تسعى حركة النهضة و حلفاؤها إلى مواجهة حركة نداء تونس وشعبيتها الواسعة في الشارع التونسي بالنبش في التاريخ، وربط الحركة وزعيمها ببعض الأحداث التي جدّت في سياق زمني وسياسي مختلف عن الواقع الجديد في البلاد، حيث تحاول العودة إلى التاريخ بالاستفادة من حالة الصراع اليوسفي البورقيبي التي عرفتها تونس بعد الإعلان عن الاستقلال لتبرئة نفسها من أحداث جربة الأخيرة، حيث قالت إن «اليوسفيين أرادوا التعبير عن جرحهم التاريخي عندما انتفضوا ضد اجتماع حركة « نداء تونس» التي يتزعمها الباجي قائد السبسي أحد وزراء المرحلة البورقيبية، بينما أكدت أسرة صالح بن يوسف أن لا علاقة لها بالحادث، وأن أفرادها يعيشون بين العاصمة تونس والولايات المتحدة الأميركية. ويرى المراقبون أن السبب الرئيس في ذلك يعود إلى أن حركة النهضة تنطلق من فكر متناقض تماما مع فكر الحبيب بورقيبة الذي بنيت عليه أسس الدولة التونسية الحديثة، وخاصة في ما يتعلق بالحريات الشخصية وحرية المرأة والعلاقات الخارجية وموضوع الهوية الوطنية، فيما يعتقد الإسلاميون أن فكر بورقيبة لا يزال يمثل حاجزا أمام سيطرتهم على مؤسسات الدولة والشارع التونسي، وأن الباجي قائد السبسي يمّثّل امتدادا لهذا الفكر، لذلك تتهم حركة نداء تونس بأنها «تجمّع جديد»؛ بمعنى أنها تحمل نفس الأفكار والمبادئ والثوابت التي كان الحزب الحاكم في عهد بورقيبة ثم في عهد بن علي يتبناها، وهو ما تسبب في تحول الخلاف السياسي بين النهضة و نداء تونس إلى عداء عقائدي ستكون له نتائج حاسمة خلال المرحلة المقبلة. وأكدت أسرة صالح ين يوسف أن لا علاقة لها بالحادث، وأن أفرادها يعيشون بين العاصمة تونس والولايات المتحدة الأميركية، منددة بمحاولات الزج بها في حالة الصراع السياسي الدائرة في البلا حيث أكدت أنها تحتفظ بعلاقات طيبة مع قائد السبسي و في العام 1962 تعرّض الحبيب بورقيبة إلى محاولة انقلاب من قبل عناصر من الجيش، حيث تحاول حركة النهضة الربط بين قادة تلك المحاولة والحركة اليوسفية لتوريط السبسي الذي كان قد تولى مهمة مدير الأمن الوطني في يناير 1963، واتهامه بتعذيب المتورطين، غير أن المناضل الحقوقي علي بن سالم الذي كان من بين المتهمين أعلن أنه قضى عشرة أعوام سجنا، وأنه لم يتعرض للتعذيب، وأضاف أنه وبعد خروجه من السجن بأيام قليلة تلقى دعوة من الحكومة للعودة إلى عمله، كما أثبتت الوثائق المنشورة أن لا علاقة للمتورطين في المحاولة الانقلابية بالحركة اليوسفية، وأن الربط بينهما تعسف على التاريخ وسعي لتوظيفه لخدمة أهداف حزبية وإيديولوجية ضيقة. ويرى الباجي قائد السبسي أن «الثورة ضد نظام الفساد والاستبداد في عهد بن علي، ورغم أنها كانت ثورة اجتماعية بالأساس رفعت شعارات التشغيل والتنمية، تحولت عند حركة النهضة وحلفائها إلى ثورة ضد الدولة الوطنية طيلة 55 عاما، بهدف تبرير محاولات الانقلاب على مفهوم الدولة والقيم الحداثية التي أرستها والنموذج المجتمعي الذي اتفق عليه التونسيون»، وأضاف أن «بن يوسف لم يكن إخوانيا مثل حركة النهضة، وإنما كان حليفا لجمال عبدالناصر، حيث كان زعيما للحزب الحر الدستوري ورفيق كفاح لبورقيبة طيلة 20 عاما قبل أن يختلفا سياسيا، وليس فكريا كما يعتقد البعض».