مرّت 40 سنة على وفاة العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ الذي يعتبر من أهم فناني الزمن الجميل.. زمن العمالقة.. كان عنوانا للإبداع.. والعمق.. و الصدق.. و الرومانسية.. و المشاعر الفياضة.. كان فنه راقيا.. غنّى عبد الحليم للنجاح.. و الحب.. و الألم.. غنّى "وحياة قلبي و أفراحه" و "أهواك" و "أنا لك على طول" و "بتلوموني ليه" و "على قد الشوق" و "قارئة الفنجان"… أنشد فأطرب بصوته العذب الحنون الدافئ و برقّة مشاعر ميّزته عن غيره من الفنانين.. كان يغنّي بجوارحه و من أعماق قلبه.. عندما نستمع إلى موسيقاه نطرب بها.. و نجد أنفسنا فيها فهي تعبّر عنا.. و تستريح نفوسنا المنهكة بفعل ضغوطات هذا العصر.. و لعلّ أغانيه تشبه حياته المليئة بالأحزان و من أهمها مرضه و التقلبات العاطفية… كم كانت أفلامه رائعة و مؤثّرة رغم أنه ظهر في فترة عرفت فيها السينما المصرية أوج مجدها زمن الأبيض و الأسود.. من أهم أعماله السينمائية نجد "لحن الوفاء" و "أيامنا الحلوة" و "الخطايا" و "معبودة الجماهير" و "شارع الحب" و "موعد غرام" و "أبي فوق الشجرة".. و قد جسّد أدواره المختلفة إلى جانب فنانين عمالقة كشادية و فاتن حمامة و حسين رياض و الكوميدي المبدع عبد السلام النابلسي و عماد حمدي و أحمد رمزي… و يبقى "حكاية حب" مع مريم فخر الدين من أجمل أعماله في الفن السابع و فيه قدّم رائعته الخالدة "في يوم في شهر في سنة" و لولا أن النهاية كانت سعيدة على طريقة كثير من الأفلام المصرية لكان هذا الفلم يجسّد قصة حياته.. في 30 مارس 1977 غادرنا عبد الحليم حافظ بعد صراع مع المرض الذي أخذه منا عن سن تناهز 48 عاما أبدع فيها و أمتع إذ قدّم أجمل الأفلام و شنّف الآذان بجميل البيان و أعذب الألحان. 40 سنة لم تنسنا ما قدّمه هذا الفنّان الرّقيق من أعمال صادقة متميّزة كلمة و لحنا و أداء لأنّ ما أُنجز بصدق و إبداع يبقى في قلوب النّاس أمّا الفنّ الهابط فهو إلى زوال.. و هذه رسالة إلى كثير ممّن استسهلوا الغناء و التّمثيل في زمن الرداءة !