظم السابقة والشعور بالإحباط بسبب تفاقم التهميش الاقتصادي والاجتماعي وافتقارهم إلى التنظيم والقيادة الموحدة بسبب تشتتهم وعدم وجود ممثلين أو قيادة موحدة لتمثيلهم في المحادثات أدى الى تهميشهم من قبل الجهات الأكثر حنكة سياسيا مستغلة قلة خبرتهم السياسية بسبب عدم ممارستهم الديموقراطية بمعناها التنظيمي الحقيقي قبل الآن وباستثناء بعض النشطاء والذين تبرز بينهم بعض الانقسامات على المستوى الفكري أو الأيديولوجي لا توجد لدى بقية شباب الثورة أدنى فكرة عن كيفية تنظيم أنفسهم أو صياغة برنامج سياسي وبالتالي فإنهم يصبحون فريسة سهلة للسياسيين من ذوي الخبرة سواء كانوا مؤيدين للنظام أم معارضين. إن الشعور بالضياع أمر طبيعي لشباب الثورة اليوم ولاسيما من كانوا بالأمس يحلمون بتونس جديدة خالية من ثقافة نظام المخلوع و هم من يمتلكون العلم والمعرفة والرؤية والشجاعة وقدموا التضحيات حتى أصبحت الثورة واقعا مفروضا لكن تلك القوى استطاعت أن تسيطر على القرار الثوري وتتحكم في مساره لأسباب كثيرة بعضها مادية والأخرى سياسية رغم المؤاخذات وأصابع الاتهام الموجهة نحو الشباب فإن فئة الشباب في المقابل تعتبر بأن الشيوخ قد سرقوا ثورتهم حيث أن من يمثلون معظم الأحزاب ويتقلدون المناصب هم من الشيوخ الذين أصبحوا خارج نطاق التغطية وغير قادرين على فهم مطالب جيل جديد واكتفوا بالتفاعل عبر الإنترنت ولا سيما على الفيس بوك فعلى الشباب توحيد صفوفهم وتحديد أهدافهم السياسية وتكوين كيان تنظيمي سياسي واضح إذا أرادوا لعب دورا في المرحلة القادمة لأنهم إذا لم يفعلوا ذلك سريعا سيجدون إن جهودهم وتضحياتهم على مر السنوات الماضية قد تحولت إلى مجرد مضيعة للوقت وللدماء فسيبقى شباب الثورة حالم ومتفائل يحلم بوطن حر و متقدم اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا يؤمن بإمكانية التغيير نحو الأفضل وبقدرته على إحداث التغيير. يضمن له الشعل و الحرية و الكرامة الوطنية فمتي يكون لشاب في تونس دور فاعل يقيه سلوكات الإدمان والهجرة ؟