تشهد هذه السنة 2017 ذكريات أحداث أليمة استهدفت الوطن العربي والعالم الإسلامي عامّة والفلسطينيين خاصة، وهي على التوالي الذكرى العشرون بعد المائة لانعقاد المؤتمر الصهيوني الأول (29/08/1897)، والذكرى الواحدة بعد المائة لمعاهدة سايكس – بيكو السرية (15/05/1916)، والذكرى المائوية لوعد بلفور (02/11/1917)، والذكرى السبعون للقرار الظالم والقاضي بتقسيم فلسطين (29/11/1947) إلى دولة يهودية (حسب تسمية الأممالمتحدة، والتي تضم %57 من أرض فلسطين) ودولة عربية (لا تتجاوز مساحتها %43 مما كانت عليه). وبالرغم من أنّ هذا القرار الأخير كان صادرا عن الجمعية العامة فقد وقع تطبيقه بصفة إلزامية على الفلسطينيين وكأنه صادر عن مجلس الأمن، في حين أن القرار 194 الصادر أيضا عن الجمعية العامة، بعد مقتل المبعوث الأممي الكونت فولك برنادوت FOLKE BERNADOTTE من طرف الصهاينة، والقاضي بعودة المطرودين الفلسطينيين (700000 نسمة) إلى ديارهم لم يتمّ تطبيقه بل سكتت عنه الدول العظمى. في هذا التسلسل للأحداث والذي حبكته إستراتيجية كان منطقها نصب العداء للعرب و المسلمين، يصبح من واجب قارئ التاريخ أن يتساءل عن الفكرة الرئيسية التي كانت وراء كل هذه الأحداث والخيط الرابط بينها جميعا. ونحن نعتقد أن للتاريخ منطقا لا يمكن لأحد إدراكه ما لم يتطرق إلى تاريخ الأفكار ليتعمق فيها ويكتشف كنهها. لذا علينا ألاّ نكتفي بتاريخ الأحداث مهما كان مصدرها، ومهما كانت صحتها ودقتها. في هذا الإطار يبقى مؤتمر كامبل بنرمان، الذي دام سنتين (من 1905 إلى 1907) وشاركت فيه كل البلدان الاستعمارية، محطة فكرية مفصلية ضمن كل الأحداث التي ذكرناها والتي قد تحدث مستقبلا… تلقى هذه المحاضرة يوم الخميس 19 أكتوبر 2017 في الحادية عشرة صباحا بمقر مركز جامعة الدول العربية بتونس