لم كن أودّ الردّ على ما احتواه مقال المجتمع المدني بصفاقس "ضحكولو تمد على طولو" الصادر بموقعكم . لكن وبوصفي ناشطا في منظمات المجتمع المدني منذ الثمانينيات وعضوا في تنسيقية البيئة والتنمية أجد نفسي معنيّا بما جاء في المقال و مجبرا على الردّ على الجزء المتعلق بالمجتمع المدني. لقد تضمن المقال عدة نقاط وجب الوقوف عندها نظرا للخلط الذي تحتويه أو لعدم وضوح في المفاهيم أو لقلة المعلومة أو لغاية أخرى لا يعلمها الاّ صاحبه فعنوانه يوحي بأنه مخصص للمجتمع المدني إلا ان الجزء الأكبر منه تناول قضايا حزبية وفي كل الحالات وجب التوضيح إنارة للرأي العام إن الانطلاق في بداية المقال بكلمة ما "يسمّى" هو محاولة هدفها تقزيم قوة مجتمعية بيئية في صفاقس لم تنطلق مع الثورة بل كانت موجودة على ارض الواقع قبل تلك الفترة وناضل أعضائها من اجل القضاء على التلوث وتمكّنت من فرض غلق معمل الان ب ك و انجاز مشروع استصلاح الشواطئ الشمالية مشروع تبارورة وافتكاك قرار رئاسي لغلق معمل السياب .و عارضت بالتالي عديد الوزراء والولاة الذين كانوا يعتقدون مثل صاحب المقال أن المجتمع المدني يريد اخذ مكان السلط الجهوية والمركزية . اما بعد الثورة فقد تمكنت مكوّنات المجتمع المدني من إيقاف مشروع توسعة الميناء شمالا ومحاولة خلق فضاء للحاويات ومن فرض فتح الشواطئ الشمالية الكازينو أمام العموم بعد 40 سنة من غلقه لينعم مواطنو المدينة من ضعاف الحال والذين لا يقدرون على التحول الى شاطئ الشفار مثل بقية الميسورين بشاطئ للترفيه . كما فرضت من جديد على السلط التفكير في تنفيذ قرار غلق السياب. وللأمانة التاريخية فالمعترضون على تنفيذ القرار كانوا في مرحلة أولى بعض النواب و المجمع الكيميائي وبعض النقابيين المعروفين بعدائهم لغلق معمل السياب أما بخصوص الحرب الشعواء على والي الجهة ورئيس البلدية (وللتوضيح هو رئيس نيابة خصوصية لمدة محددة) فمع احترامنا الشديد للأشخاص فمن حق كل مواطن أن يوجه النقد إلى المؤسسة والقائمين عليها (مؤسسة الولاية ومؤسسة البلدية) ولعل صاحب المقال لا يرى أن مبدأ المسائلة هو احد أركان الديمقرطية. إن ما طالب به السيد رئيس الحكومة الوالي من عدم ترقب زيارته او زيارة الوزراء للولاية للتحرك يؤكد أن المآخذ التي طرحها المجتمع المدني وجدت صدى لها لدى احد أعلى السلط التنفيذية .فالمجتمع المدني او كما يحلو لكاتب المقال ما "يسمى المجتمع المدني" لم يشكك يوما في المؤسسات حتى يقع اتهامه بمحاولة مزيد تفكيكها .ومن هذا المنظور فان نقد طريقة إلقاء والي سوسة خطابه في فرنسا يكمن اعتبارها تدخل هي ايضا المدني وبكل قوة تطبيق الأحكام الخاصة بحل النيابة الخصوصية السابقة كما تصدى للوالي السابق وكل الوزراء الذين كانوا ضد صفاقس و هذا ما تناساه صاحب المقال) ان النقد الذي وجه إلى الوالي او رئيس النيابة الخصوصية فيما يتعلق بموضوع توسعة المحكمة ليس حربا كما يدعيه صاحب المقال بل هو دفاع على مؤسسات الدولة التي من الواجب ان تكون القدوة في احترام القوانين فهذه التوسعة مخالفة لكل التراتيب فلا وجود لرخصة بناء بل هناك اعتراض من إحدى مؤسسات الدولة نفسها وهي المعهد الوطني للتراث. اما بخصوص التواصل مع مشروع تبارورة فان مشروع تحويل محطة نقل المسافرين من مكانها هو مشروع قيد الدرس وقد طرحته تنسيقية البيئة على السيد رئيس لحكومة الذي إذن يوم الاجتماع بعقد جلسة عمل بمقر رئاسة الحكومة لدراسته من قبل وزارة النقل وتم الإذن بالشروع في دراسة انجاز محطة متعددة الاختصاصات تجمع النقل الحديدي والمترو والنقل عبر الحفلات بعد أن اقتنع بوجاهة الفكرة باعتبار أن لا حياة لمشروع تبارورة ما دام التواصل بينه وبين المدينة مقطوعا بفعل المحطة والسكك الحديدية التي يبلغ عددها 26 سكة ( وهذا الرقم قدمه رئيس الحكومة نفسه ولم نكن نعلم به ) لااريد ان ادخل في التفاصيل لكن أريد أن اذكّر مرة أخرى ان ما يسمى المجتمع المدني مدّ رئيس الحكومة لما زار صفاقس بحوالي 40 ألف إمضاء لعريضة "يزي". كما ان ما يسمّى المجتمع المدني فخور بان يضمّن السيد رئيس الحكومة في خطابه الرسمي في هذه الزيارة ما كان يقوله من ان صفاقس مهمشة وأنها لم تلقى حظها من التنمية (راجع نص الخطاب والتصريحات) خلافا لما قاله رئيس وزراء سابق ان صفاقس تعمل على روحها . المجتمع المدني ليس حزبا و لا يبحث عن الكراسي فهو واقف بطبعه ولا يريد الجلوس و هو قوة مجتمعية هدفها خدمة الصالح العام و دخل في تناقض مع بعض ممثلي الأحزاب الحاكمة الذين جاؤوا ضد مطالب الجهة وليس للمجتمع المدني حسابات ضيقة بل حساباته واسعة ولا يريد ان يكون تابع لأي حزب حتى التي يدافع عليها صاحب المقال و بعض هذه الأحزاب تحاول عبر بعض الأقلام التي جندتها تلميع صورتها المهتزّة استعدادا للاستحقاقات الانتخابية القادمة. وقد تصدى ما يسمى المجتمع المدني لمحاولات الأحزاب الركوب على التحركات المواطنية التي نظّمها في الشارع يوم 14 جانفي 2016 ويوم 22 فيفري 2017 وكل التظاهرات الفنية والرياضية والثقافية في الكازينو على مدى السنوات الثلاث الماضية . فهل هذه التحركات إضعاف للدولة وتكريس للجهويات والفكر القبلي ? . لقد ثمن كل المسؤولين التحركات المواطنية في صفاقس وشكلها الراقي في التعامل مع الشأن العام وحتى يطمئن قلب صاحب المقال أقول له عليك بمراجعة بيانات التنسيقة. وسأختم بما يذّيل أسفل هذه البيانات عاشت صفاقس وتحيا تونس ملاحظة كان أولى بصاحب المقال أن يعمل هو بالمثل الشعبي الذي اختتم به مقاله وهو الذي ساند قائمة في انتخابات 2014 تنكر اعضائها لجهتهم . فعلا الّي يجرب المجرب عقلو مخرب" حافظ الهنتاتي