قديما كانت المعلومة والخبر والرسالة تضع شهورا لكي تصل، ويعود هذا البطيء في وسائل الاتصال البسيطة التي كانت تعتمد على خدمات ( الحمام، الراحلة، القوافل، التجار، المسافربن…). وشيئا فشيئا تطوّرت وسائل الاتصال تطوّرا تجاوز كل الحواجز الزمنية والجغرافية، خصوصا مع ظهور الانترنيت الذي جعل من العالم باقة من الأخبار يمكن أن يقتنيها ويتصفحها من يشاء، بمجرّد الضغط على أزرار الكمبيوتر، فشبكة الانترنيت لخّصت كل المسافات الزمنية وكل التضاريس الجغرافية في بعض ثواني، ليجد الإنسان نفسه أمام أنهار من الأخبار من كلّ الاتجاهات، وقد تكاثرت وانتشرت مواقع الانترنيت واكتسحت الحواجز الأمنية واخترقت لوائح التفتيش والمصادرة، لتجعل القارئ المتصفح وخصوصا الإنسان، العربي الذي عانى كثيرا ولا يزال، يجد نفسه يشعر بالحرية في اختيار ما يريد قراءته على صفحات الانترنيت. وفي ظل زحام المواقع الكثيرة المتعددة والمتنوعة اخترنا الوقوف عند أحد أشهر المواقع انتشارا أو اعتمادا لدى القارئ العربي الجزيرة نت. فكان هذا الحوار مع الزميل محمود الخطيب مدير موقع الجزيرة نت. ما هي تحديدا مصادر الخبر التي تعتمد عليها الجزيرة نت؟ تعتمد الجزيرة نت في مصادر أخبارها على التقارير التي يرسلها مراسلو قناة الجزيرة في مختلف دول العالم، وعلى المقابلات الصوتية والمصوّرة التي تقوم بها القناة مع المسؤولين والمحللين السياسيين في العالم. وإضافة إلى هذه المصادر نستسقي الأخبار والتقارير مما تبثه وكالات الأنباء العالمية المعروفة. كيف يسهم موقع الجزيرة نت في تزويد قناة الجزيرة إخباريا وما هي الحدود الفاصلة بين الاثنين؟ الجزيرة نت موقع رديف لقناة الجزيرة الفضائية، وقد اقتسما الشهرة عربيا كل في مجاله، فقناة الجزيرة أصبحت رائدة القنوات الفضائية العربية، والجزيرة نت اليوم رائد المواقع العربية على الانترنيت بدون منازع، وذلك بفضل العلاقة التكاملية بين الموقع والقناة الأم ، ولأن القناة هي الأم فإن أحدا لا يتوقع أن نثريها إخباريا فالعكس هو الصحيح، ولكن الجزيرة نت يخدم القناة من نواح مختلفة، إذ أنه ينقل أخبار القناة وتقارير مراسليها للمهتمين بخدمة الانترنيت، كما أنه يقدّم خبرة أرشيفية كبيرة ومهمة في نشرة برامج قناة الجزيرة المختلفة بالنص والصوت، مع بعض اللقطات المصورة وهي خدمة مهمة للباحثين والدارسين وغيرهم ممن يبحث عن الاستفادة من برامج قناة الجزيرة، التي يتمّ نشرها على الانترنيت خلال يومين أو ثلاثة أيام من بثها في القناة. وتقدّم الجزيرة نت خدمة المشاركات الحية للزوار الذين يريدون الإدلاء بمداخلاتهم وأسئلتهم لضيوف برامج الجزيرة التي تبث على الهواء. إضافة إلى ذلك يتميّز الموقع بخدمة التصويت التي يشارك فيه عشرات الآلاف من الزوار، والذين يدلون بصوتهم بشأن قضايا عربية ودولية كثيرة، وقد أصبحت هذه الخدمة مدار اهتمام كثير من الدوائر السياسية التي ترصد مؤشرات المواقف الشعبية من القضايا المختلفة. ومن الخدمات المهمة التي يقدمها موقع الجزيرة نت، الملفات والدراسات الخاصة بقضايا الوطن العربي والعالم الإسلامي، والتي يشارك فيها عدد كبير من المختصين والمحللين والأكاديميين العرب وغيرهم، ولا ننسى الجزيرة نت تفتح قلبها لكل الزوار الذين يودون الإدلاء بآرائهم ومواقفهم، من خلال المنتديات وحلقات النقاش العديدة حول قضايا سياسية وغير سياسية مختلفة، كما تفتح الجزيرة نت صفحاتها لعدد كبير من الكتاب المرموقين من خلال مقالاتهم وتحليلاتهم التي تتناول قضايا عربية ودولية ساخنة. هل الخبر أو المعلومة التي يحصل عليها الموقع تستثمر لفائدة القناة، أو تسوّق لجهات إعلامية أخرى، أم هو تبادل إخباري بين الاثنين؟ قناة الجزيرة وموقعها لا يسعيان إلى الربح المادي، بل هما يؤدّيان رسالة إعلامية رائدة لخدمة الجمهور العربي في كل مكان، ولذلك فإن الاستثمار الوحيد الذي نقوم به هو تنمية الحس الخبري والمعلوماتي لدى المشاهدين والزوار، ولذلك نعمل على الارتقاء بالوعي السياسي العربي، ليغدو مهتمّا بقيم كثيرة كان يفتقدها في السابق، مثل حرية التعبير والموضوعية والاهتمام بالرأي الآخر، التي هي جزءا من أصول ومبادئ الرسالة التي تعمل قناة الجزيرة على تحقيقها. هل يمكن أن نتعرّف على مصادر تمويل الموقع؟ وهل له ميزانية مستقلة؟ موقع الجزيرة نت جزءا من قناة الجزيرة، وبالتالي فإن تمويله يتم من ضمن ميزانية قناة الجزيرة نفسها، وعلى الرغم من أن هدفه الرئيسي ليس تجاريا كما أسلفنا، فإنه بدأ يعطي مردودا ماليا وإن كان محدودا من خلال الإعلانات، ويتوقع أن يزداد هذا المدخول في المستقبل القريب، من خلال تقديم عدد من الخدمات الإلكترونية المبتكرة. هل الموقع يسوّق الخبر أو المعلومة لجهات أخرى، وإذا كان ذلك كذلك فهل يسهم ذلك في تموين الموقع وإنعاشه؟ الجزيرة نت لا يسوّق أخباره أو خدماته لأي جهة كانت، وهو يستمدّ استقلاليته المهنية من خلال الاستقلالية الواضحة، التي تتميز بها قناة الجزيرة نفسها التي وصلت إلى قمة هرم الفضائيات العربية على الرغم من مواردها المالية المحدودة. من أي شريحة هم المتصفحون لموقع الجزيرة نت؟ المتصفحون أو الزائرون لموقع الجزيرة نت هم من كل الطبقات التي تستخدم الإنترنت، وبالطبع فإن فئة المثقفين والطلاب شريحة مهمة من هؤلاء الزوّار، ويتوزعون في شتى بقاع العالم، وخصوصا في أوروبا وأمريكا إضافة للعالم العربي. الاستطلاعات التي تنشرونها من وقت لآخر هل تعتمدون في إنجازها على أسس علمية، أم هي عملية تقديرية فحسب، وتستندون فقط على المتصفّح الخليجي؟ استطلاعاتنا مستمرة ولا تنقطع إذ أن كل استطلاع يبقى على الموقع لثلاثة أيام في العادة، وهو ليس استطلاع علميا بالمعنى المتعارف عليه، بل هو استطلاع إلكتروني يستطيع أي زائر الإدلاء برأيه فيه، ومع ذلك فنحن نضمن دقة النتيجة التي يقدّمها، إذ لا يستطيع أحد أن يصوّت أكثر من مرة في التصويت الواحد، من نفس جهاز الكمبيوتر، ولأن الموقع مفتوح للجميع دون قيود، فلا يمكن القول أنه موقع للمتصفّح الخليجي بل تشير أرقام الحركة المتوفّرة لدينا، إلى أن أعداد الزوار والمشاركين في التصويت من أوروبا وأمريكا وغيرهما من مناطق العالم أضعاف المشاركين من منطقة الخليج. هل يسبّب لكم الموقع بعض المشاكل مع بعض الأنظمة، وهل ممكن أن تعطونا بعض الأمثلة على ذلك؟ طبيعة العمل على الإنترنت تختلف كثيرا عن طبيعة عمل قناة الجزيرة، فغالبية المشاكل والإحراجات التي تعرّضت لها القناة، كانت بسبب البرامج الحيّة التي تبثّ على الهواء مباشرة والتي يستحيل السيطرة على مجريات النقاش فيها، كما هو معلوم إذ لا يستطيع مقدّم البرنامج السيطرة على مداخلات الضيوف أو المشاركين عبر الهاتف، أما في الموقع فليس هناك من احتمال لظهور مثل هذه المشكلات، إذ يمكن السيطرة عليها والتحكّم بها قبل نشرها. *************************** نشر في مجلة مرايا / ماي2005 مجلة العصر / 31 – 5 – 2005 تونس نيوز / 1 جوان 2005 الحزب الديمقراطي التقدمي / 2 – 6 – 2005 الحوار نت / 2 – 6 – 2005