هل أن الناجحين في مناظرة الكاباس 2017 ،في حاجة إلى شهادة الماجيستير المهني في علوم التربية، والحال أن أغلبهم متحصلين على شهائد ماجيستير بحث، ودكتوراه؟وهل أن الدخول للتدريس في المعاهد و المدارس الإعدادية، في تونس، يقتضي بالضرورة، حصولك على شهادة الماجستير المهني في علوم التربية، حتى تتحصل على صفة "أستاذ"؟أ لا يمكن اعتبار شهادة الماجيستير المهني عقبة لجأت إليها الوزارة للتمديد في فترة بطالة حاملي الشهائد؟ أ لا يمكن اعتبار الماجيستير المهني شهادة على الفساد المعشش في وزارة التربية من زمن بعيد؟ أ لم يحن الوقت بعد لفتح ملفات الفساد داخل هذه الوزارة، ومحاسبة الفاسدين، ناهيك و أن مدارسنا و معاهدنا ذهبت ضحية لقرارات ارتجالية خاطئة، جعلت أغلب التلاميذ ينقطعون عن الدراسة، واتباعهم مسالك الانحراف والفساد؟ لكي نصل إلى أجوبة قاطعة و نهائية عن هذه الأسئلة الكثيرة، والمعقدة، يجب أن نعرض أمام الرأي العام، إحدى المظالم التي نفذتها الوزارة على الناجحين في مناظرة الكاباس 2017،فنذكر مظاهرها وأسباها، وننبه إلى مخاطرها على المشهد العام. في شهر فيفري الماضي أقر الوزير السابق ناجي جلول، انتداب حوالي 3000 أستاذ تعليم ثانوي، يمرون بفترة تكوين بيداغوجي لم تحدد مدتها،ولا شروطها،وذلك بعد اجتيازهم مناظرة بالاختبارات وفق ثلاث مراحل ( QCM. Ècrit. ORAL) ،يلتحقون بعدها للتدريس داخل المعاهد الثانوية والمدارس الإعدادية.وقتئذ تقدم أكثر من 13000 حامل لشهادة عليا لاجتياز هذه المناظرة، بعد أن طالت بطالتهم ، وانسددت أمامهم آفاق التشغيل. وبعد أن تم الإعلان عن النتائج النهائية لهذه المناظرة، في منتصف شهر سبتمبر 2017،وتم التصريح بقبول حوالي 2910 أستاذ،وكان الناجحون يتهيؤون للالتحاق بمراكز تعيينهم، تفاجأوا بوزارة التربية، وهي تدعوهم إلى الالتحاق بمقاعد الدرس، وليس التدريس.وقد وضعت لهم برامج تعليمية كالتي كانوا قد تلقوها خلال فترة دراستهم، وقبل التخرج من الجامعة.ولعل ما زاد في غموض هذا البرنامج هو احتكامه إلى نظام الأرصدة، و إمكانيتي النجاح و الرسوب. ولعل أكثر من ذلك، أن الناجحين في شهادة الماجيستير المهني في علوم التربية، لا يحق لهم المطالبة بالانتداب المباشر، و إنما سيلتحقون بالمعاهد على دفوعات وحسب حاجيات الوزارة. إن كل هذه القرارات جعلت الناجحين، يتجهون إلى وزارة التربية، بغية معرفة أسباب هذه القرارات المسقطة، لكن الوزارة رفضت الجلوس إلى طاولة الحوار، واكتفت بإنزال بيانات هزيلة، لا تدل على جديتها في التعامل مع ملف حارق وحساس كهذا.وحتى تصريحات بعض المسؤولين التابعين لها لم تحمل إجابات واضحة،وظلوا يدورون في حلقة مفرغة. وبعد أن اكتشف الناجحون نية الوزارة في الانقلاب عليهم، وتلاعبها بالقانون لحرمانهم من الانتداب لمدة سنتين على الأقل، إرضاء لصندوق النقد الدولي، وتنفيذا لتوصياته الرخيصة، قاموا بثلاث تحركات احتجاجية، أمام الوزارة، رافعين شعار " الانتداب الآني +التكوين المستمر"،لكن هذه الآخيرة، واصلت سياسة الهرب إلى الأمام،ونعتت الأساتذة الناجحين والمحتجين ب" المتجمهرين"، و استنجدت بقوات البوليس، لقمعهم و إسكات أصواتهم، لكن الأساتذة الناجحين، واصلوا في الدفاع عن مطلبهم،وأقروا بتعرضهم إلى مظلمة كبيرة من طرف الوزارة، ودعوا إلى تحرك وطني أمام مجلس نواب الشعب يوم الثلاثاء المقبل، الموافق ل17 أكتوبر 2017،مطالبين الوزارة بفتح باب انتدابهم، في المقابل واصلوا اتصالاتهم المكثفة بالمنظمات الحقوقية، والنقابية، ومكونات المجتمع المدني من نواب الشعب و رؤساء أحزاب و جمعيات ،للوقوف إلى جانبهم، ورفع هذه المظلمة عليهم. لقد كشفت لنا مناظرة الكاباس 2017،عن حجم الفساد الذي يعشش داخل وزارة التربية التونسية منذ سنوات بعيدة، وانقلاب المفاهيم و الأهداف، فبعد أن كانت مناظرة الكاباس حلا لحاملي الشهائد العليا، من أجل الدخول إلى الوظيفة العمومية، أصبحت كابوسا يهدد جميع المعطلين، لأنه كالوحش يترصدهم،يحرمهم من حق الحياة،ويلقي بهم في مستنقع الفساد والعفن. عادل كريمي باحث جامعي